بعد أيام من الكشف عن توجّه إماراتي بإشراف أميركي لاستئجار جزيرة سقطرى اليمنية الواقعة في قلب المحيط الهندي، رفع المئات من أبناء الجزيرة أعلام دولة الامارات مع صور أولاد زايد في مهرجان جماهيري عبّروا فيه عن ترحيبهم بأي استثمارات إماراتية في الجزيرة.
وجاء المهرجان قبيل وصول الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي إلى الجزيرة بصورة مفاجئة حيث التقى بعدد من المسؤولين هناك، وبينهم مسؤولون إماراتيون.
ولم يستبعد مصدر محلي في الجزيرة أن تكون زيارة هادي في إطار الترتيب لصفقة تأجير الجزيرة لدولة الإمارات لقاء مشاركتها في العدوان على اليمن، مشيراً إلى أن عزل المحافظ السابق سالم باحقيبة الذي يعدّ من القيادات البارزة في الجزيرة ويحظى باحترام أبنائها، ثم تنصيب العميد سالم عبدالله عيسى السقطري المقرّب من الامارات محافظ بديلاً، يأتي من ضمن الترتيبات الهادفة إلى تأجير الجزيرة للإمارات لـ99 سنة.
وتاكيداً على ذلك، وجّه المحافظ الجديد في مهرجان نظمته «المنظمة الوطنية لشباب أرخبيل سقطرى»، يوم الجمعة الماضي، الشكر للإمارات، ورأى أنه «لا يخفى على الجميع ما قدمته الإمارات، وهي لا تزال تقدم وتعطي الكثير تجاه أبناء سقطرى». وأشار السقطري في كلمته إلى أن هناك «العديد من المشاريع التنموية الخدمية سيتم تنفيذها بتمويل إماراتي خلال الفترة المقبلة».
ورأى مراقبون أن المهرجان يأتي في إطار تهيئة المجتمع المحلي في الجزيرة لتقبّل أيّ قرار قد يصدر بطريقة رسمية أو غير رسمية بشأن الجزيرة في قادم الأيام، مشيرين إلى أن الترتيبات ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى عقود، لا سيما أن 15 ألف أسرة سقطرية تعيش في الإمارات والآلاف من أبناء الجزيرة يحملون جنسيتها، إضافة إلى نشاط أبو ظبي المتصاعد في الجانب الانساني والتنموي في الجزيرة، الذي قد يساهم في تقبّل المجتمع تنفيذ أي صفقة تأجير مقبلة.
في سياق متصل، وجّه «شباب جزيرة سقطرى» «عتاباً» للسلطات اليمنية، محمّلين الحكومات اليمنية المتعاقبة المسؤولية الكاملة عن تجاهل خصوصية الجزيرة السياحية وأهميتها الاستراتيجية والملاحية. واعتبروا ما تشهده الجزيرة من حضور إماراتي وخليجي «ناتجاً من غياب الدولة وحضورها بصورة رمزية». وأكد عدد من هؤلاء الشبان أنّ تمسكهم بـ«يمننة الجزيرة» لم يقابل باهتمام حكومي، بل قوبل بتهميش كبير طيلة العقود الخمسة.
وأكد الناشط الحقوقي والاعلامي، عبد الكريم السقطري، أن الدور الإماراتي لجزر سقطرى «ملموس في كل جوانب الحياة الإنسانية والاجتماعية، في ظل غياب تام لدور الحكومات اليمنية الحالية والسابقة»، التي اتهمها بعدم الالتفات إلى معاناة أبناء الجزيرة أو العمل على التخفيف منها. واتهم السقطري، في حديثٍ إلى «الأخبار»، الحكومات اليمنية بـ«الفشل الذريع في توظيف خصوصية الجزيرة وتعمّدها قهر المجتمع السقطري».
كذلك اتهم الناشط أيضاً الأنظمة السابقة بـ«الوقوف حجر عثرة أمام أي استثمارات متنوعة في الجزيرة». وأشار إلى أن سقطرى تعرضت لـ«التناهب» من قبل نافذين يتقلدون مناصب عليا في الدولة في السابق باسم الاستثمار، مؤكداً أن الاستثمارات الخليجية والعربية والعالمية، وفي مقدمتها الاستثمار الإماراتي، «يجب أن يرحّب به من كل اليمنيين، لتصبح سقطرى وجهة سياحية محلية وعربية ودولية بما لا يتعارض مع واقع الحياة الاجتماعية والبيئية في الجزيرة».
وكانت مصادر غربية قد كشفت عن ترتيبات خفية تجري بين دولة الإمارات وهادي لتأجير جزيرة سقطرى لأبو ظبي لـ99 سنة. وأشارت المصادر نفسها إلى أن الاتفاق «يأتي ضمن ثمن وُعدت به الإمارات مقابل مشاركتها في الحرب على اليمن، وسيتم بإشراف أميركي مباشر»، مشيرةً إلى أن «ظاهر الاتفاق سيكون إنشاء مشاريع اقتصادية استثمارية سياحية ملاحية».