دمشق | في الآونة الأخيرة، سرت شائعات كثيرة في العاصمة وريفها حول الإجراءات الإدارية المرتبطة بالتجنيد الإجباري وبإمكانية طلب مجنّدي الاحتياط إلى الوحدات العسكرية المقاتلة. القلق الذي خلقه الغموض في هذه المسألة يطاول اليوم كل القادرين على حمل السلاح، الذين هم وفقاً للقانون، الذكور من مواليد 1995 حتى 1973، وخصوصاً مع تشديد الحواجز الأمنية في العاصمة وريفها إجراءات التدقيق في الأوراق، التي تثبت إما تأجيل الالتحاق بالخدمة العسكرية، بداعي الدراسة أو السفر أو الإعالة، أو كون الذين أنهوا خدمتهم العسكرية مطلوبون كمجنّدي احتياط إلى وحداتهم التي خدموا فيها ضمن اختصاصاتهم السابقة، إضافة إلى صدور توصيات حكومية بتدقيق الأوضاع العسكرية للعاملين في الدولة.
ونتيجة لذلك، كثُرت الأقاويل حول هذا الموضوع حتّى بلغت ذروتها مع شائعات مفادها أن «الحكومة ستعلن قريباً نفيراً عاماً لكل القادرين على حمل السلاح»، وأخرى تقول إن «الحواجز العسكرية ستجنّد الشبان بمجرد وصولهم إليها»، بالرغم من ذلك لم تنفِ أيّة جهة رسمية حتّى الآن تلك الروايات، باستثناء بعض صفحات التواصل الاجتماعي المحلّية، التي نشرت توضيحات غير موثّقة. مصدر مطّلع كشف لـ«الأخبار» عن بعض الإجراءات التي يُعمل فيها حالياً: «الأشخاص الذين يجري توقيفهم على الحواجز هم المتخلّفون عن الخدمة العسكرية أو الخدمة الاحتياطية. ولم يجرِ استدعاء كل من أدوا الخدمة إلى الاحتياط، بل في اختصاصات محدّدة ونوعية». يضيف المصدر: «أمّا المتهربون من الخدمة الاحتياطية من العاملين في الدولة، فتصدر في حقهم قرارات فصل ويلتحقون بوحداتهم. أما من التحق منهم مباشرة، فتحق له العودة إلى عمله بعد انتهاء الخدمة». ونفى المصدر إحدى الشائعات التي تقول إن «الحكومة تعتزم تسريح المحتفظ بهم في الجيش بعد انتهاء خدمتهم، والاستعاضة عنهم بمجنّدي الاحتياط».
ولجأ بعض الشبان ممن انتهت مدة تأجيل خدمتهم إلى إجراءات احترازية، كالتأجيل بداعي السفر، الذي يعني طلب مهلة تراوح بين 6 و9 أشهر للسفر خارج البلاد مقابل دفع كفالة تبلغ 50 ألف ليرة سورية (250 دولاراً)، يقول أحدهم لـ«الأخبار»: «بعد كلّ ما سَمعت، حسمت خياري بالسفر خارج البلاد مع انتهاء دراستي الجامعية، في السابق كان من الممكن أن نؤجّل الخدمة بالكثير من السبل، أما الآن فيبدو أن هناك تشديداً واضحاً في هذه المسألة». بينما لجأ قسم آخر من الشباب إلى التسجيل لتقديم الشهادة الثانوية بغية الحصول على سبب للتأجيل، ولكن سرعان ما سُدّت هذه الطريق مع صدور المرسوم 350 لعام 2014 الذي نص على ضرورة «اجتياز المتقدمين الأحرار لامتحانات الشهادة الثانوية لاختبار ترشيحي حتّى يجري قبولهم، فيما لا ينطبق الأمر على الطلبة النظاميين».
وبدرجة أكبر، يساور القلق الشريحة العمرية الأكبر سناً ممن أدّوا الخدمة العسكرية في وقت سابق (يصل عمرهم حتى 40 عاماً)، من أن يجري سحبهم إلى الخدمة الاحتياطية، وخصوصاً أرباب الأسر، يقول خالد، وهو أب لثلاثة أولاد، لـ«الأخبار»: «يجب أن يكون واضحاً بالنسبة إلينا إلامَ سيؤول حالنا كعسكريين سابقين، على الأقل لكي نكون مستعدّين لأي احتمال لاحق، وليكون بمقدورنا ترتيب أمورنا الحياتية في هذه الظروف الصعبة». ويضيف: «قبل عام ونصف عام، عندما تحدّث مفتي الجمهورية عن النفير العام من الناحية الشرعية، نفت الأوساط الرسمية أن يكون ذلك الحديث رسالة مبطنة للناس. اليوم يجري التدقيق في أوضاعنا دون أن نعلم ماذا سيحصل».