انشغلت الصحف الإسرائيلية بتعيين اللواء غادي ايزنكوت رئيساً لأركان الجيش، واهتمت بتسليط الأضواء على المدرسة التي ينتمي إليها، مشيرة إلى أنه امتداد لنهج اشكنازي وغانتس، القائل باستخدام القوة فقط عندما لا يكون هناك خيار آخر. فيما عبر آخرون عن مدرسة ايزنكوت بالقول: إنه «لا يحبّ الحروب ولا يسارع للضغط على الزناد، لكنه يستعد لها».
ووصف المحلل الأمني في موقع «news 24» يوسي ميلمان، رئيس الأركان الجديد، بأنه خبير بكل ما يتعلق بالجبهة الشمالية لإسرائيل، على خلفية توليه مناصب مختلفة في السنوات الماضية، إضافة إلى كونه شارك في المحادثات بين سوريا وإسرائيل، نهاية التسعينيات. كما ساعدته المشاركة في المحادثات على فهم العلاقة المتبادلة بين المعارك العسكرية والقرارات الدبلوماسية الاستراتيجية. ويوضح ميلمان أنّ مهمة ايزنكوت الأساسية ستكون «إعداد الجيش للمعارك المستقبلية، سواء كانت ضد حزب الله أو إيران»، مع تأكيده أنه كان من المعارضين لتوجيه ضربة إسرائيلية ضد المنشآت النووية في إيران. ومن مهماته أيضاً، كما يضيف ميلمان، «إعداد الجيش لجولة جديدة من الحروب مع حماس أو انتفاضة أخرى في الضفة الغربية»، فضلاً عن تهديد إضافي بعيد، يتصل بتوسّع «داعش» باتجاه شريط الحدود مع إسرائيل الذي يسيطر عليه خصومه من تنظيم «القاعدة».
إلى ذلك، يواجه ايزنكوت تحدّياً آخر، يتصل بالمحافظة على تفوق إسرائيل على خصومها، عبر تحويل جيشها إلى ماكينة تكنولوجية رقمية بمستوى عال، مع تركيز على مجال «السايبر» في مواجهة الدعوات القوية التي تطالب بكبح جماح النفقات العسكرية. ويخلص ميلمان إلى أن ايزنكوت «بالرغم من جميع خبراته القتالية، فهو لا يحب الحروب ولا يسرع بالضغط على الزناد، وسيفعل كلّ ما في وسعه لتجنيب الجيش الإسرائيلي الحروب وسفك الدماء».
ولفت المحلل الأمني الإسرائيلي إلى أن تعيين ايزنكوت في منصب رئاسة الأركان كان رغماً عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، معتبراً أنه ليس من الواضح سبب تردّد الأخير في تعيينه «إلا إذا كان، كما هي عادته، نتيجة تجنبه اتخاذ القرارات».
أمّا صحيفة «معاريف»، فرأت أن تعيين ايزنكوت لم يحقق أي بشرى جديدة على المستوى العسكري، وبرّرت ذلك بأنه امتداد لنهج اشكنازي وغانتس، وخاصّة أنهم ينتمون إلى المدرسة نفسها القائلة: «بعدم استخدام القوة إلا عندما لا يكون هناك خيار آخر» كما تدعو إلى «التصرّف بمسؤولية وحكمة والسعي لاحتواء الأحداث وعدم تصعيدها، والسعي لتقليل الجبهات وخفض حدة اللهب». وتضيف «معاريف إن هذه المدرسة تدعو أيضاً إلى «العمل عند الحاجة، وضبط النفس عندما يقتضي الوضع ذلك». وكان لافتاً ما أقرّت به الصحيفة بأنّه «في العصر الحالي يمكن الإعلان والقول إنه لا توجد انتصارات، بل كلّ مواجهة ستنتهي بالتعادل» ونتيجة ذلك، رأت الصحيفة أن «من الأفضل أن تجرى المواجهة في أقل فترة زمنية ممكنة، مع أقل قدر ممكن من الأضرار في الجانب الإسرائيلي».
في المقابل، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّ «ثمّة من يشككون في أن يكون ايزنكوت هو الشخص الذي يعرف كيف يُحدث تغييراً على نظرية «تفعيل القوة» لدى الجيش الإسرائيلي»، وهو التغيير «الذي يتيح حسماً لا لبس فيه، وردعاً طويل الأمد في المواجهات المتوقعة مع حزب الله، وحماس». ونقلت عن سياسيين يتولون مناصب رئيسة، وآخرين رفيعي المستوى في المؤسسة الأمنية، قولهم إن ايزنكوت «كان شريكاً كاملاً في التخطيط، وإدارة معركتين عسكريتين لم يحرز خلالهما نصراً واضحاً، هما حرب لبنان الثانية، والجرف الصامد». وذكرت الصحيفة أن ايزنكوت هو أحد مهندسي وروّاد «عقيدة الضاحية» التي تنصّ على توجيه ضربة قوية جداً عبر سلاح الجو، تستهدف كلّ مواقع وأهداف الطرف الثاني، بهدف تقصير مدّة الحرب، لكن الصحيفة أضافت: «المشكلة أنّ سلاح الجو لا يكفي للقيام بالمهمة، وعلى ذلك، سيضطر إلى أن يضمّ إليها عملية برية من الجبهة حتى العمق الاستراتيجي للعدو».
من جهته، رأى المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن رئيس الوزراء، نتنياهو، اضطر إلى الموافقة على رئيس الأركان الذي لم يكن راغباً فيه، وأنّه لم يستطع الصمود في وجه ضغط وزير الدفاع، موشيه يعلون. ولفت إلى أن هذا الفشل لم يكن بالصدفة، وإنّما يعكس وضعه السياسي داخل حزبه، وخاصّة أنه غير قادر على تعيين مرشحين يرغب في تعيينهم، وبحاجة إليهم. وأوضح فيشمان أن رئيس الأركان «له تأثير حاسم على قرارات الحرب والسلام»، مضيفاً إنّ «الاحتكاك بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان هو أمر لا يمكن منعه، فرئيس الأركان لم يعد منفذاً فقط لتوجهات المستوى السياسي، بل هو شريك في وضع الاستراتيجيات العليا لدولة إسرائيل (إيران والفلسطينيين) والعلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وغيرها». وشدّد فيشمان على أنّ «من يعتقد أنه لا يوجد لرئيس الأركان تأثير في هذه المواضيع، وأنه يتقبّل القرارات بشكل أعمى، غير موجود في دولة إسرائيل».




من هو غادي ايزنكوت؟

ولد غادي ايزنكوت عام 1960، في مدينة طبريا في شمال فلسطين المحتلة، لكنه ترعرع في إيلات في أقصى جنوب فلسطين. أبواه من أصل مغربي. تجنّد في لواء «غولاني» عام 1978 وتدرّج فيه إلى أن أصبح قائداً لإحدى كتائب اللواء، ومن ثمّ تولّى قيادة اللواء عام 1997، خلفاً لايرز غرشتاين الذي عاد وقتل (غرشتاين) في عملية لحزب الله في جنوب لبنان عام 1999، العام نفسه الذي تولى فيه ايزنكوت منصب المستشار العسكري لرئيس الوزراء في حينه، ايهود باراك، وبقي في هذا المنصب خلال فترة حكم أرئيل شارون حتى عام 2003، إذ تولى مسؤولية فرقة احتياط في الضفة الغربية حتى عام 2005، ليعين رئيساً لشعبة العمليات في الأركان العامة، وبعد ذلك عين قائداً لقيادة المنطقة الشمالية حتى عام 2009، إلى أن تولى منصب نائب رئيس الأركان، حتى عام 2014.
(الأخبار)