اكتشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خصماً يسارياً يستطيع أن يقدمه أمام الجمهور اليميني كمصدر تهديد لتولّيه رئاسة الحكومة المقبلة، بهدف نقل التنافس الى خارج أحزاب المعسكر اليميني، الذي أدى إلى انكماش كتلة «الليكود _ بيتنا» وتراجعها لصالح كتلة «البيت اليهودي» المتطرف، وجعله في مواجهة كتلة اليسار التي تسعى إلى إسقاط نتنياهو من رئاسة الحكومة.
والتقط نتنياهو محاولة أحزاب الوسط الإسرائيلي، «العمل» و«الحركة» و«يوجد مستقبل» تعزيز التنسيق في ما بينها خلال اجتماع ليلي، ليشنّ بنفسه حملة مضادة على هذه الخطوة التي تحاول إيجاد كتلة مانعة تحول دون توليه رئاسة الحكومة، أو على الأقل تشكيل كتلة ضاغطة باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأعلن نتنياهو في مقابلة مع إذاعة الجيش ومع الإذاعة الإسرائيلية أنه لم يفاجأ بهذه الخطوة التي لها هدف واحد هو «إسقاط الحكومة برئاستي». وحاول تذكير الجمهور اليميني بتجربة إسقاطه في عام 1999 بالقول إنهم «لن يوفروا وسيلة لتكرارها في المرحلة الحالية»، مضيفاً «أنا أفترض أنهم سيفعلون ذلك أيضاً هذه المرة». وحرص على وصف حزب «العمل» الذي تترأسه شيلي يحيموفيتش و«الحركة» التي تترأسها تسيبي ليفني و«يوجد مستقبل» الذي يترأسه يائير ليبيد، بأنها أحزاب يسارية، وهو ما يرفضه قادة الاحزاب الثلاثة.
وردّ على إعلان يحيموفيتش بأنها لن تشارك في حكومة برئاسة نتنياهو بالقول «أنا لا أرفض أي أحد من الانضمام إلى حكومة برئاستي، ولكن يوجد في هذه الحالة رفض لي شخصياً». وحاول توظيف موقف رئيسة حزب «العمل» للقول إن التنافس الانتخابي الآن هو بين اليمين واليسار. ومن أجل استعادة الاصوات اليمينية التي انزلقت نحو «البيت اليهودي»، رأى أن تقلص كتلة «الليكود _ بيتنا» في استطلاعات الرأي هو الذي دفع الأحزاب اليسارية إلى محاولة التكتل.
في المقابل، سارعت رئيسة حزب «العمل» إلى الردّ على نتنياهو بالقول «لم أسمع منه كلمة واحدة عن أمل أو تحديد رؤية، بل فقط تهديدات وتفسيرات سياسية... متجاهلاً السبب الذي دفع نحو إجراء انتخابات مبكرة، وهو الخوف من إمرار موازنة تنطوي على اقتطاعات قاسية جداً ستمس بالطبقة الوسطى والضعفاء». أما حزب «الحركة»، فرأى أن مواقف نتنياهو جاءت بعدما أدرك أن مبادرة ليفني في إنتاج كتلة (وسطية) يمكن أن تؤدي إلى استبداله.
وأتت مقابلة نتنياهو بعد حالة من الرضا سادت الهيئة الانتخابية لـ«الليكود _ بيتنا» «في أعقاب مبادرة توحيد الأحزاب اليسارية والوسطية». ونقلت صحيفة «معاريف» عن أحد المسؤولين في الهيئة قوله إن «الرسالة التي خرجنا بها أن اليسار يريد إسقاطنا، ولذلك ينبغي التجنّد من أجل إنقاذ الوضع، وهذا الأمر يعيد مرة أخرى الحملة الناجعة لليكود في مقابل اليسار».
وكان قادة الأحزاب الثلاثة، «العمل _ الحركة _ يوجد مستقبل»، قد عقدوا لقاءً سرياً ليلياً، بهدف تنسيق المواقف تمهيداً للانتخابات المقبلة، وتحديداً بشأن كيفية التصرف في حال تم تكليف نتنياهو بتأليف الحكومة المقبلة، إلا أنه لم يحقق أي مفاجأة حقيقية.
من جهة ثانية، وليس بعيداً عن التجاذبات السياسية الداخلية، أحدثت المواقف التي أطلقها رئيس «الشاباك» السابق، يوفال ديسكين، تجاه نتنياهو وزير الدفاع إيهود باراك، ووصفه المفصّل لما يجري في الغرف المغلقة التي تتخذ فيها القرارات الأمنية والسياسية المصيرية، يوم الجمعة الماضي، هزة في الساحة السياسية الإسرائيلية، واستدرجت العديد من ردود الفعل، إذ رأت ليفني أن ما كشفه ديسكين «يبعث على الصدمة»، ويؤكد أنه «لا يمكن إبقاء أمن إسرائيل ومستقبلها بيدي نتنياهو وليبرمان، فهما خطيران وغير مسؤولين».
أما رئيس حزب «كديما»، شاؤول موفاز، فأكد كلام ديسكين بالقول «كنت شاهداً على الرغبة المهووسة لديهما (نتنياهو وباراك) في استخدام الخيار العسكري ضد إيران. من لحظة دخولي إلى الائتلاف جرت معي مداولات محددة في الموضوع، ولكن عارضت ذلك بشدة في ذلك الوقت، وكان رأيي في حينها أن هذه ليست حرباً خاصة لإسرائيل».
بدوره، رأى وزير الدفاع الأسبق والقيادي في حزب «العمل»، بنيامين بن أليعازر، أن «الأعراب عن عدم الثقة المتعاظمة من جانب كل قادة أذرع الاستخبارات، الذين تولّوا مناصبهم في عهد نتنياهو، يجب أن يقلق كل واحد وواحدة من مواطني إسرائيل».
في المقابل، دافع وزير الشؤون الاستراتيجية والقيادي في حزب «الليكود»، موشيه يعلون، عن نتنياهو بالقول «في السنوات الأربع الاخيرة حضرت المداولات الأكثر حساسية، ويمكنني أن أقول بفم ملآن إنها تجري بجدية، بعمق وبمسؤولية، بقيادة رئيس الوزراء. يمكنني أن أشهد بأنه كانت هناك حالات غير قليلة فيها خلافات أيضاً بين رئيس الوزراء وبيني، وأصرّ رئيس الوزراء على أن أعرب عن رأيي وأدلي بآرائي».