تتسارع التبدلات ضمن معادلة العلاقة بين القاهرة والدوحة، فيما يبدو أن لا موعد محدداً، بعد، لانعقاد القمة بين البلدين، وذلك في وقت بدا فيه أن التحسن الطارئ على المشهد انسحب، أيضاً، على العلاقة بين أنقرة والسلطات المصرية الجديدة.ويوم أمس، نقلت وكالة «الأناضول» التركية عن مصدرين مصريين استبعادهما انعقاد القمة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر، تميم بن حمد، «خلال الأيام القليلة المقبلة»، فيما أشارا إلى أن «الباب مفتوح أمام مفاجآت».

وقال المصدران الدبلوماسيان إن «القمة التي تناقلت وسائل إعلام معلومات عن قرب انعقادها، لن تكون خلال أيام»، مضيفين إنها لن تعقب زيارة السيسي للصين، التي بدأت أمس. وأوضحا أن القاهرة «بحاجة إلى التثبت من حسن نيات الجانب القطري قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة».
ونقلت الوكالة التركية عن مصدر، قالت إنه مقرب من الخارجية المصرية، قوله إنه «لم يتغير شيء على الصعيد الدبلوماسي حتى الآن، فالسفير المصري لدى قطر لا يزال في القاهرة ولم يغادر». وأضاف إن «هذا ما لدينا حتى الآن ولا نعرف ما الذي قد يحدث في ما بعد... كل شيء وارد».
وجاءت تلك التصريحات قبل دقائق من إعلان قناة «الجزيرة مباشر مصر»، مساء أمس، على نحو مفاجئ، وقف البث «مؤقتاً» من الدوحة حتى توافر «الظروف المناسبة لعودة البث من القاهرة». وفيما أتى ذلك في سياق التبدل الذي شهدته لهجة قناة «الجزيرة مباشر مصر»، منذ أول من أمس، تجاه النظام المصري، بدا أن القرار لم يلق قبولاً لدى فريق من العاملين في القناة.
وقال مصدر من داخل القناة إن «تذمراً ساد بين العاملين في القناة، في ظل السياسة الجديدة التي انتهجتها القناة في التعاطي مع الأحداث في مصر، وتخفيف حدة انتقاداتها لمصر»، خلال اليومين الماضيين.
بدوره، قال المذيع عبد العزيز مجاهد، أمس، رداً على مداخلة لأحد المتصلين في الفقرة المفتوحة، طالبه فيها بأن تلتزم «الجزيرة» الحياد: «هل الجزيرة مباشر مصر هي من تصنع الواقع في مصر؟ وهل إغلاق القناة سيغير الواقع؟ سيظل القاتل قاتلاً، وستظل الدماء على يده، وسيقف أمام قصاص عادل في هذه الدنيا أو في الآخرة».
عموماً، وبالتوازي مع استبعاد المصادر الدبلوماسية انعقاد القمة بين زعيمي البلدين خلال الأيام المقبلة، ذهب خبراء سياسيون إلى القول إن القمة لن تنعقد قبل أسبوعين، كحد أدنى، مرجعين سبب تأخير عقدها إلى انتظار «التأكد من صدق النيات» خلال الأيام المقبلة، وهو ما سيرجئ عودة السفير المصري إلى الدوحة.
وقال أنور ماجد عشقي، وهو رئيس «مركز دراسات الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية» ومقره الرياض، إن «عقد القمة بين القاهرة والدوحة سيكون خلال أسبوعين، ولا سيما مع سير العلاقات في اتجاه إيجابي ووجود رغبة متبادلة بين الطرفين لوضع حلول للملفات الشائكة بين البلدين».
وأضاف عشقي إنه «بالنسبة للملفات الشائكة سيكون هناك اتفاق بشأن توقف المناوشات الإعلامية وإفساح المجال لبعض الشخصيات التي يمكن أن تتناول مصر بصورة إيجابية في وسائل الإعلام القطرية، والعكس، مع التأكيد على ألا تكون علاقة قطر مع أي دولة، على حساب مصر». لكنه استطرد: «برغم أن موعد القمة سيكون خلال أسبوعين، لكن يبقى هناك احتمال أن يغادر الرئيس المصري إلى الرياض عقب انتهاء زيارته للصين قائماً، ولا سيما إذا ما استشعر الجانب المصري مدى جدية قطر، وبدءها الفعلي في الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد».
من جهته، قال الخبير في العلاقات الدولية في «مركز الأهرام الاستراتيجي»، سعيد اللاوندي، إن «القمة المرتقبة بين الرئيس المصري وأمير قطر ستكون خلال الشهر المقبل، بحد أدنى، وقبل عقد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في آذار المقبل، بحد أقصى». وفسّر اللاوندي الموعد المحدد بقوله إن «الغرض من أن يكون لقاء القمة قبل مؤتمر شرم الشيخ، هو ألا يكون هناك خلاف بين مصر وأي دولة خليجية، قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي الذي تعول عليه القاهرة».

أنقرة على الطريق

لمح نائب رئيس الوزراء التركي، بولنت أرينتش، إلى ضرورة إزالة التوتر القائم بين بلاده ومصر، وقال: «قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولا، لكن علينا تحقيق ذلك». جاء ذلك في حوار مع قناة «الجزيرة» التركية، تطرق فيه أرينتش إلى علاقات بلاده مع مصر ودول الخليج، وموقفها من جماعة الإخوان المسلمين.
وردّاً على سؤال عما قصده، من تصريح سابق له بأن الفتور في علاقات بلاده مع دول الخليج سيزول وستتغير العلاقات بسرعة، أجاب أرينتش: «لدينا علاقات عريقة وعميقة وتاريخية. من غير الممكن أبداً أن نكون بعيدين عن بعضنا بعضاً، وأن نتصرف ببرود».
وأوضح أن أنقرة شعرت ببرود في العلاقات بين قادة بعض البلدان والحكومة التركية بسبب بعض القضايا في الآونة الأخيرة، منها الأحداث في سوريا ومصر وفلسطين وغزة، مضيفاً: «هذا وضع غير عادي، ويجب إزالته حتماً».
وحول سؤال عما إذا كانت العلاقات مع مصر ودول الخليج ستتحسن، أعلن أرينتش أن رد فعل بلاده إزاء «الانقلاب الذي وقع في مصر» قد يكون مختلفاً لناحية تقييمه الديموقراطي، مشيراً إلى أن مصر شهدت مرحلة انتقالية عقب ذلك وأن بلاده تعتبرها «غير صحية». لكنه أضاف: «أجريت انتخابات ووصل السيسي إلى الحكم... تركيا تقول حتى الآن إنها لا تقبل مبدئياً إطاحة شخص وحكومة منتخبين عن طريق الانقلاب».
وتابع نائب رئيس الوزراء قائلاً إن هناك وضعاً قائماً والعالم بأسره يقبله، «فالسيسي اليوم يمكنه زيارة أميركا والبلدان الغربية، وفي هذا الخصوص، علينا أن نقيم علاقاتنا مع مصر على أرضية سليمة بسرعة... قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولاً، لكن علينا تحقيق ذلك».
ومضى قائلاً: «باختصار تركيا بحاجة، على صعيد السياسة الخارجية، إلى علاقات صداقة طيبة تستند إلى التفاهم المتبادل، وعلى الأخص مع مصر ودول الخليج والكويت وجميع البلدان في الشرق الأوسط».
وعن سؤال حول موقف بلاده من جماعة «الإخوان المسلمين»، أكد أرينتش ضرورة وضع التنظيمات التي لا تنتهج العنف والسلاح من جهة تأسيسها وأهدافها خارج إطار التنظيمات الإرهابية. وأوضح أنه بحسب ما يعرفه فإن قياديي جماعة الإخوان ممن لم يفضلوا اللجوء إلى العنف لا في أربعينيات ولا خمسينيات ولا حتى ستينيات القرن الماضي. واستطرد: «في ما بعد إذا كان هناك من قام بعمل إرهابي وفضل العمل المسلح، وإذا كان هناك من شارك بعمليات قتل، على أنه من الإخوان، فإننا ننظر إلى هؤلاء كما يُنظر إلى التنظيمات الإرهابية».
(الأخبار، الأناضول)