منذ تصاعد وتيرة الأزمة السورية، كثر الحديث في الأوساط اليمنية عن عمليات نقل لمسلحين إسلاميين من اليمن إلى سوريا للقتال إلى جانب المعارضة تحت عنوان الجهاد. وبعد ما أشار إليه الشيخ القبلي طارق الفضلي، قبل أشهر، عن صفقة قضت بانسحاب عناصر الجماعات المسلحة التي كانت تسيطر على مدينتي زنجبار وجعار في محافظة أبين ونقلهم إلى سوريا، سلّطت صحيفة «الشارع» اليمنية، في عددها الصادر أمس، الضوء على «عملية التجييش وتجنيد آلاف الشبان من اليمن، ودفعهم إلى سوريا للقتال ضد نظام بشار الأسد». وتحت عنوان «النسخة الثانية من الجهاد الأفغاني»، أوضحت الصحيفة أنه «يجري تجنيد هؤلاء الشبان تحت يافطة «الجهاد». وكالعادة، هناك متحمسون كثر يتجهون نحو هذا الأمر، متقمّصين صفة «مجاهدين»، رغم أن استخبارات أجنبية متعددة ترعى وتموّل هذا الأمر».
وكشفت الصحيفة أنه «بدأت أولى عمليات نقل المقاتلين إلى سوريا في 9 تشرين الأول 2012، حيث جرى تدشين أولى رحلات الخطوط الجوية التركية من مطار عدن الدولي إلى إسطنبول. بدأ هذا التدشين بواقع 3 رحلات أسبوعياً، ثم تطورت حتى وصلت، اليوم، إلى 4 رحلات في الأسبوع». ووفقاً للصحيفة، فإنه «منذ تاريخ التدشين، مضت 3 أشهر وأسبوع، وبحسبة بسيطة يُمكن القول إن أكثر من 40 رحلة طيران قامت بها الخطوط الجوية التركية من عدن إلى إسطنبول. وتقول التقديرات الأولية إنه تم نقل أكثر من 4 آلاف شاب يمني للقتال في سوريا خلال الفترة الماضية».
ونقلت الصحيفة عن «مصدر عسكري رفيع المستوى في عدن» قوله إن «الغريب أن جميع رحلات الطيران تأتي إلى عدن وهي فارغة وتعود إلى تركيا وهي ممتلئة بالشبان، وهذا الأمر يعزز وجود مخطط دفعهم إلى القتال». وأفاد المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن «قيادات عسكرية كبيرة في عدن رفعت تقارير إلى رئاسة الجمهورية بما يجري، فتم الرد عليهم: هل من يسافرون بالغون ومستوفون لشروط السفر، وليس عليهم جنايات...؟ إذا كانوا كذلك فلا نستطيع منعهم من السفر».
كذلك أشار المصدر إلى أنه «تأكدنا، بعد التحقيق والبحث، أن أغلب هؤلاء الشبان ينتمون إلى المحافظات الجنوبية مقارنة مع الشباب القادمين من المحافظات الشمالية. وتأكدنا أيضاً أن التجمع اليمني للإصلاح يقف خلف ذلك، إذ اتضح لنا أن الإصلاح شكل شبكة واسعة من رجال الدين في كثير من المحافظات لاستقطاب هؤلاء الشبان الذين يتم دفعهم إلى الموت تحت يافطة الجهاد في سوريا». وأكد أنه «بعد المحافظات الجنوبية تأتي تعز كأكبر محافظة يتم تجييش مئات هؤلاء الشبان منها ونقلهم إلى القتال في سوريا».
وطبقاً للمصدر «هناك عدد من هؤلاء هم من الشبان الذين تم تجنيدهم خلال الأزمة في اليمن عام 2011، من قبل التجمع اليمني للإصلاح، واللواء علي محسن الأحمر»، فيما أشار المصدر إلى أن «هؤلاء الشبان يتم جلبهم من محافظات عدة إلى عدن حيث يتم استقبالهم في أماكن خاصة بذلك يشرف عليها رجال دين وأئمة مساجد ينتمون إلى حزب الإصلاح». وأوضح أنه «من عدن يتم استكمال إجراءات تسفيرهم إلى تركيا، ودفع 10 آلاف دولار لكل منهم».
ولفت المصدر إلى أن «التحقيقات الأمنية والاستخبارية توصلت إلى أن تركيا تتولى عملية استقبال هؤلاء الشبان وتدريبهم وتسهيل عبورهم إلى سوريا، فيما تتولى السعودية وقطر والكويت دفع الأموال التي تسهّل هذه العمليات لتجميع المقاتلين ونقلهم».
وذكر المصدر أن «جهاز الأمن القومي تمكن من تتبّع عمليات التجييش هذه، وتدفّق الأموال، عبر رصد مكالمات هاتفية تم في إحداها تحويل مبلغ مالي كبير من الخارج إلى اليمن عبر شركة صرافة يمنية كبيرة». وعلى الأثر «تحرك ضباط الأمن القومي وأجروا عملية تحقيق مع شركة الصرافة هذه حتى تمكنوا من كشف مصدر التحويل، ومعلومات إضافية أخرى خاصة بعمليات مشابهة وهي بالمئات».
وقال مصدر عسكري آخر لـ «الشارع» إن التقديرات تقول إن هناك 5 آلاف شاب جرى نقلهم للقتال في سوريا، مشيراً إلى أن عدداً منهم سافر إلى هناك عبر القاهرة، قبل أن يتم تدشين خط رحلات الطيران من عدن إلى تركيا.
وكانت صحيفة «الشارع» نفسها نقلت في شهر تشرين الأول الماضي عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن هادي التقى في منزله بالهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، بحضور وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد، وجرى خلال اللقاء مناقشة الطلب التركي _ القطري بإنشاء معسكر تدريب للجيش السوري الحر في اليمن.
وأفاد المصدر أن «أعضاءً في الهيئة العليا للإصلاح أيّدوا الطلب التركي _ القطري، وألحّوا على الرئيس هادي للموافقة عليه، مشيرين إلى أن مسلحّي تنظيم القاعدة في اليمن يمكن أن يذهب كثير منهم للقتال في سوريا عبر معسكر التدريب.
الأخبار)