ادلب | نجحت قوات الجيش السوري المنسحبة من معسكري الحامدية ووادي الضيف في الوصول الى موقع عسكري للجيش شمال حماة. وكان الوصول الى مدينة مورك هو انتحار جماعي بالنسبة إلى ما أعلنته تنسيقيات المعارضة، إلا أنّ الجيش السوري اعتبره انتصاراً بعد النجاح في الوصول الى المدينة الآمنة بأقل الخسائر الممكنة في الأرواح والعتاد. وتمكنت قوات المشاة التي تقدمت الأرتال العسكرية بمئات الأمتار من اقتحام قرى عدة للمسلحين لتأمين مرور الأرتال عبر الطرق، تلافياً للكمائن التي كان قد نصبها المسلحون.
كيف تم الانسحاب؟

صدرت الأوامر بتنفيذ خطة الانسحاب الطارئة من معسكر وادي الضيف، والسبب بحسب مصدر عسكري نجح مع مجموعته في الوصول الى مورك، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّ «الانسحاب كان بسبب الأعداد الكبيرة التي هاجمت النقاط العسكرية في محيط المعسكر، والتي كانت تهدف الى اقتحامه تحت أي ظرف من الظروف عبر عشرات الانتحاريين». وأضاف المصدر أنّه «لوحظ أن هناك استماتة من جبهة النصرة وحلفائها لاقتحام المعسكر مهما كلفها من خسائر بشرية وعتاد، وخاصة أننا تمكنّا من إعطاب 3 دبابات كانت اقتربت من إحدى النقاط العسكرية وكانت تهدف الى اقتحامها، وتمكنّا من سحب دبابتين بعد قتل السائقين داخلهما وكانتا مفخختين».
وخلال تنفيذ عملية الانسحاب من وادي الضيف توجهت الأرتال عبر مجموعات، قسم منها وصل الى معسكر الحامدية وأخرى الى بلدة معرحطاط جنوب معرة النعمان، التي كانت تحت سيطرتنا، حسب المصدر العسكري.
وبعد ساعات من الانسحاب، تم تنفيذ خطة الانسحاب الثانية من معسكر الحامدية، التي تهدف للوصول إلى مدينة مورك، وكانت الخطة التي وضعت من قبل قيادة المعسكرين بالتنسيق مع القيادة العسكرية.
خلال عملية الانسحاب التي تمت على شكل 6 مجموعات، تقدمت مجموعة كبيرة من عناصر المشاة مهمتها تنفيذ عمليات اقتحام للقرى التي سيتم مرور الأرتال العسكرية فيها، منها قرى التح، وبابولين، والعامرية وغيرها. ونجحت في ذلك، وتمكنت مجموعات من الأرتال من المرور عبر هذه القرى «دون أي خسائر بشرية»، بينما سلكت باقي المجموعات طرقاً ترابية لتشتيت المسلحين، ووقعت اشتباكات عنيفة سقط خلالها عدد من الشهداء والجرحى.
وعند الوصول الى أطراف خان شيخون، يروي المصدر أنّه «تحركت قوات من مدينة مورك باتجاه الاولى لتأمين التغطية النارية للأرتال التي اقتربت من المدينة، ووقعت معارك مع المسلحين استمرت عدة ساعات بمساندة سلاح الجو الذي مهّد الطرق التي سلكتها القوات المنسحبة، ونجح معظمها في الوصول الى مدينة مورك تباعاً فجر الثلاثاء، بعد أكثر من 10 ساعات من المسير وسط ظروف جوية سيئة».
وكانت أوامر قيادة المعسكرين، بحسب المصدر، هي تأمين انسحاب الجنود والآليات، ويقوم بعدها الضباط بمساندة عدد من الذين تطوّعوا لتأمين التغطية النارية من داخل معسكر الحامدية وبلدة معرحطاط لإيهام المسلحين بأن كامل القوات ما زالت في تلك النقطتين، وبعد ساعات من خروج الأرتال العسكرية خرجت المجموعة الاخيرة بعد تمهيد مدفعي من حماة ومساندة الطائرات المروحية.

قائد معسكر وادي الضيف بخير

نفى المصدر العسكري ما نشرته صفحات المسلحين عن وقوع قائد معسكر وادي الضيف في الأسر، مشيراً إلى أنّ «قائد المعسكر وصل ضمن الرتل الذي كان يقوده مع كامل المجموعة التي كانت معه، من دون تسجيل أي خسائر بشرية».

ماذا ترك الجيش داخل وادي الضيف؟

عشرات الآليات ومئات الأسرى، هكذا أعلنت صفحات المعارضة عن غنائم «جبهة النصرة» خلال المعركة.
هذا الأمر نفاه المصدر، قائلاً لـ«الأخبار» إنّ عدد الآليات التي بقيت داخل المعسكر «لا يتعدى عدد أصابع اليدين والرجلين، وجميعها تم إعطابها قبل تنفيذ عملية الانسحاب»، مختصراً خبر الأسرى بالقول: «ليظهروا فيديو يظهر المئات من الأسرى»، ومستدركاً بأنّه «قد يكون عدد من الجنود الذين انسحبوا بشكل إفرادي وقعوا في الأسر، ولا يمكن التأكد من ذلك في الوقت الحالي».
انسحبنا بشرف، هكذا أنهى المصدر العسكري حديثه، معتبراً أنّ نجاح خطة الانسحاب بأقل الخسائر البشرية وإفشال مخطط «جبهة النصرة» وحلفائها في تحقيق مكتسبات معنوية هما انتصار، بينما يرى مصدر معارض، وإعلامهم، أنّ «النصرة» حققت انتصاراً كبيراً في كسر صمود المعسكرين الذي استمر منذ بداية الأزمة السورية، إضافة الى فتح طرق الإمداد عبر الطريق الدولي.

1000 منسحب و50 شهيد

إلى ذلك، علمت «الأخبار» من مصادر عسكرية عدة أنّ عدد القوات التي وصلت الى حماة من المعسكرين بلغ حتى مساء الثلاثاء أكثر من 1000 ضابط وجندي مع عدد كبير من الدبابات والآليات الأخرى. وجرى نقل عدد من الجرحى الى مشافي حماة ليتلقوا العلاج، بينما استشهد 50 مقاتلاً في حصيلة غير نهائية خلال المعارك قبل الانسحاب وأثنائه، وما زال الاتصال مقطوعاً مع عدد من الجنود الذين انسحبوا بشكل فردي.