بالتزامن مع إحراز الحوثيين تقدماً في المدن والمحافظات اليمنية، يوماً بعد يوم، تزداد الخشية السعودية على نفوذها على اليمن. وبدأ الهجوم السعودي المضاد يظهر على أكثر من جبهة، في محاولةٍ لمنع الحوثيين من التوسع باتجاه حدود المملكة، أو باتجاه المناطق الاستراتيجية وتلك التي تضم حقول النفط اليمني. وقد يمثل «إيقاظ» تنظيم «القاعدة» وإعلانه حرباً مفتوحة على جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) تحت شعارٍ مذهبي، للمرة الأولى في تاريخ التنظيم المتطرف في البلاد، أحد فصول «الردع» السعودي الذي تعتمده المملكة لضرب الجماعة.
في هذا الوقت، بانت أولى الإشارات الأمنية لعهد الحكومة الجديدة، حيث توعّد وزير الدفاع محمود الصبيحي المقرّب من «الحراك الجنوبي»، أمس، كلاً من المجموعات الإرهابية والتخريبية، في إشارةٍ مبطنة إلى الحوثيين.
في هذا الإطار، أفادت مصادر يمنية خاصة لـ«الأخبار» عن ماهية الهجوم السعودي الذي يتصاعد على ثلاثة محاور: أولاً، دعم التنظيمات التكفيرية بالمال والسلاح لمقاتلة الحراك الذي يقوده الحوثيون تحت عنوان مذهبي، وهو «قتال الشيعة»، لزعم أن من انتفضوا في الأشهر الماضية مع الحوثيين، ينتمون كلهم إلى الطائفة الشيعية. والثاني، رفع «العطاءات» لشيوخ القبائل لاستعادة ولائها، بعدما أيدت غالبيتها الانتفاضة الأخيرة التي نفذها الحوثيون، وثالثاً، دعم التيارات والأحزاب الانفصالية، بخاصةٍ «الحراك الجنوبي» عبر إغداق الأموال عليه.
وتابعت المصادر بالتأكيد أن السعودية تسعى إلى الإمساك باليمنيين المقيمين في الخارج وتجنيدهم في معركتها. وفي هذا السياق، عُقد اجتماعان خلال الأيام القليلة الماضية في السفارة السعودية في القاهرة، ضمّا مسؤولين فيها و٥٥ طالباً يمنياً مقيمين في القاهرة. وتفيد المعلومات المستقاة من مصادر يمنية مطلعة بأن السعوديين دفعوا لكل من هؤلاء مبلغاً قدره ١٥٠٠ دولار أميركي في محاولة لتشجيعهم على الانضمام إلى جهودهم ضد الحوثيين في اليمن. واللافت أن "السفارة استحصلت على أسماء هؤلاء اليمنيين من إدارة التعليم العالي المصرية، وذلك بعلم الأجهزة الأمنية المصرية التي لم تمانع".
ميدانياً، لا تزال المواجهات بين «القاعدة» والحوثيين مستعرة في منطقة رداع، في محافظة البيضاء وسط البلاد، حيث يخوض التنظيم المتطرّف، مسنوداً بقبائل، حرباً مع «أنصار الله»، أدّت خلال الـ 48 ساعة الأخيرة فقط إلى مقتل 36 مسلحاً من الحوثيين وأربعة من مسلحي القبائل، بحسب مصادر.
من جهةٍ أخرى، أفرجت جماعة «أنصار الله»، أمس، عن 38 معتقلاً من حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (إخوان مسلمون) تم احتجازهم من المقر الرئيسي للحزب في مدينة إب وسط اليمن، بحسب مسؤول محلي.
على الصعيد السياسي، وفي أول تصريح له، أعلن وزير الدفاع في الحكومة الجديدة محمود الصبيحي، أمس، أن قوات الجيش والأمن «ستستعيدان دورهما الريادي في حماية السيادة الوطنية وحفظ الأمن في البلاد». وقال الصبيحي المقرّب من «الحراك الجنوبي»، إن الظروف الحساسة التي يمر بها اليمن «تتطلب رفع درجة الاستعداد لمواجهة القوى الإرهابية والتخريبية»، داعياً إلى بذل الجهود «لإخراج اليمن إلى بر الأمان وتنفيذ اتفاقية السلم والشراكة» التي وقّع عليها مختلف الأطراف السياسية في 21 أيلول الماضي.
إلى ذلك، لا تزال تداعيات العقوبات التي أقرها مجلس الأمن والإدارة الأميركية على الرئيس السابق علي عبد الله صالح وقياديين حوثيين، تتفاعل، حيث طالب مجلس النواب اليمني، أمس، بوقف هذه العقوبات التي تُعَدّ «تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية اليمنية». وأشار البرلمان في بيانٍ إلى أن العقوبات لا تزيد الأمر إلا تردياً وصعوبة وتضاعف المشكلات القائمة وتعرض التسوية السياسية في اليمن لمزيد من التعقيد.

(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)