إدلب | نجحت «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام» وفصائل إسلامية أخرى في السيطرة على معسكري وادي الضيف والحامدية المحاصرين منذ 11 شهراً بعد معارك عنيفة. سوء الأحوال الجوية الذي ساهم في صعوبة مشاركة سلاح الجو والأعداد الكبيرة المشاركة في الهجوم كانا من أهم الأسباب التي سهلت السيطرة على المعسكرين اللذين صمدا رغم عشرات المعارك التي أعلنت ضدهما وكانت نتيجتها مقتل وجرح أكثر من 1500 مسلح خلال الشهور العشرة الأخيرة.
كيف سقط المعسكران؟

بدأت «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» هجومهما بقصف مدفعي تمهيدي استغرق 3 أيام متواصلة، وفجر الأحد تم تنفيذ الهجوم المباشر والمتزامن على كافة النقاط العسكرية، وتسلمت خلاله «النصرة» معركة وادي الضيف بينما كان لـ«أحرار الشام» معركة الحامدية بمشاركة نحو 5000 مقاتل في المعركتين.
30 دبابة وآلية ثقيلة على الأقل زجّت بها «النصرة» وحدها في الهجوم على حواجز وادي الضيف، واستمرت الاشتباكات حتى فجر الاثنين دون أي تغيير في خارطة المعركة، باستثناء انسحاب عدد من النقاط العسكرية المحيطة بوادي الضيف الى نقاط أكبر للتقليل من الإصابات البشرية.
الخامسة فجراً هي ساعة تنفيذ انسحاب منظّم من معسكر وادي الضيف، وضعت خطة الطوارئ الخاصة به قبل أسابيع بحسب مصدر من داخل معسكر وادي الضيف، حيث «جرى الانسحاب على شكل مجموعات وأخرى قامت بالتغطية، وسقط عدد من الشهداء والجرحى خلال الانسحاب».
وبعد سيطرة «النصرة» على وادي الضيف اشتدت المعارك في محيط معسكر الحامدية الذي يبعد نحو كيلو متر واحد، وتضاعف عدد المهاجمين على المعسكر بعد وصول مؤازرة الى المنطقة وانضمام الذين كانوا يهاجمون وادي الضيف. واندلعت اشتباكات عنيفة استمرت 4 ساعات ليصدر خلالها قرار بتنفيذ خطة الانسحاب الطارئة من معسكر الحامدية الى قرى معرحطاط وبسيدا ومناطق أخرى جنوب إدلب على شكل مجموعات منظمة تتقدمها آليات ثقيلة ومدرعات لتأمين الحماية للجنود.

مصير الآليات ومخزون المحروقات

أكثر من 25 آلية ثقيلة ومدفع تمكن المهاجمون من الاستيلاء عليها خلال انسحاب قوات الجيش من المعسكرين،
فُتح طريق الإمداد أمام المسلّحين من ريف إدلب حتى مدخل حلب


وتم إعطاب معظمها قبل تنفيذ عملية الانسحاب، بحسب مصدر ميداني. ولم يعد مخزون المحروقات استراتيجياً داخل معسكر وادي الضيف كما كان يعلن سابقاً. هكذا بدأ مصدر عسكري تصريحه لـ«الأخبار»، مضيفاً أنّه «نتيجة الحصار تم استخدام جزء كبير من المخزون في تأمين الوقود للآليات ومولدات الكهرباء وفرن الخبز الذي كان يؤمن الطعام للجنود، ما أدى الى انخفاض منسوبه الى أكثر من النصف وتم نقل جزء منه خلال عملية الانسحاب».

ما هو مصير المعسكرين؟

مصدر عسكري أكد أنّ معظم الجنود والضباط وصلوا الى مناطق آمنة، مؤكداً أنّ الطائرات الحربية ساهمت بشكل كبير في تأمين طريق الانسحاب، وخاصة عند الوصول الى قرية معرحطاط، مشيراً الى أنه لا يمكن معرفة العدد الحقيقي للشهداء والجرحى، لأن الانسحاب كان على شكل مجموعات.
أكثر من 200 قتيل على الأقل سقط للفصائل المسلحة خلال 48 ساعة في معركتي وادي الضيف والحامدية، بينهم عدد من القادة، وأبرزهم أبو بكر المغربي وعيسى الشيشاني، وامتلأت المشافي الميدانية في معرة النعمان، كفروما، وسراقب، وجبل الزاوية، وكفرنبل بعشرات الجرحى، بينهم قائد ميداني في «أحرار الشام» يدعى أبو محمد، وحالته خطرة.
للمعسكرين أهمية استراتيجية لوقوعهما على بعد 500 متر من طريق حلب دمشق الدولي، حيث يمتد معسكر الحامدية من أطراف بلدة كفرومة غرباً حتى عين قريع جنوباً، ويمتد جنوباً باتجاه بلدة الحامدية على أطراف الأوتستراد الدولي وبلدتي بسيدا ومعرحطاط، بينما وادي الضيف يمتد جنوب وشرق معرة النعمان. وكانت أهمية المعسكرين تكمن في اعتبارهما يقطعان طريق الإمداد للمسلحين ونقاط العبور نحو الحدود الشمالية مع تركيا، واعتبارهما عقدة إمداد عسكرية للجيش السوري بين الجنوب (دمشق) والشمال (حلب).

ماذا بعد؟

بعد سيطرة المسلحين على المعسكرين أصبح طريق الإمداد مفتوحاً أمامها عن طريق «الاتوستراد» الدولي حلب ــ دمشق من ريف إدلب الشمالي (خان شيخون) حتى مدخل حلب الغربي، الأمر الذي قد يدفع بالجيش الى تغيير خططه التي بدأت ملامحها تتوضح بعد ساعات من سقوط المعسكرين عبر التحرك نحو معسكر الخزانات القريب من خان شيخون جنوب إدلب بهدف استعادة المدينة والوصول الى بلدة معرحطاط وفك الحصار عن القوات المنسحبة.