القاهرة | أظهرت تقارير لرئاسة مجلس الوزراء في مصر أن قطاع الصرافة في مصر يهيمن عليه أصحاب الأجندات الإسلامية بمختلف توجهاتهم ـ تكفيرية كانت أو سلفية أو حتى أصحاب المدرسة الوسطية في هذا الفكر. وتشير التقديرات إلى أن 400 ألف شاب من أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» منتشرون في جميع القطاعات المصرية، ومنها البنوك وشركات الصرافة، بعد أن حصلوا على فتوى من الشيخ يوسف القرضاوي تحلل لهم العمل في البنوك.
استاذة الاقتصاد في جامعة الإسكندرية، أمنية نبيل، أوضحت أن عدد شركات الصرافة في مصر يراوح بين 120 إلى 300 شركة، يمتلك الأقباط منها نحو 20٪ فقط، أما «الإخوان» والسلفيون فيستحوذون على ما يزيد على 60٪ من حجم هذه الشركات إضافة إلى بعض الشركات غير المعلنة التي تتبع قطاع السوق السوداء.
ولفتت نبيل في حديث لـ«الأخبار» إلى أن «الإخوان موجودون بقوة في هذه المهنة ولا أحد ينكر أن هناك تلاعباً في شركات الصرافة بسبب انتشارهم فيها، لأنهم يتعمدون إخفاء جزء من نشاطهم في شركات الصرافة خوفاً من الضرائب، وآخرون لا يقومون بتسليم الإيصالات النقدية التي يتعاملون بها للبنك المركزي، وهذا يفتح الباب أمام بيعه في السوق السوداء».
من جانبه، كشف مساعد وزير الداخلية سابقاً، اللواء فاروق المقرحي، أن «حجم استثمارات الإخوان في مصر بالمليارات، وليس بالملايين»، لافتاً في حديث إلى «الأخبار» إلى أن «التأخر في اتخاذ قرارات تمنعهم من التصرف في أموالهم المتمركزة في الأساس في شكل شركات صرافة رسمية ومكاتب غير رسمية تعطيهم الفرصة لإخراج تلك الأموال خارج البلاد أو إخفائها من خلال البيع المباشر أو نقل ملكيتها لأشخاص آخرين».
وكشف المقرحي أن «الإخوان يمتلكون أكثر من 240 شركة كبرى في كافة المجالات من صناعة الألبان إلى صناعة السيارات إلى جانب عدد من المستشفيات ومراكز الأنشطة والكثير من مؤسسات الرعاية الصحية والجمعيات الأهلية، منها مصرح عنه في وزارة التضامن، والكثير منها غير مسجل ويتخذ من بعض الجوامع مركزاً له». وأضاف أن «هذه الجمعيات باب خلفي أيضاً لتجارة العملة، ومن ثم إحكام قبضتهم على السوق الصرافة المصرية».
ولفت المقرحي إلى أن «الإخوان يسيطرون على 73% من شركات الصرافة في مصر، بحسب آخر إحصاء أجري عام 2004 ومسجل لدى أجهزة أمنية رفيعة المستوى، وتلك الشركات إما تعود ملكيتها بالكامل لهم أو يشاركون فيها أطرافاً أخرى».
في المقابل، نفى مسؤول في غرفة الصرافة المصرية، رفض الكشف عن اسمه، أن يكون هناك أي فصيل سياسي يسيطر على سوق الصرافة في مصر، موضحاً أن هناك مجموعة من الأفراد يستثمرون في القطاع، في محاولة منه لإبعاد مسؤولية الغرفة عمّا يحدث في السوق المحلي. ورأى المسؤول أن ما تردد عن هيمنة «الإخوان» على شركات الصرافة مجرد شائعات تسعى إلى النيل من سوق الصرافة المصري.
وأوضح أن «البنك المركزي يراقب أداء وتعاملاتهم جميع من يعملون في السوق، سواء البنوك أو شركات الصرافة»، وفيما أشار إلى أن أياً من قيادات «الإخوان» لا يمتلكون شركة صرافة وفقاً للبيانات الرسمية المسجلة في غرفة الصرافة، إلا أنه لفت إلى أن ذلك لا يعني أن لا يكون هناك من ينتمي إلى التيار الإسلامي يملك أي شركة.
من جهته، يتهم الخبير الاقتصادي، محمد فؤدة «الإخوان» بأنهم السبب الرئيسي وراء ارتفاع سعر صرف الدولار في مصر خلال الفترة الأخيرة، وأرجع فؤدة السبب بذلك «إلى سيطرة الجماعة على سوق تجارة العملة في البلاد، إضافة إلى سيطرتهم على 36% من شركات الصرافة غير الرسمية».
بدوره، لفت الأستاذ في جامعة القاهرة، جمال عبد العظيم إلى أن الفترة الحالية هي «العصر الذهبي لسيطرة الإخوان على سوق الصرافة في مصر نتيجة نفوذهم في كافة المجالات وبسبب علاقاتهم النقدية داخل مصر وخارجها».
وأشار عبد العظيم إلى أن «أنصار «الإخوان» هم المستفيدون الوحيدون من فرق العملة»، موضحاً أن «سوق الصرافة يعتبر أحد أبواب الجماعة الخفية للتمويل، خاصة أنها تُسهم في تسهيل حركة نقل الأموال عبر الإنترنت».
وشدد عبد العظيم على أن «سيطرة الجماعة على سوق الصرافة مكنتهم من خلق مناخ آمن لتداول أموالهم داخلياً وخارجياً بعيداً عن رقابة البنوك والحكومات».
وفي الإطار نفسه، لفت أستاذ السياسات النقدية في جامعة القاهرة، هلال عبد الحليم إلى أن البنك المركزي أغلق 40 شركة صرافة تابعة لـ«الإخوان» حتى الآن منذ سقوط الرئيس محمد مرسي. وشدد على ضرورة تكثيف التحريات الدقيقة وعمليات جمع المعلومات عن شركات الصرافة التي ترتبط بنحو غير مباشر بعناصر تنتمي إلى الجماعة، بهدف الوصول إلى تجفيف منابع تمويل الجماعة.