القاهرة | مع قرب انتهاء الفصل الدراسي الجامعي الأول في مصر، تفيد تقارير حقوقية بأن 317 طالباً لا يزالون في السجون منذ بدء الدراسة في تشرين الثاني الماضي. ويذكر المرصد الطلابي لمؤسسة «حرية الفكر والتعبير» (مؤسسة مستقلة) أن طريقة تعامل قوات الأمن مع الجامعات هذا العام تغيرت، فهي «استبقت بداية الدراسة بحملة اعتقالات للطلاب من منازلهم شملت ما يقارب 60 طالباً»، قالت وزارة الداخلية آنذاك إنهم من قيادات حركة «طلاب ضد الانقلاب» المقربة من جماعة الإخوان المحظورة.
وفي خطوة لتلطيف الأجواء، قرر النائب العام، هشام بركات، يوم أمس، إخلاء سبيل 130 من الطلبة وصغار السن المحبوسين في قضايا متعلقة بالأحداث الجارية «حفاظاً على مستقبلهم الدراسي». ولم يوضح البيان الصادر عن بركات موعد تنفيذ القرار، لكنه قال إن الإجراء جاء «نتيجة عمليات استعراض حالات المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا الأحداث الجارية، وبمناسبة المولد النبوي الشريف»،
وإلى جانب الاعتقالات، اتبعت إدارات الجامعات سياسات عقابية بحق الطلاب والأساتذة، تمثلت في قرارات فصل جماعية ونهائية، أو فصل مؤقت، كذلك كانت هناك إحالات للتحقيق الإداري داخل الجامعة.
منذ بداية العام
فصلت جامعة الأزهر 122 طالباً وطالبة
والأسبوع الماضي اتخذت جامعة الأزهر قراراً بفصل 71 طالباً فصلاً نهائياً لتورطهم في «أعمال عنف»، وأمس قررت فصل 51 آخرين بالتهمة نفسها، ما يرفع عدد المفصولين منذ بداية العام إلى 122 طالباً وطالبة. وأشار بيان الجامعة إلى أن كل من فصلوا سيسري عليهم «التجنيد والخدمة في القوات المسلحة».
ووفقاً للقانون المصري، فإن الفصل النهائي يمنع الطالب من دخول الجامعة مرة أخرى، وإمكانية الالتحاق بأي من الجامعات المصرية الأخرى، وهو الأمر المطبق منذ التعديل الذي أصدره الرئيس السابق عدلي منصور. كذلك صدّق الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، على قانون ينص على أحقية رئيس الجامعة بفصل أي طالب تظاهر أو تورط في عمليات شغب.
في المقابل، أطلقت وزارة التعليم العالي مبادرة لعودة الطلاب المفصولين «ما لم توجه إليهم تهم جنائية»، بشرط توقيع أهالي الطلاب على إقرارات بمنع أبنائهم من «ممارسة الشغب مرة ثانية». وقال رئيس جامعة القاهرة، جابر نصار، إن جامعته استجابت لهذه المبادرة وأعادت «49 طالباً إلى الدراسة من أصل 140 فصلتهم الإدارة نهائياً». لكن هذه المبادرة لم تشمل الأساتذة الجامعيين المتهمين بالتحريض على العنف، ووفقاً لحصر أجرته «حركة جامعة مستقلة» (مقربة من الإخوان) فإن 31 أستاذاً جامعياً تعرضوا لفصل نهائي من عملهم، إضافة إلى 134 عليهم عقوبات إدارية.
ويتولى تنسيق «حركة جامعة مستقلة»، الأستاذ في كلية علوم جامعة القاهرة، الدكتور أحمد عبد الباسط، وهو أحد الموقوفين عن العمل لمدة ثلاثة أشهر بتهمة «إهانة رموز الدولة وتحريض الطلاب على التظاهر». يقول عبد الباسط لـ«الأخبار»، إن «السلطة تنتهك معايير الحريات الأكاديمية، وتعرض الأساتذة الجامعيين لمحاكمات صورية والإهانة والتعذيب، فضلاً عن الانتهاكات الناعمة التي تتمثل في تعطيل المشاريع البحثية ووقف تمويلها».
ومن الأساتذة المفصولين نهائياً شخصيات سياسية بارزة مثل الوزيرين السابقين في حكومة الرئيس المعزول (محمد مرسي) هما عمرو دراج وباسم عودة، وأيضاً سيف الإسلام عبد الفتاح وباكينام الشرقاوي اللذان كانا مستشارين لمرسي. كذلك انطبق الأمر نفسه على مرشد جماعة الإخوان، محمد بديع، الذي كان أستاذاً متفرغاً في قسم الطب البيطري. ومع أن الإجراءات الأمنية أدت إلى استقرار الأوضاع في الجامعات وقللت حدة الاشتباكات بين الأمن والطلاب، فإنها جعلت الخوف يسيطر على أروقة الجامعات. وتنتقد عضو حركة استقلال الجامعات وأستاذة الرياضيات في جامعة القاهرة، ليلى سويف، هذه الحالة التي وصفتها بالعشوائية. وتضيف لـ«الأخبار»: «بدأت الدراسة هذا العام مع تأخير لثلاثة أسابيع، بل حددت مواعيد انتهائها مبكراً بثلاثة أسابيع أيضاً... غالبية المعلمين لم يعطوا سوى نصف المناهج المقررة».
ويقول طلاب إنهم صاروا يخافون من القدوم إلى الجامعات، ففي أي لحظة قد يحيط الأمن الجامعات وتندلع اشتباكات يذهب ضحيتها بعض الطلاب الذي يصادف وجودهم لحظة الاشتباك، ما قد يقضي على مستقبلهم، فيما يرى بعض الطلاب المقربين من «الإخوان» أن «الإجراءات التعسفية» أعدمت الجدوى من أي تحرك داخل الجامعات.