القشة التي قصمت ظهر المصريين قبل خمس سنوات وأيضاً في احتجاجات الأطباء، هي رجل الأمن. اعتاد أمناء الشرطة التعدي على المواطنين دون محاسبة، إلى أن جاء الاعتداء على طبيبين في مستشفى المطرية العام قبل أيام، ما تسبب في غضب الأطباء في الجمهورية، فحشدوا نحو 13 ألفاً في جمعيتهم العمومية غير العادية التي عقدت في مقر نقابة الأطباء أمس.في المقابل، جاء قرار النيابة الإفراج عن أمناء الشرطة المتهمين بالاعتداء ليكون دفعة لاحتشاد عدد كبير، ليس من الأطباء فقط، بل معهم مئات المتضامين من أعضاء النقابات وغيرهم من «ثوار 25 يناير». فشهد مقر النقابة الذي يبعد عشرات الأمتار عن ميدان التحرير (رمز الثورة المصرية)، حشودا غير عادية، كما عادت هتافات «يناير» وأبرزها: «الداخلية بلطجية».
حصلت غالبية قرارات الأطباء الاحتجاجية على موافقة بالإجماع

المشهد، الذي أعاد للأذهان احتجاجات الثورة، لم ينل إعجاب كاميرات القنوات المصرية التي تجاهل بعضها ما حدث تماما، واكتفت أخرى بنقل صورة عابرة لا تتعدى بضع ثوان. عموماً، فإن ١٨ قراراً اتخذتها الجمعية العمومية غير العادية للأطباء، التي استمر انعقادها لما يزيد على سبع ساعات، من أبرزها الموافق على قرار الإضراب الجزئي في المستشفيات، وأيضاً مطالبة مجلس النواب بتشريع يجرم ويشدد عقوبة الاعتداء على المؤسسات الطبية، لتصير جنائية لا جنحة، وكذلك تقديم الخدمات بالمستشفيات العامة دون أجر حتى لا يتأثر المريض.
ووافق الأعضاء على مطالبة رئيس الوزراء بإلزام وزارتي الصحة والتعليم العالي، والشرطة، عمل محاضر التعدي بواسطة مديري المستشفيات، ومحاسبة نقابة الأطباء أي مدير مستشفى يتعسف في ذلك، ثم صوّت أعضاء الجمعية العمومية على رفض اعتبار المستشفيات، مؤسسات عسكرية. والموافقة بالإجماع شملت «المحاكمة الجنائية العاجلة لأمناء الشرطة ومتابعة جميع خطوات التحقيق، واتخاذ مجلس النقابة ما يراه مناسبا».
مطلب آخر رفعه الموجودون في الاحتجاج، هو إقالة وزير الصحة وإحالته إلى «لجنة آداب المهنة» لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأطباء في المستشفيات التابعة للوزارة، وقد هتف الحضور «ارحل ارحل». ووافقوا أيضاً بالإجماع على مطالبة الوزير بوضع كاميرات مراقبة في أقسام الاستقبال، ومنع دخول أي فرد مسلح إلى المستشفى، بخلاف قوة التأمين.
في المقابل، حاول رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، احتواء الموقف، معلناً «أهمية استكمال التحقيقات الجارية في واقعة الاعتداء على أطباء مستشفى المطرية، ومعاقبة المخالفين والمدانين فيها»، كما شدد إسماعيل على حرص الحكومة على الحفاظ على كرامة المواطن ومنع أي اعتداء عليه، لكنّ التصعيد شمل في الإطار مطالبة جميع الأطباء بإغلاق العيادات الخاصة يوم السبت التاسع عشر من آذار المقبل، أي بعد «يوم الطبيب» مباشرة، أو جعل هذا اليوم للكشف المجاني على المواطنين.
في سياق موازٍ، يدور احتجاج آخر في السجون المصرية بعدما نقلت «التنسيقية المصرية للحقوق والحريات» بياناً من سجن وادي النطرون الشديد الحراسة والمخصص للسياسيين، أن الموجودين فيه يتعرضون لـ«حملة همجية من إدارة السجن وخاصة ضباط المباحث، ما دفعهم إلى بدء إضراب عن الطعام». وأوضح البيان أن عدداً من كبار السن تعرضوا للإهانة والسب والتعدي على الشباب بالضرب والتعذيب والحبس الانفرادي والتجريد من الملابس نتيجة اعتراضهم على زيادة الأعداد في الزنازين بصورة كبيرة وغياب أماكن للنوم، فضلاً عن انتشار الأمراض الجلدية والصدرية. كذلك داخل سجن طرة الشديد الحراسة (العقرب)، أعلن عدد من الأهالي إبلاغ ذويهم لهم بدء إضراب عن الطعام بسبب عودة الأوضاع السيئة مرة أخرى.
أما على الصعيد الخارجي، وفي ما يخص المستوى الأفريقي ــ المصري، فقد تسببت الخلافات حول صياغة المسودة النهائية لعقود المكتبين الاستشاريين لتنفيذ دراسات سد النهضة الإثيوبي، بين وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا، أمس، في تأجيل موعد التعاقد مع المكاتب، وبذلك تعود الأمور إلى كل بلد لدراسة الأمر مجدداً. واتفق الوزراء الثلاثة على عقد اجتماع جديد للمفاوضات الفنية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وذلك لبحث الصيغة النهائية للعقود التي ستوقّع مع المكتبين الاستشاريين «بي. آر. إل» و«أرتيليا» الفرنسيين، المنفذين لدراسات السد، والمتوقع في نيسان المقبل.
وكشفت مصادر سودانية، في تصريحات أمس، عن أنه لم يحدَّد موعد للتعاقد مع المكتبين الاستشاريين الفرنسيين لتنفيذ الدراسات خلال اجتماعات «اللجنة الوطنية الختامية» المنعقدة في الخرطوم، برغم وضع السودان لوحة إعلانية في قاعة المؤتمرات توضح أنه حفل توقيع. وأوضحت المصادر أن هذا الأمر «يُلقي بظلال من الشك حول نتائج الجولة الحالية من المفاوضات في حسم موعد التعاقد وإمكانية بحث التعاقد على هامش الجولة المقبلة في المفاوضات في أديس أبابا خلال أيام».