منذ أصبح حارس المنتخب السوري عبد الباسط ساروت منشداً لـ«الثورة السورية»، أطلق شعاراً وحيداً: « غيِّر أو تغيَّر». شعارٌ ردّده الساروت قبل مقتل عائلته وبعده. الشعار الأشهر كان موجّهاً، ولا يزال، للرئيس السوري بشّار الأسد. آنذاك، كان اللاعب الشاب يقصد بشعاره «قادة الأجهزة الأمنية الذين أذاقوا الشعب السوري الأمرّين». أما اليوم، فيستعيد عدد من المعارضين هذا الشعار. يرون فيه بيت القصيد الذي يمنع أحداً من الثقة بهذا النظام. يُسقطونه على الخطاب فيخرجون بخلاصة مفادها: «نحن موقنون بأن النظام لن يسقط بقوة السلاح، ولا حل في سوريا بغير الحوار».
ينطلق هؤلاء من هذه الخلاصة ليُجروا قراءة شاملة لمضمون الخطاب، فُيجمعون على أنّ «الأسد كان في خطابه واثقاً من نفسه، بعكس سابقه الذي بدا فيه مرتبكاً». يتحدثون عن «كلام جميل» صادر عن الرئيس الذي «يبدو صادقاً»، لكنهم في الوقت نفسه يرون أن «الخطوط العريضة التي وضعها الأسد للحل ستفشل، ولو كانت من ذهب، لأن هناك أزمة ثقة مع الأجهزة الأمنية التي ستُنفّذها». هكذا يضرب هؤلاء على «وتر حسّاس»، يستغربون كيف لا يلتفت الرئيس الأسد إليه «إن كان صادقاً في ما يطرح». يمازح أحدهم مستذكراً كلمات الأغنية القائلة: «أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب»، التي يرى أنّها تُلخّص موقفه من الخطاب. يؤكد المعارض المذكور ثقته بصدقية الأسد، لكنه يتحدّث عن «تجربة سيئة مع المنفّذين»، فيضرب أحد الأمثلة موضحاً: «هناك العديد من مسلّحي المعارضة الذين قد يكونون اقتنعوا بخطاب الأسد، لكن هل يجرؤ أحد منهم على تسليم سلاحه؟». يطرح المعارض نفسه تساؤلاً قبل أن يُجيب عنه: «بالطبع لا». ثم يُردف قائلاً: «ما ضمانة هذا الرجل كي لا يذبحه رجال الأمن أو حتى المعارضون أنفسهم؟». يعود الرجل إلى نقطة الثقة نفسها التي يُثيرها المعارضون، فيرى أن الأسد بحاجة ملحّة إلى «بناء جسر من الثقة مع المواطن». وفي نظره، «ليس بناء الثقة مع المعارض فحسب، بلا حتى مع المواطن العادي».
يعرض معارضٌ آخر ، موجود في بلجيكا، إيجابيات الخطاب، فيُشيد بفصل الأسد بين معارضات الخارج، لا سيما إشارته إلى أنه لا يوجه خطابه إلى المعارضة الخارجية التي تدعو إلى التدخل الخارجي. يؤكد المعارض نفسه أنه يرفض أي تدخل خارجي في سوريا، لكنه يقف في الصف إلى جانب معارضين آخرين يسألون عن ضمانة تطبيق ما قدّمه الأسد. ويستغرب إقفاله الباب أمام المبادرات الخارجية، فيرى أن «ما يجري في سوريا سببه فقدان الثقة بين الشعب وبين النظام»، معتبراً أن ذلك «يستدعي تدخّل دولة صديقة مستقلة تقود مبادرة، قد يكون النظام نفسه قد صاغها، لكن بطريقة غير مباشرة ».
في المقابل، يرى معارض مقيم في العاصمة الفرنسية أن «كلام الخطاب كان منطقياً لأنه يُعزز حقيقة أن الأزمة السورية يستحيل إنهاؤها بغير الحوار»، لكنه يلفت إلى أن «من يكره الأسد لن يُعجبه الكلام لو كان المتكلّم كليم الله موسى». أما من يُرد الخلاص، فبالتأكيد مقتنعٌ بأن «الدم لا يجلب سوى الدم». المعارض الذي يبدو ودوداً مع النظام، يستدرك بأن «المشكلة ليست في رأس الهرم، بل بالذين إلى جانبه». وفي الوقت نفسه يؤكد «مسلّمة أن كلا الائتلاف الوطني والنظام مجرمان»، مستدلاً على ذلك بأن «الائتلاف الذي يرفض الجلوس إلى طاولة الحوار يساهم في مزيد من إراقة الدم السوري». معارض آخر، موجودٌ في فرنسا أيضاً، يرى أن «بشار الأسد جاء متأخراً جداً». يسأل المعارض نفسه: «لماذا لم يُكلّف الأسد نفسه يوماً أن يجول في المعتقلات الموجودة لديه؟». ويضيف قائلاً: «هل يعقل أن بشار الأسد لا يدري بالانتهاكات التي تجري في فروع الأجهزة الأمنية لديه؟». ثم يخلص إلى القول بأن «من أوصل سوريا إلى هنا هو عدم مراقبته لما يجري على الأرض»، وبالتالي فإن «ذلك يعزز اقتناعنا بأنه لا يمكنه أن يكون ضمانة لأحد». ويُردف قائلاً: «جرّبنا مع والده 30 سنة، ومعه 11 سنة، نُريد جديداً». يتحدث معارض آخر عن اللجان الشعبية المنتشرة في الشوارع. ينتقد كون هذه اللجان بغالبيتها الساحقة تنتمي إلى الطائفة العلوية، معتبراً أن ذلك يخلق حساسية لدى أبناء من الطائفة السنيّة وغيرها من الموالين للأسد، لكنهم لا ينتمون إلى طائفته، مشدداً على أن هذا الانتقاء سيؤدي إلى خسران مؤيديه.
رغم تعدد الملاحظات على خطاب الأسد، يُجمع المعارضون على رفضهم إسقاط سوريا، لكنهم يسألون عن الطروحات والتقديمات لتعزيز الثقة المفقودة في أجواء الرعب التي يعيشها المواطنون، موالون ومعارضون، من الأجهزة الأمنية.