القاهرة | تسلم رئيس الحكومة المصرية، إبراهيم محلب، تقارير من وزارات المالية والتخطيط والتعاون الدولي عن العائدات المتوقعة من مؤتمر دعم الاقتصاد المحلي، الذي دعا إليه الملك السعودي، والمقرر انعقاده ما بين الثالث عشر حتى الخامس عشر من آذار المقبل، لكن التقارير الاقتصادية تتخوف من انخفاض العائدات المتوقعة من مؤتمر جلب الاستثمارات إلى الجمهورية، بسبب تأخر إجراء الانتخابات البرلمانية، وعلى أقل تقدير إجراء مرحلة أو مرحلتين منها، ثم موعد تحديد انعقاد أولى جلسات البرلمان.
ووفقا لمصادر حكومية تحدثت لـ«الأخبار»، فإن محلب طلب من وزارة العدالة الانتقالية الإسراع في إنهاء مشروع قانون النظام الانتخابي الذي سيحدد الآلية التي يختار بها أعضاء البرلمان خلال الاقتراع السري المباشر، وأيضا قانون تقسيم الدوائر في أقرب وقت، كما يتضمن عملها متابعة مطالب الأحزاب السياسية في تعديل القانون بناء على التوافق بينها، مع مراعاة ضمان منع أي خلل دستوري يؤدي إلى حل البرلمان بعد انعقاده، وتشارك في المطالبة بـ«تحصين البرلمان» كل من أحزاب «الوفد» و«المؤتمر» و«التيار الشعبي الديموقراطي».
تستفيد الحكومة من غياب البرلمان الذي يُفترض أن يراقبها



في غضون ذلك، تعول الحكومة على جمع 12 مليار دولار خلال المؤتمر المرتقب، لكن أفضل التقارير تفيد بأن من الصعب الحصول على نصف هذا المبلغ في ظل غياب الأفق لعقد الانتخابات. واللافت أن الحكومة لا ترغب في أن تكون دول الخليج هي الممول الأبرز للمشروعات التي ستعرض، بل تسعى إلى استقطاب أموال من روسيا والولايات المتحدة والصين، علماً بأن الحكومة نفسها خفّضت سقف توقعاتها من عائدات الاستثمار التي كانت تحلم بها من 60 مليارا إلى 12 مليارا، ثم صار التقدير مرشحا للتراجع أيضا.
ولا يمكن تفسير صمت الحكومة على تراخي اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات البرلمان، سوى أنها مستفيدة من هذا التراخي لغياب عامل الرقابة عليها بغياب البرلمان، وخاصة بعد مرور أكثر من أربعة شهور على بداية عمل اللجنة. على أرض الواقع، لم تتخذ اللجنة القضائية أي إجراءات فعلية لإقامة الانتخابات في ظل الغموض الذي يلف مستقبل عملية الاقتراع، وأيضا لم تناشد اللجنة نفسها الحكومة لإصدار القوانين كي تبدأ ممارسة عملها، ولا سيما مع غياب نص دستوري يلزم لجنة الانتخابات بإجرائها في موعد محدد.
في كل الأحوال، فإن الانتخابات لن تكون العقبة الوحيدة أمام الاستثمارات التي ترجوها الحكومة، إذ أيضا ثمة نقص في الرؤية حول المشروعات الاستثمارية الضخمة، التي تضمنها البرنامج الانتخابي للرئيس عبدالفتاح السيسي، وأبرزها تنمية قناة السويس، فيما تضع الحكومة 22 مشروعا آخر يمكن الاستثمار فيها في مناطق الصعيد والعلمين.
عامل آخر مهم لنجاح أي استثمارات أخرى في مصر وهو تعديل قوانين الاستثمار لطمأنة المستثمرين، وفي سبيل ذلك يمكن إصدار قانون الاستثمار الموحد في ظل السمعة السيئة للحكومة المصرية بشأن النزاعات القضائية مع الشركات والجهات الدولية.
يشار إلى أن مشروعات الحكومة المطروحة ليست مقتصرة على الاستثمار الكامل فقط، لأن غالبيتها تعتمد على نظام الشراكة بين القطاع الخاص والعام عبر نظام «حق الانتقاع»، فيما تحاول الحكومة إنهاء النزاعات مع المستثمرين قبل موعد المؤتمر، وذلك بتسويات مرضية لعدة شركات، وقد بدأت ذلك مع مجموعة شركات «الفطيم».
على ناحية أخرى، فإنه برغم استضافة شرم الشيخ المؤتمر، تلقت الحكومة عروضا من السعودية والإمارات لتحمل تكاليفه، لكن القاهرة اعتذرت بدعوى قدرتها على تغطية التكاليف، في وقت غدت فيه مهمة وزيري المالية، السعودي والإماراتي، الترويج للمؤتمر، علماً بأن دول الخليج ستضع يدها في أكثر من نصف الاستثمارات المتوقعة.
مع ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق عبد الفتاح، أن على الحكومة إجراء الانتخابات البرلمانية قبل انعقاد المؤتمر، «لأن ذلك يضمن للدول الأوروبية وجود سلطة رقابية على قرارات الحكومة والرئيس»، مشيراً إلى أن استمرار غياب البرلمان سيجعل المساهمة الكبرى في الدعم تأتي من دول مجلس التعاون الخليجي فقط، «فيما يلزمنا جلب دوال آسيوية مثل الصين، وأوروبية كإيطاليا وفرنسا». وأضاف عبد الفتاح لـ«الأخبار» أن لقاءات السيسي مع رجال الأعمال والمستثمرين من أجل الترويج للمؤتمر «لن تكون كافية مع غياب أي إجراءات فعلية لانتخاب البرلمان»، لافتاً إلى أنه إذا عُقد المؤتمر ولم تكن الانتخابات قد جرت، «سيكون على الحكومة وضع موعد للمستثمرين لانعقاد البرلمان، وخاصة أن تصريحات الرئيس السابقة كانت تشدد على إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري».