برغم حسم الغرب قرار التدخل العسكري في ليبيا، والتحمّس الإيطالي لقيادة العمليات العسكرية، لا تزال روما مترددة في إطلاق الضربات الأولى من دون غطاءٍ دولي عموماً، وأميركي خصوصاً.
وأكّدت وزيرة الدفاع الإيطالية، روبرتا بينوتي، أن فرنسا وبريطانيا لن تقدما على حرب منفردة في ليبيا، مشيرةً إلى أن قيادة التحرك العسكري المقبل ستكون لبلادها. وأضافت: «لقد اتفقنا على ذلك خلال الاجتماع الأخير لوزراء دفاع دول التحالف، وقد عهد إليّ بتقديم عرض حول الوضع الراهن هناك، وتم الاتفاق على التحرك في ليبيا بصورة منسقة، على أن تكون إيطاليا صاحبة الدور القيادي في العملية».
بينوتي أوضحت أن العملية العسكرية المقبلة «ستكون أيضاً لحماية الآبار التي تستثمرها مؤسسة الطاقة الإيطالية إيني والعاملين لديها في ليبيا»، مشيرةً إلى أن الحرب هي حربٌ على الإرهاب، وتحتاج إلى تمويل إضافي لمبلغ 600 مليون يورو (كان البرلمان الإيطالي قد خصصه للحرب على داعش في العراق فقط).
في السياق، أشار رئيس مؤتمر أمن ميونيخ، فولفغانغ إيشنغر، إلى أن تنظيم «داعش» نجح في ملء فراغ السلطة في أجزاء واسعة في الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن التنظيم سيبقى لمدة طويلة مشكلة كبيرة بالنسبة إلى أوروبا. وتابع إيشنغر أن التنظيم في ليبيا، إذا استمر في «تمدده»، سيجبر الاتحاد الأوروبي على التدخل عسكرياً هناك.
وتحاول الدول المجاورة لليبيا التهيؤ لأي حربٍ مقبلة، ونقلت وكالة «الأناضول» عن ناشطين في مجال الإغاثة الإنسانية أنهم يعملون على الحدود الجزائرية ــ الليبية، بالتعاون مع السلطات الجزائرية، وذلك للتعامل مع تداعيات تدخل عسكري خارجي محتمل ضد «داعش» في ليبيا، عبر توفير مساعدات لاستقبال لاجئين محتملين، كالأدوية والمواد الغذائية والخيم.
في غضون ذلك، وفي ما يتعلق بتشكيل حكومة «الوفاق الوطني»، طالبت الدول الغربية بالإسراع في تشكيلها، على أن يكون مقرها طرابلس، وفي ظروف أمنية مؤاتية. وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، إنه «لم يعد ثمة وقت نضيعه لتتسلم حكومة الوحدة الوطنية مهماتها ويكون مقرها طرابلس»، معتبراً أن من «سيرفض العملية بصفة فردية... ستشملهم عقوبات محتملة». ورأى إيرولت أنه «يجب أن نحث الخطى، في أقرب وقت ممكن، فالأمرُ مرتبطٌ بمصلحة الليبيين، ومرتبط بالأمن في أوروبا».
جاء كلام الوزير الفرنسي، إثر اجتماع عقد في ميونيخ، جنوب ألمانيا، حول مستقبل ليبيا، بمشاركة نظرائه الأميركي والألماني والإيطالي والمصري، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، وموفد الأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر.
أما الوزير الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، فأشار إلى أن ما يحصل على بعد بضع مئات من الكيلومترات من إيطاليا «لا يمكن أن نقبل به في ألمانيا وفي أوروبا»، مشدداً على أنه «لا يمكن أن نقبل بوجود الميليشيات الإرهابية لداعش بالقرب من أوروبا». وأكّد شتاينماير أن ألمانيا مستعدة لتقديم الدعم والمشاركة في العمل على استقرار ليبيا، موضحاً أن ذلك ينطبق على «بناء هياكل للدولة الليبية وعلى تدريب قوات الأمن هناك».
في موازاة ذلك، أعلن الوزير الجزائري، عبد القادر مساهل، عن اجتماع مرتقب لدول الجوار الليبي لبحث السبل الكفيلة بالدفع بالحل السياسي في ليبيا. وأوضح مساهل أن الاجتماع ستحتضنه العاصمة التونسية من أجل التوصل إلى إجماع دولي حول الحلول السياسية المطروحة.
في المقابل، أكّد وزير الخارجية التونسي، خميس الجهناوي، أن بلاده والجزائر تتفقان على ضرورة تقديم الحل السياسي ودفع الليبيين لإيجاد حل لقضيتهم، وهو الاتجاه الذي تسير به الجزائر وتونس وكل دول الجوار. كما شدد الوزيران على تمسكهما بالحل السياسي للأزمة الليبية، واتخاذهما موقفاً معارضاً للتدخل العسكري.
في سياق آخر، قال رئيس «الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور»، علي الترهوني، إن الهيئة بصدد إعداد النسخة النهائية لمسوّدة الدستور التوافقي الذي يمثل كل الأطراف، مطالباً أعضاء الهيئة المقاطعين بالعدول عن قرارهم واستكمال صياغة الدستور من أجل ليبيا.