أغلقت القوات الجزائرية، مبدئياً، ملف عملية عين إميناس، بصورة دموية، بقتل عدد من الرهائن والخاطفين، لا تزال حصيلتهم غير واضحة، فيما أُعلن عن النجاح في إطلاق عدد من المحتجزين، الذين لا تزال أيضاً تفاصيل عددهم وجنسياتهم مبهمة. وفي الحصيلة الأولية للهجوم الجزائري على منشأة الغاز الواقعة في عين إميناس على بعد 1300 كيلومتر جنوبي شرقي العاصمة الجزائرية، حيث احتجز مئات الجزائريين وعشرات الأجانب منذ الأربعاء الماضي، أفاد وزير الاتصال الجزائري محمد السعيد، الإذاعة الجزائرية أول من أمس، عن «مقتل 23 شخصاً (رهينة) والقضاء على 32 إرهابياً، لكنه أكد أن هذه «تبقى حصيلة مؤقتة... ومرشّحة للارتفاع». لكن تلفزيون «النهار»، كشف أمس أن القوات الخاصة عثرت أمس على 25 جثة لرهائن في «عين إميناس»، فيما أعلنت وزارة الداخلية أن القوات الجزائرية تمكنت من تحرير «685 موظفاً جزائرياً و107 أجانب» في عمليتها.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية، أن أحد عشر من الخاطفين قتلوا آخر سبعة رهائن كانوا يحتجزونهم، قبل أن يقضي عليهم الجيش الجزائري. وأكد شاهدا عيان من بين الرهائن المحررين لوكالة «فرانس برس»، أن المسلحين أعدموا عند اقتحامهم منشأة الغاز تسعة يابانيين.
وفي وقت لاحق أمس، قال مصدر أمني إن القوات الخاصة الجزائرية اعتقلت خمسة متشددين أحياء ليرتفع عدد المسلحين الذين يعتقد أنهم شاركوا في هجوم على المنشأة الى 37. وأضاف المصدر لوكالة «رويترز» إن قوات الأمن «لا تزال تمشط الموقع»، مضيفاً إن من المتوقع أن يزور المهندسون الموقع قريباً لبدء العمل لاستئناف الإنتاج.
وأعلنت السلطات الجزائرية أنها صادرت كمية كبيرة من الأسلحة الحربية، منها «ستة صواريخ من نوع سي - 5 مع منصة إطلاق ومدفعا هاون عيار 60 ميلميتراً وست بنادق رشاشة من نوع اف ام بي ك و21 بندقية رشاشة من نوع كلاشنيكوف وبندقيتان بمنظار وصواريخ آر بي جي وعشر قنابل يدوية مجهزة في أحزمة ناسفة».
ورغم مقتل العديد من الرهائن الأجانب في هذا الهجوم الشرس، إلا أن الموقف الأميركي الفرنسي جاء مباركاً لعملية الجيش الجزائري في الصحراء الجنوبية الشرقية، ففيما رأى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن الجزائر تصرفت بـ«الشكل الأكثر ملاءمة»، حمّل الرئيس الأميركي باراك أوباما، «الإرهابيين» مسؤولية مقتل الرهائن.
وقال هولاند، خلال زيارة لمدينة تول في وسط فرنسا، «عندما تكون هناك عملية احتجاز رهائن بهذا العدد الكبير، ويكون هناك إرهابيون مصمّمون ببرودة وجاهزون لقتل رهائنهم (وهذا ما فعلوه) فإن دولة مثل الجزائر تصرفت بنظري بالشكل الأكثر ملاءمة لأنه كان من غير الوارد إجراء مفاوضات». وفي وقت لاحق، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، إنه يجب «عدم التهاون في مواجهة الإرهاب».
أما الرئيس الأميركي، فأكد من ناحيته أن «المسؤولية عن هذه المأساة تقع على عاتق الإرهابيين الذين نفذوها... والولايات المتحدة تدين أعمالهم بأقوى العبارات الممكنة». وقال «إننا على اتصال مستمر مع المسؤولين الجزائريين ونقف مستعدين لتقديم أي مساعدة يحتاجون إليها عقب هذا الهجوم». وأضاف «هذا الهجوم تذكرة أخرى للتهديد الذي تشكله القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى في شمال أفريقيا.
من جهته، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن 22 بريطانياً نجوا من عملية احتجاز الرهائن وهم في طريق العودة الى بريطانيا، فيما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن ثلاثة بريطانيين قُتلوا، مُرجّحاً مقتل ثلاثة بريطانيين آخرين في هذا الهجوم.
ورأى كاميرون أن مسؤولية سقوط ضحايا «تقع بالكامل على الخاطفين» لا على الحكومة الجزائرية. وعبّر أيضاً عن رغبته في إدراج مسألة مكافحة الإرهاب «في أولوية جدول أعمال» مجموعة الثماني التي تتولى بريطانيا رئاستها في 2013. أما النروج، فأعلنت عن قلقها على خمسة من رعاياها، قُطعت أخبارهم، كانوا في الموقع الذي تعرض للهجوم. وأعلنت مجموعة «ستات أويل» النفطية التي تشارك في استثمار الموقع، أنه عثر على نروجي سادس حياً بعد أكثر من ثلاثة أيام على بدء هجوم المجموعة الإسلامية.
في هذا الوقت، نقل موقع «صحراء ميديا» الموريتاني الإلكتروني أمس عن الجهادي الجزائري مختار بلمختار، إعلانه المسؤولية عن احتجاز الرهائن في الجزائر باسم تنظيم «القاعدة»، الذي كان قد انشق عنه، ودعا فرنسا إلى وقف القصف الجوي في مالي.
وقال بلمختار «إننا في تنظيم القاعدة نعلن تبنّينا لهذه العملية الفدائية المباركة. نحن على استعداد للتفاوض مع الدول الغربية والنظام الجزائري بشرط وقف العدوان والقصف على الشعب المالي المسلم، وخصوصاً إقليم أزواد واحترام خياره في تحكيم الشريعة الإسلامية على أرض أزواد».
وكانت «مصادر جهادية» قد ذكرت لوكالة أنباء موريتانية خاصة، أن المجموعة المهاجمة هي بقيادة عبد الرحمن «النيجيري» مساعد بلمختار، وتتألف من نحو أربعين شخصاً قدموا من النيجر. وقال التلفزيون الجزائري نقلاً عن «مسؤولين عسكريين كبار»، إن محتجزي الرهائن يحملون جنسيات «ليبية وهولندية وتونسية وسورية ومصرية ومالية ويمنية وكندية».
وكان موقع «سايت» الإلكتروني الأميركي لمتابعة المواقع الإسلامية قد ذكر أن أحمد عبد الرحمن النيجيري، هدد في تسجيل صوتي «بتفجير الرهائن» إذا اقترب الجيش الجزائري من منشأة الغاز.
إلى ذلك، أكد وزير الطاقة الجزائري يوسف يوسفي، أن الجزائر لم تقلص صادراتها من الغاز عقب عملية احتجاز الرهائن في منشأة عين إميناس للغاز في الصحراء الجزائرية.
(أ ف ب، رويترز)