استكملت الحكومة العراقية الجديدة، أمس، تنفيذ سياساتها، الإشكالية، للانفتاح على محيطها الخليجي، من خلال الزيارة التي قام بها رئيسها حيدر العبادي لدولة الإمارات، على رأس وفد رفيع المستوى، ضم وزراء الخارجية إبراهيم الجعفري، والتخطيط سلمان الجميلي، والثقافة فرياد راوندوزي، ومستشار الأمن الوطني فالح الفياض.
وشكّل الترحيب الإماراتي بالوفد العراقي فرصة لإلقاء الضوء على مدى التعاون الخليجي، المستجد، مع حكومة العبادي، في ظل ما يشهده العراق من تغيّرات سياسية داخلية مفصلية، وفي ظل الحرب المزعومة التي تقودها واشنطن ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا. كذلك، فقد أشارت التصريحات الرسمية، بدورها، إلى غياب الخلافات بين الجانبين على عدد من الأصعدة، بخلاف الواقع الديبلوماسي الذي كان قائماً خلال رئاسة نوري المالكي للحكومة.
وعلى الجانب العراقي، ذكر مكتب العبادي أن الزيارة هدفت إلى «تطوير علاقات التعاون بين البلدين في جميع المجالات، وفي مقدمتها مكافحة الارهاب، وعمليات البناء والاستثمار، ودعم مشاريع إعادة إعمار المدن المحررة من عصابات داعش الارهابية، فضلاً عن توثيق أواصر العلاقات الثقافية بين البلدين الشقيقين».
يكتسب الدعم الاقتصادي المأمول من قبل بغداد
أبعاداً سياسية

ومن جهته، أعرب ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد آل نهيان، عقب لقائه الوفد العراقي، عن أمله في «أن ترسم السياسة العراقية الجديدة أملاً جديداً ومنطلقاً قوياً نحو التغيير الى الأفضل والأحسن في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية». وأكد، في بيان نقلته صحيفة «البيان» الإماراتية، أنه اطّلع من رئيس الوزراء العراقي على «مساعي الحكومة لإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق، وجهودها في محاربة الجماعات المسلحة ومساعدة النازحين من مناطقهم». ونقل البيان عن ولي عهد أبوظبي قوله إن «إشراك جميع مكونات الطيف العراقي في بناء مستقبل العراق هو أحد الضمانات الحقيقية لنجاح العملية السياسية»، مشيداً في الوقت ذاته «بالجهود التي تبذل حالياً لتحقيق تطلعات الشعب العراقي وطموحاته الوطنية، والتي من شأنها أن تلقى دعماً ومساندة وتعاوناً من الدول العربية الشقيقة».
وتأتي زيارة العبادي إلى الإمارات ــ حيث التقى أيضاً نائب رئيس الدولة حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم ــ تجسيداً للموقع السياسي الجديد الذي تحتله حكومة بغداد في محيطها الإقليمي، بعد فترة تعثرات ديبلوماسية واضحة واجهتها، على هذا الصعيد، الحكومة السابقة في عاميها الأخيرين.
وبشكل مترابط مع محاولات بغداد للانفتاح السياسي ولتدوير المواقف حيال عدد من الملفات الداخلية والإقليمية، من المفترض أن يكون الوفد العراقي قد بنى على ذلك، أمس، للبحث في الدعم الاقتصادي الذي تأمله السلطات العراقية في ظل ما تعانيه مالياً جراء الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية وجراء تنامي مؤشرات الأزمة الاقتصادية بفعل تداعيات سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على مناطق في البلاد، والتي تتلخص في نزوح أعداد كبيرة من السكان وفي تدمير البنية التحتية وفي زيادة كبيرة في النفقات العسكرية.
وبالنسبة إلى القوى الإقليمية والدولية، فقد بات الملف الاقتصادي في العراق يشكل مادة أساسية للتفاوض مع سلطات بغداد. وكان صندوق النقد الدولي قد أعلن مؤخراً أن اقتصاد العراق يتجه للانكماش بنسبة 0.5% في عام 2014، وهو أول انكماش في ما لا يقل عن عشر سنوات. وأضاف الصندوق أن احتياطات العراق من النقد الأجنبي تراجعت عشرة مليارات دولار حتى الآن خلال العام الحالي، مرجّحاً أن يصل العجز في ميزانية العراق لعام 2014 إلى خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
على صعيد آخر، من المعروف مدى التأثير السياسي، المتفاوت، لدول مجلس التعاون الخليجي في الداخل العراقي، تحديداً في ما له علاقة بدور العشائر السياسي ضمن المحافظات الغربية في العراق. وبالتالي، لا تبتعد الاتصالات العراقية الجديدة مع دول مجلس التعاون، ومن ضمنها الزيارة إلى الإمارات أمس، عن مشاريع إعادة رسم الخريطة السياسية في البلاد.
في غضون ذلك، يبدو أنه يأتي في خلفية التناغم المستجد بين بغداد ومحيطها «الخليجي» الالتقاء، الضمني، للعبور فوق إرث حقبة حكم نوري المالكي، ضمن ما يسميه البعض «تفكيك دولة المالكي». وفيما تتحدث السعودية من جديد عن إعادة فتح سفارتها في بغداد قريباً، كان وزير خارجية الإمارات ــ المشاركة في ضربات «التحالف الدولي» في سوريا ــ عبدالله بن زايد آل نهيان قد قال بعد زيارة بغداد خلال الشهر الماضي: «ما سمعته ورأيته من رئيس الوزراء (العبادي) هو بصراحة الفرق بين الليل والنهار (مقارنة) مع ما عرفته وسمعته من رئيس الوزراء السابق المالكي». وفي السياق، كانت وكالة «رويترز» قد نقلت، أمس، عن «ديبلوماسي غربي كبير في بغداد» قوله إن العبادي «فكّك جزءاً كبيراً من دولة المالكي... إذا نظرت إلى إنجازات هذه الحكومة، فسيتضح أنها تعمل، ولكن يجب أن تمنح بعض الوقت».
(الأخبار)




... وفي الكويت «خلال أيام»

أعلن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي وزير الخارجية، الشيخ صباح خالد حمد الصباح، مساء أمس، عزم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على زيارة الكويت «خلال أيام».
وأضاف الصباح، على هامش احتفال سفارة المنامة بالعيد الوطني للبحرين، «سيكون لنا معه لقاءات موسعة ومع الوفد المرافق له»، لافتاً إلى أن اللجنة المشتركة بين العراق والكويت (تشكلت عام 2011) ستنعقد عقب الزيارة بأيام، موضحاً أن «التحضيرات جارية لها وسنكون في بغداد لاستكمال ما بحثناه معاً في الكويت».
ورداً على سؤال بشأن تصريح وزير المالية العراقي، هوشيار زيباري، بخصوص تأجيل الدفعة الأخيرة من التعويضات للكويت، قال إن «العراق يواجه تحديات خطيرة وهو من يقوم بمواجهة الإرهاب، والمجتمع الدولي شكل تحالفاً من ستين دولة لمساعدة العراق في محاربة الإرهاب وإعادة أمن واستقرار العراق».
وكان وزير المالية العراقي قد قال، يوم الخميس الماضي، إن بلاده تسعى من خلال مباحثات مع الكويت من أجل تأجيل دفعة أخيرة قيمتها 4.6 مليارات دولار، وذلك من ضمن التعويضات المتعلقة بـ«غزو الكويت» في عامي 1990 و1991.
وأضاف الصباح أن «اللجنة الدولية للتعويضات المنبثقة عن قرارات مجلس الأمن سوف تنظر في الطلب العراقي»، مؤكداً أن «الكويت تجاوبت وستتجاوب في كل ما يخفف من هذه الصعوبات التي يواجهها أشقاؤنا في العراق دون المساس بقرارت مجلس الأمن». وتابع: «تجاوبنا إيجابياً ضمن صلاحيات منوطة باللجنة دون المساس بقرارات مجلس الأمن».
(الأناضول)