بيت إكسا | تعدّ بيت إكسا القرية الوحيدة التي لم تُهدّم أو تهجر خلال حرب احتلال الضفة الغربية في عام 1967، وهي محاطة بالمستوطنات اليهودية، وقد أقامت دولة الاحتلال قربها «مقبرة زعماء دولة إسرائيل». تلف أشجار الزيتون بيوتها، وتحتضن حقولاً واسعة من الشعير، ويعيش فيها حوالى 2000 نسمة. قبل يومين، عمد أبناء هذه القرية الى بناء قرية جديدة على أراضيهم المهددة بالمصادرة وسموها «باب الكرامة»، سائرين على خطى أهالي قرية الذين بنوا قبلهم «باب الشمس» للغرض نفسه. وأقام أهالي بيت إكسا 5 خيام، ومسجداً من الطوب، سُمي مسجد «الكرامة»، وصمدوا منذ يوم الجمعة أمام ثلاثة اقتحامات لجيش الاحتلال في محاولات فاشلة لإخلاء القرية أو هدمها. بُنيت قرية «الكرامة» على أراضي خربة العلاونة، المطلة على مدينة القدس المحتلة، ردّاً على قرار سلطات الاحتلال الاستيلاء على أرضهم، وهدم قرية «باب الشمس» الافتراضية. ويقول حسام الشيخ، وهو أحد القائمين على القرية، لـ«الأخبار» إن «الفكرة هي استمرار لحالة شعبية في مقاومة جدار الفصل العنصري في قرى شمال غرب القدس، وتحديداً في بيت إكسا؛ فقبل عدة شهور، عمدت قوات الاحتلال الى إغلاق أحد الشوارع الرئيسية المؤدية إلى القرية، بحجة أنها طريق لمستوطنة «راموت»، لكن الإغلاق أدى إلى خسارة 400 دونم من أراضي القرية ومنزل منها».
ويشير الشيخ الى انه «بعد فترة قصيرة صدر قرار إسرائيلي بمصادرة 467 دونماً، لكن الحقيقة أن الجدار لو بني فيها سيعني مصادرة 12 ألف دونم من أراضي القرية بداخله، ويعني كذلك بأن ما بقي من أراضي القرية هي فقط مساحتها الحالية المقامة عليها القرية، ويعني أن الجدار سيلف محيط القرية تماماً ويجعلها سجناً حقيقياً له مدخل واحد ويتحكم به الاحتلال».
وبعدما أقام أهالي بيت إكسا عقب صلاة الجمعة الماضية قريتهم الافتراضية على أراضيهم المهددة، اقتحم جيش الاحتلال، القرية ثلاث مرات، كانت آخرها صباح أمس، عند السابعة صباحاً، حيث قام بتصوير الموجودين وتصوير المسجد الذي بُني من الطوب، وأخبر الموجودين بأمر منع البناء دون الحصول على ترخيص، إلا أن الناشطين رفضوا القرار الاسرائيلي. واندلعت بعدها مواجهات بين أهالي القرية وقوات الاحتلال، التي اضطرت بعدها الى الانسحاب، لكنها واصلت حصارها للسكان، وأعلنتها منطقة عسكرية مغلقة كي تمنع المتضامنين من الوصول إليها.
ويسكن «باب الكرامة» حالياً 100 شخص، بينهم 50 متضامناً أجنبياً يقيمون فيها بشكل دائم، و50 فلسطينياً من قرية بيت إكسا، اضافة الى نشطاء المقاومة الشعبية من كل أنحاء الضفة الغربية. وأكد ناشطون أن قريتهم الجديدة «ستصبح إحدى القرى الفلسطينية الصامدة في وجه الاحتلال، ولن يسمحوا بهدمها كما جرى مع باب الشمس». ووصف الناشط فارس عاروري، في حديث إلى «الأخبار»، «فكرة باب الشمس ومن بعدها الكرامة بالرائعة، لكن المهم هو تحويل هذه الفعاليات المنفردة إلى استراتيجية حقيقية ومن ثم إلى حركة شعبية حقيقية؛ فكل ما نراه حالياً هو مبادرات وفعاليات منفردة، وهي مفيدة كونها تسلط الرأي العام العالمي والاعلام وتجنده لصالح القضية الفلسطينية». وأضاف «لكن على المستوى الاستراتيجي لم تصل الأمور بعد الى مرحلة النضج الكافي، كي تتمكن من التأثير على سياسة الاحتلال وعلى المجتمع الاسرائيلي، لذا، يجب فتح نقاش على مستوى المجتمع بشكل عام، وعلى هذه المبادرات أن تخاطب المجتمع، وأن تقنعه بالمشاركة، لا أن تدعوه إلى المشاركة».
وقرية بيت إكسا تعاني من عدم وجود أي توسع خدماتي أو عمراني منذ سنوات طويلة، لأن السلطات الإسرائيلية عملت منذ 1960 على الاستيلاء على الأراضي من خلال إعلان أراضي قرية بيت إكسا مناطق عسكرية محظور البناء فيها، وحولت باقي أراضيها إلى محميات طبيعية عن طريق ما يسمى «قانون أملاك الغائبين»، ما أدى إلى نهب حقوق سكانها بالبناء وعزلها عن شمال غرب القدس، وقَطعت طريقها مع القدس المحتلة حتى رام الله.