أطفأت الثورة الليبية شمعتها الخامسة. مرّت سنوات خمس على إسقاط النظام السابق، بزعامة معمر القذافي. حتى اليوم، لم تشهد ليبيا استقراراً سياسياً، أو بناءً مؤسساتياً لدولة مدنية حديثة، بل ان الشرخ الداخلي، بين المكوّنات السياسية يزداد تجذّراً يوماً بعد يوم. بعد خمس سنوات، يأمل المجتمع الدولي أن تُمنح حكومة «الوفاق الوطني» الثقة، من برلمان طبرق، وأن تبدأ بمزاولة مهماتها في العاصمة طرابس.
بعد خمس سنوات، وجد الغرب ضالّةً جديدة لتوسيع تدخله في ليبيا، متذرّعاً بمكافحة تنظيم «داعش» والحدّ من «تمدده»، الذي يكبر يوماً بعد يوم، على الرغم من أن طبول الحرب التي يقرعها على تخوم الشواطئ الليبية تزداد حدّة. ورغم كل المآسي التي مرّت بها البلاد، وتستمر تحت وطأتها، ليس إلا راية «الفوضى» تلوح في الأفق.
وتكشف الأحداث المتسارعة، أن حبل النجاة في ليبيا، الذي يمدّه الغرب، والداعي إلى تشكيل «الوفاق»، ومنحها الثقة، ليس إلا «حصان طراودة» يستغلّه الغرب، لتحقيق أهدافه. ونشر موقع «ويكليكس»، بالأمس، وثيقةً صادرة عن «الإتحاد الأوروبي» تدعو إلى تسريع عملية تأليف حكومة مستقرة في ليبيا، وذلك كي تتمكن قوات «الإتحاد» ببدء عملية عسكرية هناك.
التقرير السرّي، يحسم أن الغرب يريد من الحكومة العتيدة أن تكون مطيّة لتبرير تدخله، بناءً على طلبها. وإن لم تطلب، فإن الولايات المتحدة الأميركية، تستمر في محاولة توسيع نطاق منطقة عمليات قوّات «التحالف الدولي»، لتضم ليبيا، إلى جانب سوريا والعراق، دون أن تضع واشنطن نفسها في الواجهة، بل بتشجيع إيطاليا على قيادة «التحالف».
أما التقرير، فيتناول العملية العسكرية «صوفيا»، التي استهدفت زوارق اللاجئين في البحر المتوسط، منذ 22 حزيران حتى31 كانون الأول الماضيين.
ودعت الوثيقة «الإتحاد الأوروبي» إلى تسريع عملية تأليف حكومة مستقرة في ليبيا، لتتمكن قوات «الإتحاد» بمن البدء بعملية عسكرية. على أن تكون المرحلة الثالثة، هي «العمل على سواحل ليبيا»، ما يعزز شعوراً أوروبياً بالأمان، وإبعاد شبح الإرهاب والمنظمات الجهادية عموماً، و«داعش» خصوصاً، عن سواحل القارة العجوز.
وبحسب موقع «ويكيليس»، فإن هذا التقرير قدّمه قائد العملية، الأميرال الإيطالي أنريكو كريديندينو في 29 كانون الثاني 2016، إلى «اللجنة العسكرية للإتحاد الأوروبي» و«لجنة الإتحاد الأوروبي للسياسة والأمن»، وذلك في إطار تقييم أول ستة أشهر من العملية.، كما تضمنت الوثيقة إحصاءات حول عدد المهاجرين والمعلومات المتعلقة بالمراحل الأساسية للعملية في البحر المتوسط، كذلك الاستراتيجية المتبعة لمواصلتها.
وبحسب التقرير، فإن إحدى أهم المراحل المحورية للعملية هي انتقالها من مرحلة «2-A»، أي العمل في المياه الدولية، إلى مرحلة «2-B»، بالعمل في المياه الليبية.
في موازاة ذلك، دعا الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إلى مواصلة الجهود مع الأمم المتحدة وتعزيزها من أجل إقامة حكومة «وحدة وطنية» في ليبيا، مؤكداً أن وحدة الليبيين تصب في مصلحة بلادهم. وشدّد أوباما على أن إدارته عازمة على منع «تمدد داعش في ليبيا»، موضحاً أن بلاده «ستطارد التنظيم بالطريقة نفسها التي تصدينا بها للقاعدة في أي مكان يظهر فيه».
وأشار أوباما إلى أن أميركا استطاعت أن تتخلّص من أهم قادة «داعش» في ليبيا، لافتاً إلى أن واشنطن وحلفاءها «سيستفيدون من أي فرصة لمنع تجذر داعش هناك».
وشهدت ليبيا في اليومين الماضيين احتفالات شعبية بالذكرى الخامسة لانتصار الثورة، في ميدان الشهداء، وسط العاصمة طرابلس، حيث رفع الليبيون شعارات نادت بوحدة البلاد، وبلحمتها الوطنية. وعبّر المتظاهرون عن أملهم في تحقيق أهداف الثورة ببناء دولة ليبية، ذات سيادة القانون، وتحمي حقوق الإنسان وتدافع عن الديمقراطية وتحقق العدالة الاجتماعية .
وهنأ السفير البريطاني في ليبيا، بيتر ميليت، الشعب الليبي بالمناسبة، مشيداً بالحوار السياسي الليبي، واتفاق الصخيرات وحكومة «الوفاق الوطني» المنبثقة عنه. أما رئيسة بعثة «الإتحاد الأوروبي» في ليبيا، ناتاليا آبوستولوفا، فقد هنّأت بدورها الشعب الليبي، مؤكدة استمرار التزام «الإتحاد» بدعم عملية الانتقال السياسي في ليبيا.