تتابعت الردود على خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، إذ جدّدت واشنطن انتقادها القاسي، فيما رأت الأمم المتحدة أنّه «لا يساهم في إيجاد حلّ»، في حين عبّرت الدوحة عن صدمتها من كلام الأسد، بينما دعت دمشق، من جديد، إلى الحوار، بالتزامن مع تصاعد الاشتباكات العسكرية في مناطق مختلفة من سوريا. ودعا وزير الاعلام السوري، عمران الزعبي، «جميع قوى المعارضة» إلى المشاركة في حوار وطني يعتمد على «احترام السيادة الوطنية ورفض التدخل الأجنبي». كما سأل «كيف تسنّى لبعض وزراء الخارجية اتخاذ موقف من خطاب الرئيس بشار الأسد دون أن يأخذوا وقتاً لترجمة الخطاب وقراءته؟ وكيف لبعض قوى المعارضة أن تتخذ هذه المواقف بهذه السرعة؟». ولفت إلى أنّ «الحلّ السياسي لم يطرح لأول مرة في خطاب الأسد، وهذا المبدأ مطروح منذ اللحظة الأولى وهو انعكاس لإيمان الدولة بالحلّ السياسي»، مشيراً إلى أنّ «هناك بعض المعارضين، ومنهم يساريون، مصابون برهاب الحوار مع الدولة منذ اللحظة الأولى، ويرفضون كلّ الطروحات».
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني، خلال مؤتمر صحافي جمعه مع نظيره المصري هشام قنديل في مصر، أنّ «خطاب الرئيس السوري بشار الأسد لم يأتِ بجديد»، مشيراً إلى «أنّه صدم من خطاب من هذا النوع بعد عامين من الصراع في سوريا». ولفت إلى أنّ «الأسد هو المسؤول عن القتل والدمار في سوريا، باعتباره رئيساً للبلاد»، داعياً الأسد إلى «اتخاذ موقف شجاع من الشعب السوري والوضع في البلاد».
في السياق، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري بشار الأسد «لا يساهم في إيجاد حلّ من شأنه وضع حدّ للمعاناة الرهيبة للشعب السوري»، وفق ما أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نسيركي. وأضاف المتحدث أن بان أصيب بـ«خيبة أمل» لأنّ هذا الخطاب «يرفض العنصر الأكثر أهمية في إعلان جنيف، والذي ينصّ على انتقال سياسي، وتشكيل حكومة انتقالية تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة وتضم ممثلين لجميع السوريين». وأكد المتحدث أنّ بان والموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي «يواصلان العمل من أجل حلّ سياسي للنزاع، على أن يشمل ذلك انتخابات حرة وعادلة تحت إشراف الأمم المتحدة».
من ناحيته، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، إلى أنّ «المسألة السورية ليس لديها حل عسكري، إنما حلول سياسية، وخطاب الأسد يشكّل محوراً للمزيد من التحاور والتفاهم»، مشدداً على أنّه «لا يحق لأيّ دولة أن تفرض إرادتها على الشعب السوري، بل يجب توفير مناخ هادئ للشعب كي يقرر إلى من يريد تسليم الأمور».
بدورها، أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، إلى أنّ «ما قام به (الرئيس السوري بشار) الأسد هو تجسيد للشر». وأضافت أنّه «أحد الافرقاء الأكثر وحشية على الساحة الدولية اليوم».
في سياق آخر، طالب ممثلون عن فصائل فلسطينية في دمشق، أمس، بجعل مخيّم اليرموك «منزوع السلاح»، ودعوا قادة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس إلى القيام بحملة اتصالات عربية، واقليمية، ودولية لإعادة اللاجئين الذين نزحوا من المخيم. وعقد مؤتمر صحافي في مكتب أحد مسؤولي جبهة النضال، خالد عبد المجيد، الذي تلا بياناً باسم الجبهة الشعبية _ القيادة العامة، وفتح الانتفاضة، والجبهة الديمقراطية، وجبهة التحرير.
ودعا، البيان، «المسلحين إلى الانسحاب من مخيّم اليرموك لانهاء حالة التشرد التي يعاني منها أبناء المخيّم بالاضافة الى الإضرار بالمكانة السياسية التي يمثلها مخيم اليرموك كرمز للاجئين».
في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن مقتل خمسة أشخاص في مخيّم اليرموك أمس، بينهم أربعة في سقوط قذيفة، وواحد برصاص قناص.
ميدانياً أيضاً، تمكنت القوات النظامية السورية من صدّ هجوم على بلدة المسطومة في محافظة ادلب بعد أيام من دخول مقاتلي المعارضة إليها. وأفاد المرصد أنّ مقاتلي المعارضة «انسحبوا من بلدة المسطومة القريبة من مدينة ادلب، بعد اشتباكات عنيفة وقعت بينهم وبين القوات النظامية، التي تملك مركزاً عسكرياً عند طرف القرية».
وقال مصدر عسكري لوكالة «فرانس برس» إنّ «الجيش السوري بمؤازرة كتيبة المهام الخاصة (اللجان الشعبية) نجح في السيطرة على المسطومة»، مشيراً إلى مقتل أكثر من عشرين مسلحاً، وجرح عدد كبير غيرهم في الاشتباكات.
من جهة ثانية، قال المرصد إنّ مقاتلين معارضين «اسقطوا طائرة مروحية في قرية كراتين كانت في طريقها إلى مطار تفتناز العسكري في محافظة ادلب». في حين أفاد المرصد، وسكان في المنطقة، عن تراجع المعارك في محيط مطار تفتناز أمس. في محافظة حلب، وقعت اشتباكات عنيفة في محيط مطار النيرب العسكري، واستهدف مقاتلون معارضون المطار بقذائف عديدة.
في موازاة ذلك، أفادت وكالة «فرانس برس» أنّ الجيش السوري أعاد السيطرة على حيّ الاشرفية، في مدينة حلب، بعد محاولة مسلحين معارضين التقدم إليه خلال اليومين الماضيين.
في ريف دمشق، تعرّضت مناطق عدة لقصف من القوات النظامية، بالتزامن مع اشتباكات في منطقة السيدة زينب قرب العاصمة وفي داريا جنوب غرب دمشق ومحيطها.
(أ ف ب، رويترز، سانا)