صنعاء | منذ أيلول 2013، اكتفت الإدارة الأميركية بتوجيه ضربات لطائرات من دون طيار على أهداف تعتقد أنها تضمّ عناصر قياديين من تنظيم «القاعدة»، في سبيل الإفراج عن الصحافي الأميركي لوك سومر (33 عاماً) الذي اختطفه التنظيم من وسط العاصمة اليمنية صنعاء. تلك الضربات التي تأتي ضمن الاستراتيجية الأميركية لمكافحة «الإرهاب» في اليمن، لم تحصد سوى أرواح المدنيين من سكان المناطق التي يتمّ استهدافها.
لكن مطلع الأسبوع الماضي، أعلنت السلطات الأميركية قيامها بعملية هجوم جديدة ضد تنظيم «القاعدة» في منطقة حضرموت، أعادت اسم سومر إلى الواجهة مرة أخرى حين قالت واشنطن إن مجموعة من عناصر الجيش الأميركي في اليمن، «قاموا بهجوم أدّى إلى تحرير عدد من الرهائن، لكن الصحافي لوك سومر لم يكن من بينهم»، ليظهر لاحقاً أن التنظيم نقله إلى مكان آخر.

حينها، عمد «القاعدة»، في ردٍّ على الهجوم الأميركي الأخير، الى بث فيديو مسجّل للصحافي، أعلن التنظيم عبره منح واشنطن مهلة ثلاثة أيّام لتنفيذ سلسلة مطالب؛ على رأسها دفع ثلاثة ملايين دولار للإفراج عن الصحافي. في التسجيل، ظهر سومر مناشداً يقول: «لقد مر أكثر من عام على اختطافي في صنعاء. أنا أبحث عن أي مساعدة لإخراجي من هذا الوضع. أنا جالس هنا وأسأل: لو كان هناك أي شيء يمكن فعله، رجاءً افعلوه الآن».

شريط «القاعدة» لم يجد استجابةً من قبل السلطات الأميركية التي قام عناصرها في اليمن بتنفيذ هجوم آخر بمنطقة وادي عبدان في محافظة شبوة (جنوب) عن طريق إنزال برّي أدى إلى مقتل عدد غير محدد من عناصر التنظيم، كان من بينهم الصحافي سومر والرهينة الجنوب أفريقي بيار كوركي.

السلطات اليمنية أعلنت، عبر تصريح لمسؤول في اللجنة الأمنية العليا، أنها «قامت، إثر ورود معلومات مؤكدة عن المكان الذي يوجد فيه مختطفان غربيان، بشنّ هجوم بالتنسيق مع عناصر من القوّات الأميركية على المكان المرصود بعدما تمّت عملية مفاوضات مسبقة بهدف تسليم المختطفين، لكنّها لم تخرج بنتيجة، ما أدى إلى تنفيذ الهجوم». وقال المسؤول في اللجنة الأمنية إن «عناصر التنظيم قاموا أولاً بإطلاق النار على الرهينتين، ما دفع القوّات إلى بدء الهجوم على الموقع». وأضاف إن الرهينتين «لم يُقتلا مباشرة، لكنهما فارقا الحياة إثر نقلهما إلى المستشفى في وقت لاحق». من جهته، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى في تصريح صحافي «إن محتجزي سومر أطلقوا النار عليه حين انكشفت العملية الأميركية، وكان مصاباً بجروح بالغة حين وصل عناصر الكوماندوس إليه وتوفي متأثراً بجروحه أثناء نقله جواً إلى سفينة أميركية في المنطقة».
في هذا الوقت، أعلن وزير الدفاع الأميركي المستقيل تشاك هاغل، أن «متشددي تنظيم القاعدة قتلوا الصحافي الأميركي لوك سومر ورهينة آخر أثناء عملية إنقاذ في اليمن». وأضاف هاغل إن عملية تحرير الرهائن «كان لها ما يبررها»، وإن «الأسباب كانت قوية للاعتقاد بأن حياة السيد سومر في خطر وشيك».
أما وزارة الدفاع اليمنية، فقد قالت إن «عشرة من عناصر تنظيم القاعدة قُتلوا في العملية النوعية التي نفذتها قوات مشتركة أميركية ويمنية، والتي بدأت بضربة جوية لطائرة بدون طيار، أعقبها إنزال جوي».

العملية والتصريحات التي أعقبتها ستؤدي مجدداً إلى إعادة طرح التساؤلات حول جدوى الاستراتيجية الأميركية في اليمن القائمة على عمليات الهجوم بواسطة طائرات من دون طيّار، وحول مدى توافقها مع السيادة الوطنية اليمنية، إضافةً إلى السؤال عن مدى صدقية مسألة التنسيق بين الإدارة الأميركية والسلطات اليمنية في هذا المجال، وخصوصاً أن العمليات الأميركية في اليمن لا تؤدي غالباً إلى أهدافها المرجوة، فيما يكون أغلب ضحاياها من الأبرياء... وآخرهم مواطنها سومر.