الأهمية الاستراتيجية التي باتت نبّل والزهراء تحظيان بها ليست مربط الفرس الوحيد في الهجوم العنيف الذي تتعرضان له. يمكن القول إن العامل الاستراتيجي طارئ ومُستجد، من جرّاء التطورات العسكرية في محافظة حلب بالعموم. ولا يمكن تناول محاولات «جبهة النصرة» وحلفائها لاجتياح أقوى مناطق نفوذ الدولة السورية في الريف الشمالي، بمعزل عن الحصار الطويل الذي رزحت تحته، وأسبابه المتعلقة بالانتماء الطائفي.
حصار المنطقة، ومحاولات اجتياحها تالياً، ليست الحالة الأولى المثقلة برمزية الأقليات، دينية كانت أو طائفية، أو حتى إثنية. ويقود استعراض المعارك المماثلة إلى الأمثولة الشهيرة عن «البيضة والدجاجة»، في ظل تقاذف الاتهامات بين أطراف الصراع بـ«استغلال ورقة الأقليات».
الثابت، أن معارك «سوريا الجديدة» لم تترك باباً للشروخ المجتمعية إلا فتحته على مصراعيه. وإذا كان التعميم من دون خوض وافٍ في التفاصيل ضرباً من المجازفة، فالمؤكد في حالة نبل والزهراء أن متزعمي «الحراك» في محيطهما روّجوا منذ الشرارات الأولى لفكرة عزلهما عن «المحيط الثوري».
أمام مقدمات من هذا النوع، يغدو ما أدلى به مصدر من «جبهة النصرة» لـ«الأخبار» حول المعركة الجارية تطوّراً طبيعياً. المصدر أكّد، يوم أمس، أنّ «المعارك لن تتوقف قبل أن يدفع الروافض ثمناً مضاعفاً، لخروجهم عن شرع الله، ولوقوفهم في صف النظام النصيري». المصدر قال إنّ «المعارك تسير وفق خطوات ثابتة ومدروسة. لم نكن نتوقع انهياراً سريعاً، لكن خطة الهجوم مُحكمة، والعبرة في الخواتيم». وفيما أكد المصدر أن المهاجمين «حققوا تقدماً ملحوظاً من الجهة الجنوبية الشرقية»، كان مصدر ميداني آخر من داخل الزهراء ينفي صحة تلك المعلومات.
المصدر أكد لـ«الأخبار» أنّه «رغم الهجوم العنيف، لا تزال الأوضاع تحت السيطرة. لم نحبط الهجوم فحسب، بل شنّت مجموعتان هجوماً معاكساً بغية استعادة السيطرة على بعض النقاط على خطوط التماس في منطقة المعامل». وقال إن «سلاح الطيران شارك في المعركة، لكننا كنا نتوقع فعالية أكبر، خاصة في الضربات التي نُفذت نهاراً». التطورات الميدانية في عمومها لم تُفض إلى تحول دراماتيكي في سير المعارك التي استمرت عنيفةً، من دون حدوث تبدلات فعلية في مربعات السيطرة. وفيما تأكد نجاح المدافعين في تدمير دبابة كانت تشارك في الهجوم، قالت أوساط المهاجمين إن «غرفة مدفعية حلب انضمت بفاعلية إلى المعركة، عبر مشاركتها بالتغطية المدفعية بالتعاون والتنسيق مع جبهة النصرة». وليلاً، أكدت معلومات متقاطعة أن الطيران السوري «استهدف رتل تعزيزات كان متجهاً من حريتان لمؤازرة المسلحين».