لا يغيب الميدان السوري عن الاعلام العبري، إذ ما يحدث في الساحة السورية يؤثر بشكل واسع جداً على الأمن الإسرائيلي، وتحديداً ما يتعلق بإمكان انسحاب الانجازات التي تحققها دمشق وحلفاؤها شمالاً، في منطقة حلب، الى الجنوب السوري، والمنطقة المتاخمة للحدود في الجولان.
التعليقات الإسرائيلية بدأت تتجاوز مرحلة استعادة الجيش السوري حلب وريفها، وتتطلع إلى إنجازات مرحلة ما بعد المدينة. وكتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، أنّ المسألة من ناحية إسرائيل أنها تتطلع إلى استراتيجية القضم التي بدأها الجيش السوري بمؤازرة من حلفائه وسلاح الجو الروسي، و«صحيح أن حلب هي الاكثر أهمية بالنسبة إليهم (الجيش السوري) إلا أنّ أيّ إنجازات في منطقة درعا جنوباً، القريبة من الحدود الاردنية، تنظر إليها إسرائيل باعتبارها مسألة تتعلق بها، وإن بصورة غير مباشرة، إذ لا يُستبعد أن يتوجه النظام السوري ما بعد منطقة درعا، إلى منطقة الجولان السورية».
وتلفت الصحيفة إلى أنّ «المرحلة المقبلة قد تكون شنّ معارك باتجاه السيطرة على الجولان، حيث تتمركز فصائل المعارضة هناك بالقرب من الحدود الاسرائيلية. وسيطرة الجيش السوري وحزب الله والايرانيين، بمؤازرة من سلاح الجو الروسي، وضع غير مناسب لإسرائيل، لأن الطائرات الروسية ستعمل بالقرب من الحدود وستضع (آلية التنسيق) قيد الاختبار الفعلي، وإذا انتصر التحالف السوري الروسي في الجولان السوري، فقد يعمد الايرانيون وحزب الله الى فتح جبهة فعالة ضد اسرئيل، مع الافتراض أن الجانب الروسي لن يعارض ذلك، خاصة إذا قدّر أن هناك حرصاً على تنفيذ عمليات لا تجرّ إلى مواجهة عسكرية شاملة».
من جهتها، حذرت صحيفة «هآرتس» من أنّ المعركة التي يشنّها الجيش السوري وحلفاؤه لاستعادة السيطرة على حلب، فضلاً عن حصارها في الاساس، «هي إشارة واضحة جداً إلى انهيار سياسات (الرئيس الاميركي باراك) أوباما في الشرق الاوسط»، وهي إشارة إضافية إلى «إزالة القناع عن التبجّحات الكاذبة التي تسوقها الادارة الاميركية الحالية حيال المنطقة».
وعلى غرار ما ذهبت اليه «يديعوت أحرونوت»، حذرت «هآرتس» من أن انتصار الجيش السوري في حلب قد «يدفع (الرئيس السوري بشار) الاسد الى التحرك سريعاً باتجاه تحقيق إنجازات مماثلة في الجنوب السوري، وأيضاً في شمالي غربي سوريا. ومن جهة واشنطن، فإنها تنظر الى هذه التطورات بقلق، لكن أيضاً بضعف وخيارات محدودة، في الوقت الذي يغرق فيه الجمهور في الولايات المتحدة في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الاميركية».
وبحسرة لافتة، عادت «هآرتس» بالذاكرة الى الوراء، ورأت أن بذور التغيير في السياسة الاميركية تجاه سوريا بدأت قبل مجيء سلاح الجو الروسي، وتحديداً في آب عام 2013، عندما هدّد أوباما بقصف دمشق بعد الهجمات الكيميائية، لكنه اضطر أخيراً الى التراجع، و«هناك تقدير منطقي يرى أن ضبط النفس الذي أبداه الاميركيون في حينه، أمام تجاوز الخطوط الحمراء، أشار للأسد إلى أنه ليس لديه ما يخشاه من الغرب».
وفي إطار الحسرة نفسها، شددت الصحيفة على «ضيق ومحدودية الخيارات» الموجودة لدى الادارة الاميركية في ما يتعلق بحصار حلب، و«الادارة التي فشلت في تسليح المعارضة السورية، يدور حولها شر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كبير في أن تتبنى اقتراحات أطلقت في الايام الاخيرة حول هذه المدينة، ومن بينها إعلان منطقة حظر جوي فوقها... الكتابات في الاعلام الاميركي تتسابق في وصف فشل واشنطن في سوريا، على ضوء الوضع المستجد في حلب، وعلى الإفلاس والعار، وحتى السياسة المخجلة للإدارة الأميركية».