ترسيخاً لأجواء المصالحة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وإقليم كردستان العراق، وصل وفد من حكومة الإقليم برئاسة رئيس الحكومة نجيرفان البرزاني إلى العاصمة العراقية لحل المشاكل العالقة وتنسيق الجهود لمحاربة الإرهاب.وأكد رئيس الحكومة حيدر العبادي، خلال لقائه البرزاني والوفد المرافق، أن مصلحة العراق أكبر من الجميع وأن الأسس السليمة هي التي تمهد لحل جميع المشاكل، في حين أكد البرزاني أن الخطوات التي يتخذها العبادي مشجعة لجميع العراقيين، لافتاً إلى أن الإقليم يطمح إلى فتح صفحة جديدة لمنفعة كل العراق.

وذكر بيان لمكتب العبادي أن «العبادي شدد خلال لقائه وفد الإقليم على أن تهديد الإرهاب هو تهديد لكل العراق». وأضاف العبادي بحسب البيان أن «التهديد الإرهابي يدعونا لحل جميع المشاكل، ولا نعتقد أن هناك مشكلة غير قابلة للحل، على وفق الدستور والعدالة والإنصاف»، مؤكداً أن «الأسس السليمة تمهد لحل أي مشكلة وليس بالضرورة حلها جميعاً دفعة واحدة، ونحتاج إلى تهيئة الأجواء المناسبة لذلك».
من جانبه، قال رئيس حكومة إقليم كردستان مخاطباً العبادي، بحسب البيان، إن «الخطوات التي تقومون بها مشجعة لجميع العراقيين، ونحن نطمح لفتح صفحة جديدة لمنفعة كل العراق وليس إقليم كردستان فقط».
وأضاف البرزاني أن «لدى الإقليم نفس التوجه لحل المشاكل ونؤيد وضع استراتيجية واضحة للحلول عبر اللقاءات المستمرة»، مشيراً إلى أن «العراق يواجه تهديد داعش الإرهابي وتحدياً اقتصادياً، وهي معركتنا جميعاً».
وكانت حكومة إقليم كردستان قد استبقت الزيارة بالتأكيد على رغبتها في حل المشاكل مع بغداد «عبر الحوار والتفاهم»، فيما أشارت إلى أن زيارة بغداد وإجراء اللقاءات وبدء الحوار والمفاوضات «لا تعني أن جميع المشاكل سيتم حلها مرة واحدة»، فيما رأى التحالف الكردستاني أن الزيارة تمثل خطوة «إيجابية مهمة» لاستكمال الاتفاق بشأن الملفات العالقة بين الطرفين، مرجّحاً إمكان أن تؤدي الزيارة إلى أيجاد حلول لملفات أخرى مهمة للعراق حالياً.
بدوره، شدد الرئيس العراقي فؤاد معصوم، خلال لقائه رئيس حكومة الإقليم نجيرفان البرزاني والوفد المرافق، على ضرورة «تضافر الجهود من أجل وصول الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم إلى حلول مرضية تلائم جميع الأطراف، من شأنها أن توحد الصفوف لمحاربة الإرهاب وإنعاش الوضع الاقتصادي في عموم البلاد».
من جهته، أشار البرزاني إلى أن «أولوية حكومة كردستان هي الوصول إلى تفاهمات واقعية مع الحكومة الاتحادية حول القضايا العالقة»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر يصب في مصلحة كل العراقيين».
وأضاف البرزاني أن «الوفد لمس جواً مشجعاً للوصول إلى حلول شاملة لكل المسائل الخلافية بين الجانبين».
كذلك التقى رئيس حكومة الإقيلم والوفد المرافق رئيس برلمان العراق سليم الجبوري ورؤساء الكتل السياسية في مجلس النواب، وبحث معهم الملفات العالقة بين حكومته وبغداد.
وأعاد البرزاني التأكيد خلال الاجتماع أنه جاء إلى بغداد لحل الملفات العالقة بين إقليم شمالي العراق والحكومة الاتحادية، ولا سيما ملف النفط، لكنه لفت إلى أن الأولوية هي مقاتلة الإرهاب.
وأكد البرزاني، بحسب بيان البرلمان، أن «العراق يمر بظروف صعبة في جميع المجالات، ولكن الأولوية يجب أن تكون للتصدي للإرهاب وتنظيم داعش الذي بات لا يفرق بين محافظة وأخرى».
وأضاف «إننا نشعر بمسؤوليتنا تجاه العراق ونعرف الدور الذي يجب أن نؤديه، وعلينا وضع يد بيد جميعاً للتصدي للمخاطر».
من جهته، رحب رئيس البرلمان بزيارة البرزاني، معرباً عن أمله في حل جميع المشاكل العالقة.
وفي سياق متصل، كشف وزير العلوم والتكنولوجيا في الحكومة العراقية، فارس ججو، أن مشروع موازنة عام 2015 ألغى الشروط الجزائية (العقوبات المالية) التي كانت تفرض سابقاً على إقليم كردستان عند إعداد الموازنات المالية السنوية.
وأوضح ججو في تصريحات إلى وكالة «الأناضول» أن «الإقليم سيحصل على 17 % من الموازنة الاتحادية مقابل تصدير كميات من النفط سيتم لاحقاً الاتفاق على آلية زيادتها».
وتضمنت الشروط الجزائية التي كانت الحكومة السابقة برئاسة نائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي تفرضها على إقليم كردستان، اقتطاع أي نقص في عائدات تصدير نفط الإقليم من حصته المالية في الموازنة، وذلك لأي سبب، بما في ذلك انخفاض الصادرات بسبب سوء الأحوال الجوية، إضافة إلى عدم صرف المخصصات المالية لقوات البشمركة إلا بعد أن تخضع لسيطرة الحكومة المركزية.
وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي قد رفض في وقت سابق أمس مهاجمة الاتفاق الأخير بين بغداد وأربيل بشأن النفط، مؤكداً أن من غير المبرر مهاجمته كونه اتفاقاً «أولياً وبالاتجاه الصحيح».
وقال العبادي، في كلمة له خلال استضافته من قبل مجلس النواب لعرض أسباب تأخر إرسال موازنة 2015 إلى البرلمان، إن «الاتفاق الأخير بين بغداد وأربيل تضمن إطلاق جزء من الأموال مقابل إطلاق جزء من الصادرات النفطية»، مؤكداً أن «النفط المنتج هو لكل العراقيين، كما أن باقي المحافظات شركاء في الوطن».
وفيما عدّ الاتفاق الموقع بداية النهاية للخلافات والقضايا العالقة بين بغداد وأربيل، رفض «التوصل إلى اتفاق سياسي ومصلحي مع الإقليم لا يقوم على الدستور ويخدم الجميع».
وخلال الجلسة تعهّد رئيس الحكومة بإنجاز موازنة عام 2015 خلال 10 أيام، مشيراً إلى أن تأخر الحكومة في إقرارها كان بسبب هبوط أسعار النفط.
وتابع العبادي أن «المخطط لموازنة عام 2015 كان أن تبلغ 150 تريليون دينار عراقي، لكن هبوط أسعار النفط في ظل اقتصار تصدير النفط من الجنوب فقط وفقدان نصف الإيرادات بسبب أسعار النفط وعدم التصدير من كركوك، إضافة الى المبالغ الباهظة للإنفاق العسكري في الموازنة في ظل عدم وجود احتياطي مالي، جعل إدخال تغييرات فيها أمراً لا بد منه»، مشدداً على ضرورة تصدير النفط من كركوك وعدم إبقاء الأمور على ما هي عليه، لأنها تمثل خسارة للعراق».
ولفت العبادي الى أن «العراق غير مفلس حالياً كونه يمتلك طاقات كبيرة، لكنه يعاني مشكلة نقدية تستوجب إعادة النظر في الاستراتيجية الاقتصادية»، مشدداً على أهمية استغلال الضغط الحالي لتنمية القطاع الخاص والاستثمار».
وكان من المقرر أن ينجز مجلس الوزراء مسودة الموازنة أول من أمس لإرسالها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها، إلا أن تواصل تراجع أسعار النفط وضع الحكومة في مأزق.
وقرر المجلس في جلسة استثنائية أمس تشكيل لجنة وزارية لمراجعة نفقات الدولة بهدف معالجة العجز الذي وصفه بيان للحكومة بالخطير.
(الأخبار، الأناضول)