ردّت دمشق على تصريحات الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي، واصفةً إياهاً بالمنحازة لمواقف أوساط متآمرة على سوريا، في حين دعت موسكو القوى العالمية إلى أن تترك للشعب السوري اتخاذ قرار حول مستقبله. واعتبرت دمشق أن تصريحات الأخضر الإبراهيمي، التي انتقد فيها خطاب الرئيس بشار الأسد، تظهر انحيازه «بشكل سافر». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله إنّ «سوريا تستغرب بشدة ما صرح به الأخضر الإبراهيمي لخروجه عن جوهر مهمته، واظهاره بشكل سافر انحيازه لمواقف أوساط معروفة بتآمرها على سوريا والشعب السوري، والتي لم تقرأ البرنامج السياسي لحلّ الأزمة في سوريا بشكل موضوعي».
من جهتها، دعت موسكو القوى العالمية إلى أن تترك للشعب السوري اتخاذ قرار حول مستقبله، فيما تقوم بالتحضير لمحادثات حول الأزمة السورية في جنيف، اليوم، مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وليام بيرنز، والمبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي.
وفي بيان، قالت موسكو إنّ كلّ التصريحات، خاصة تلك التي تصدر من واشنطن، حول سبل إزاحة الرئيس بشار الأسد من السلطة خاطئة، لأنّ الخيار النهائي هو للشعب السوري. وأضاف أنّ «موقف روسيا لا يزال كما هو دون تغيير»، داعياً «جميع الأطراف الخارجية إلى مضاعفة مساعيها لإيجاد ظروف تؤدي إلى بدء حوار».
وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع لقاء مغلق بين نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ونظيره التركي فريدون سينرلييوغلو.
في موازاة ذلك، صرّح وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، أمام البرلمان، بقوله «حثّ خطاب الرئيس (السوري بشار) الأسد في الأسبوع الماضي الشعب السوري على وحدة الصفّ في حرب ضد معارضيه. في ظلّ عناد النظام ووحشيته هناك خطورة حقيقية في تفاقم العنف حقاً خلال الأشهر المقبلة». ومضى يقول «إذا حدث ذلك فيجب أن يصعد المجتمع الدولي من الردّ. لذلك لن نستبعد أيّ خيارات لإنقاذ الأرواح وحماية المدنيين».
من ناحية أخرى، وفي تصريح جديد، قال المبعوث الدولي بشأن الأزمة في سوريا الأخضر الابراهيمي إنّه لا يرى دوراً للرئيس بشار الأسد في حكومة تشرف على مرحلة انتقالية في البلاد. وأشار في مقابلة مع وكالة «رويترز» إلى أنّ الأسد «بكلّ تأكيد لن يكون عضواً في هذه الحكومة». وأكد رأيه بأنّ خطة السلام التي أقرّت في جنيف العام الماضي ما زالت أساس الحلّ للصراع في سوريا. وأضاف أنّ «نتحدث عن حلّ سلمي... لا حلّ عسكري». وقال إنّه «كلّما أسرعنا بالحلّ السلمي كان أفضل، لأنّ سوريا تتهشّم. عملية الهدم يجب أن تتوقف».
وعبّر الإبراهيمي عن أسفه لمأساة اللاجئين السوريين، الذين نزحوا عن ديارهم بسبب الصراع. ووجّه مناشدة إلى كلّ السوريين «سواء كانوا مقاتلين أو كان الرئيس أو كانوا مسؤولين»، قائلاً إنّ «أيّ تنازل يتمّ تقديمه لن يكون خسارة لكي ينتهي هذا الوضع». وأضاف «لا يمكن أن ينتظر الحلّ إلى عام 2014، يجب أن يتمّ في عام 2013».
واعتذر الإبراهيمي عن استخدامه كلمة «طائفية»، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية في وقت سابق، لوصف خطاب الأسد. وقال «إنّها زلة لسان... ولذلك أعتذر». وأشار إلى أنّ الخطاب «ضيّق ومتصلب. والأسد ضيّق نطاق مبادرته لايجاد حلّ، لأنّه لم يطرح حواراً وطنياً وانما استثنى بعض الأطراف».
في سياق آخر، اعتبر «المجلس الوطني السوري» أنّ صفقة التبادل التي اطلق بموجبها المقاتلون المعارضون رهائن إيرانيين في مقابل اطلاق أكثر من ألفي معتقل في السجون السورية، تكشف «مدى تبعية النظام السوري لحكام طهران، والدور الخطير الذي يلعبه النظام الإيراني في سوريا الأسيرة». وأضاف، المجلس في بيانه، «يكفي النظام السوري عاراً أنّه النظام الوحيد في العالم الذي بادل حرية مواطنيه بحرية مواطني دولة أجنبية».
واعتبر أنّ اطلاق سراح السوريين «انتصار جديد ومن نوع جديد حقّقه الشعب السوري وجيشه الحر»، محيّياً الأخير «على هذا الانجاز الكبير». كما رأى المجلس في الخطوة «بشرى للشعب السوري باقتراب نصره النهائي على الطغيان والاستبداد، واستعادته لحريته الكاملة». واعتبر أن حجم التبادل «يعطي صدقية كبيرة لما أعلنه الجيش الحر في وقت مبكر من أن الإيرانيين الذين اعتقلهم عناصر أمنية جاءت لتدعم نظام الأسد».
إلى ذلك، رصدت الدول الأعضاء في حلف شمالي الأطلسي اطلاق صواريخ باليستية جديدة في سوريا سقطت في الأيام الماضية داخل الحدود، حسب ما أفاد الحلف. وصرح مسؤول في بروكسل بقوله «رصدنا اطلاق صاروخ باليستي قصير المدى يوم الأربعاء في سوريا». وأوضح أنّه «منذ مطلع كانون الأول أطلق ما لا يقلّ عن 15 صاروخاً باليستياً». وأضاف «كافة الصواريخ أطلقت من داخل سوريا، وطالت شمال» البلاد، موضحاً أنّه غير قادر على اعطاء تفاصيل تقنية حول الأسلحة المستخدمة، التي يمكن أن تكون من طراز سكود.
ميدانياً، أيضاً، شنّ الطيران الحربي غارة جوية على مطار تفتناز العسكري في محافظة ادلب، وأوضح المرصد السوري لحقوق الانسان أنّ «اشتباكات عنيفة» دارت بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين داخل أجزاء من المطار.
وفي ريف دمشق، أغار الطيران الحربي على بلدة المليحة والغوطة الشرقية، في حين دارت اشتباكات في منطقة السيدة زينب، في ضاحية العاصمة.
من جهة أخرى، أفاد المرصد عن «أنباء عن العثور على جثامين 12 رجلاً في منطقة البحوث العلمية في ريف حلب»، كما «أبلغت السلطات السورية ذوي 16 مواطناً بالقدوم إلى مشفى حمص العسكري من أجل استلام جثامينهم».
من جهتها، دعت الأمم المتحدة إلى تأمين مساعدات عاجلة لاغاثة آلاف اللاجئين السوريين بمخيّم الزعتري شمال الأردن بعد عاصفة شديدة.
وقالت مديرة مكتب صندوق الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، في الأردن، دومينيك هايد، إنّ «الموارد التي وفّرناها عام 2012 استنفدت، ولم تصلنا أيّ أموال جديدة هذا العام». وناشدت «المجتمع الدولي والجهات المانحة توفير المال في أقرب وقت ممكن». وأضافت أنّ «الـ72 ساعة المقبلة تشكّل اختباراً حاسماً لقدرتنا على توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال وأسرهم في مخيّم الزعتري».
(أ ف ب، رويترز، أ ب، سانا)