لا تغيب عن بال الاحتلال مراقبة مآلات التصعيد السياسي والميداني الذي يقوده ضد احتجاجات شعبية فلسطينية، وبرغم ذلك، لا تجد السلطة الفلسطينية رداً على القمع الإسرائيلي سوى المزيد من التنسيق الأمني، الذي يرمي إلى منع تمدد التظاهرات الشعبية حتى كامل مدن الضفة، بعدما اشتعلت في القدس والأراضي المحتلة.وبرغم الاتهامات التي يواصل رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، توجيهها إلى رئيس السلطة، محمود عباس، التقى قائد المنطقة الوسطى ورئيس الإدارة المدنية في جيش العدو مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى في السلطة، أكدوا له أن في نيتهم اتخاذ خطوات تؤدي إلى تهدئة الجمهور.

ونقل موقع «واللاه» العبري أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين نقلوا إلى ضيوفهم الفلسطينيين أنهم في إسرائيل لا ينوون التصعيد، لكن الأجهزة الأمنية ستبادر إلى خطوات تؤدي إلى تهدئة الأجواء. أما المسؤولون الفلسطينيون، فشددوا على أنهم مع توجيه رسالة تهدئة، لكنهم حذروا من أن السلطة ستواجه صعوبة في مواجهة التصعيد إذا واصلت إسرائيل ما تفعله، وخاصة المس بالمسجد الأقصى ومصادرة الأراضي في الضفة لمصلحة المستوطنين.
ومثل الطرف الإسرائيلي قائد المنطقة الوسطى اللواء نيتسان الون، ورئيس الإدارة المدنية العميد ديفيد مناحيم، فيما حضر عن الفلسطينيين رئيس الاستخبارات العامة ماجد فرج، والقائد العام للشرطة حازم عطا الله، إضافة إلى مسؤولين آخرين.
الموقع العبري أضاف أن القادة الإسرائيليين حرصوا على تأكيد أنهم لا ينوون اتخاذ خطوات أمنية «أكثر قسوة»، وأن قواتهم تعمل للمحافظة على الهدوء، كما نقلوا عن القيادة السياسية رسالة مفادها أنه ليس في نيتهم تغيير الوضع القائم في الأقصى. ونقل «واللاه» أنه جرى بعد اللقاء اتصال هاتفي بين منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية في الضفة اللواء يوآلآف مردخاي، ووزير الشؤون المدنية في السلطة حسين الشيخ، كما قال مصدر فلسطيني للموقع إن اللقاء «كان إيجابيا وظهر أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مهتمة بإعادة الهدوء»، لكن المصدر استدرك قائلا: «لست واثقا بكون المستوى العسكري (الأمني) يعكس موقف المستوى السياسي في إسرائيل».
في السياق، أكد مسؤولون أمنيون إسرائيليون تحدثوا لصحيفة «يديعوت احرونوت» أنهم لا يرون «حراكا جماهيريا واسعا في الضفة، فالجمهور الفلسطيني خامل عموما، ولا نرى تظاهرات ضخمة كما الانتفاضة الأولى والثانية». وبرغم ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن محمود عباس يتعرض لضغوط من قيادات فلسطينية لوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال.
وفي ظل ما يقال عن التناغم الأمني والميداني للسلطة مع أجهزة أمن العدو، فإن المستوى السياسي الإسرائيلي يواصل هجمته على «أبو مازن»، والجديد في هذا الإطار ما صدر على لسان وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، الذي رأى أن «حملة التحريض التي يجريها رئيس السلطة أسوأ من تلك التي تفعلها حماس». وقال ليبرمان إن على إسرائيل «الانتظار لانتخاب قائد فلسطيني جديد قبل التفاوض مع رام الله، لأن عباس ليس شريكا للسلام». وذلك بعد أقل من يوم على وصفه رئيس السلطة بأنه «كاره لليهود»، كما قال إنه «ما من فرق بين عرفات وأبو مازن... كلاهما يؤمن بالإرهاب ويدعمه»!