صنعاء | عاد مجلس النواب اليمني مجدداً إلى واجهة الحياة السياسية في اليمن، بعدما امتدت حالة خموله لأشهر طويلة، وهي الحالة التي بدا كأنه متمسكٌ بها، رغم جملة الأحداث الساخنة الأخيرة التي مرّت على البلاد ونجحت في تغيير موازين قواها وخارطتها السياسية.
لكن هذا الوضع تغيّر خلال اجتماع أعضاء المجلس للاستماع إلى برنامج حكومة خالد بحاح المشكّلة حديثاً، ومنح الثقة لها بحسب الإجراءات التقليدية المعمول بها.

وكان لإجراءات جلسة منح الثقة أن تمر هادئة، بحسب ما هو متوقع، لولا كلمة التعقيب التي ألقاها رئيس الكتلة البرلمانية للحزب «الاشتراكي اليمني»، محمد القباطي، وجاء فيها اتهامٌ صريح للرئيس السابق علي عبدالله صالح بتخطيطه لعملية اغتيال تستهدف الأمين العام لـ«الاشتراكي» ياسين سعيد نعمان. الأخير تعرّض لمحاولة اغتيال في كانون الأول عام 2013، وهي الثانية بعد محاولة اغتياله في بداية الوحدة اليمنيّة عام 1990 عندما كان رئيساً لمجلس النواب الموحد.
وأكد القباطي، في ما اعتبره بلاغاً إلى النائب العام والحكومة ومجلس النواب معاً، وجود مخطط لاغتيال الأمين العام للاشتراكي «نتج من معلومات استخبارية دقيقة ذات مصداقية تؤكد المخطط الذي تقف وراءه رموز النظام السابق وعلى رأسهم صالح». هذا الاتهام جذب اهتمام الشارع اليمنيّ العادي لما لياسين نعمان من قاعدة جماهيرية تتجاوز الحزب الاشتراكي. كذلك أدى إعلان الاتهام نفسه إلى تعطيل الجلسة البرلمانية لمنح الثقة بعدما وقف أعضاء حزب «المؤتمر الشعبي العام» الذي يترأسه صالح للدفاع عن رئيسهم الذي حكم اليمن طوال 32 عاماً.
اعترض أعضاء «المؤتمر» على ما ورد في كلمة رئيس القباطي وأيّدهم في ذلك رئيس المجلس يحيى الراعي، القيادي في حزب «المؤتمر»، مؤكدين ضرورة أن يأتي النائب القباطي بالأدلة الدامغة التي تؤكد مخطط الاغتيال، «أو سيكون للمجلس الحق في اتخاذ إجراءاته»، والمقصود بالإجراءات هو الذهاب في خطوات رفع الحصانة عنه. وهو الكلام الذي شدّد عليه رئيس كتلة «المؤتمر» في المجلس، سلطان البركاني، المقرّب من الرئيس صالح، مشيراً إلى أن كتلة المؤتمر «تطالب برفع الحصانة عن القباطي أو تقديمه أدلة على ما ادّعاه من مخطط لاغتيال نعمان يقف وراءه الرئيس السابق». وبدوره، قال القباطي إن تقديم الأدلة ليس من شأن أحد ليطلبها وهو من اختصاص الجهات الأمنية. وفي حديثٍ إلى «الأخبار»، استغرب النائب القباطي الدعوة إلى إجراءات رفع الحصانة عنه، قائلاً إن هذا الأمر «لم يعد من حق المجلس، وقد أصبحت لوائح البرلمان الداخلية معلّقة ببنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي جعلت قرار المجلس خاضعاً لمبدأ التوافق وليس لعامل التصويت عن طريق الأغلبية».
وكان لهذه التطورات أن تعيد المشهد اليمني إلى أجواء المواجهات الثنائية القديمة بين حزبيّ «المؤتمر» و«الاشتراكي» في فترة ما بعد حرب صيف من عام 1994. فقد اشتعلت وسائل الإعلام التابعة لكل طرف منهما بالأخذ والرد حول هذا الموضوع، حيث نشر الموقع الإلكتروني المتحدث باسم حزب الرئيس صالح مقالات وبيانات تهاجم «الاشتراكي» وتسخر من الاتهام بمخطط الاغتيال، مؤكدةً أنه «ليس لنا عداوة مع ياسين نعمان أو غيره ولن تكون أيدينا ملوّثة بالدماء ولم نتربّ على ذلك كما هي حال الرفاق في الحزب الاشتراكي»، في إشارة مبطنة إلى أحداث الحرب الداخلية الشهيرة بين «الرفاق» في الحزب، في كانون الثاني من عام 1986.
بدورها، قالت وسائل الإعلام التابعة لـ«الاشتراكي»، مثل جريدته الرسمية «الثوريّ»، إن ما جاء في بيان حزب «المؤتمر» يصبّ في اتجاه التحريض «باستحضار أحداث تاريخية يبرّر بها مخطط الاغتيال الذي كُشف عنه».