للمرة المئة، ربما، تعزف موسكو النغمة ذاتها. لعلّ سيرغي لافروف أضاف أمس مصطلحات جديدة بحقّ المصرّين على إطاحة الأسد «أولاً». فهؤلاء «مهووسون» ومدعومون من الغرب الذي «يتكلّم في العلن عكس ما يخبره في السرّ». محمد مرسي، بدوره، كان واقعياً وأكد أن سوريا لن تقسّم ولن «نسمح بتدخل خارجيّ». بعيداً عن «الدبلوماسية»، تواجه مدينة رأس العين هجوماً من «الجيش الحر» لليوم الثامن على التوالي. ويبدو أنّ المنطقة الحدودية مع تركيا أصبحت تشكّل عائقاً أمام المعارضين المسلحين. وندّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بإصرار المعارضة السورية على إطاحة الرئيس بشار الأسد. وقال في مؤتمر صحافي: «كل شيء يصطدم بهوس المعارضين بفكرة إطاحة نظام الأسد، هذه الفكرة المسيطرة الخاصة بهذا الهدف تمثّل عقبة لا يمكن تخطيها أمام السلام».
وعبّر لافروف عن أسفه لعدم إقناع الدول الغربية المعارضين بالتحاور مع السلطة. ومضى يقول: «يبدو لدى الزملاء أولويات أخرى... كثيراً ما نتحدث معهم عن ذلك، ويبدو أنهم يتفهمون كل شيء، والخطر الذي يصاحب احتمال تفكّك الدولة السورية». وتابع: «لكن عندما يتحدثون علانية يتحدثون عن أمور مختلفة نوعاً ما عمّا يخبروننا به في الأحاديث الجانبية». وأشار إلى أنّ «أولويتنا ليست بلوغ هدف جيوسياسي مثل إطاحة نظام الأسد، بل إرساء استقرار الوضع ووقف إراقة الدماء سريعاً لإنقاذ أرواح السوريين».
وضمن إطار الموقف المصري «الواقعي»، رأى الرئيس محمد مرسي أنّ «سوريا غير قابلة للتقسيم، ولن نسمح بالتدخل العسكري فيها، وستحكم أراضيها بإرادة الشعب السوري في المستقبل». وفي مؤتمر صحافي بعد لقائه رئيس المؤتمر العام الليبي محمد المقريف، أكد مرسي «استمرار التنسيق بين مصر وليبيا لدعم القضية الفلسطينية، والأزمة السورية».
على صعيد أزمة اللاجئين التي تعصف بدول الجوار السوري، قالت مسؤولة الشؤون الإنسانية والإغاثة في الأمم المتحدة، فاليري آموس، إنّ أكثر من 650 ألف شخص فرّوا من النزاع في سوريا. ولفتت آموس، في كلمة في منتدى دافوس الاقتصادي، إلى أنّ الوضع الإنساني في سوريا «كارثي ويتدهور بنحو واضح».
من ناحيته، قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إنّ بلاده تؤوي نحو 160 ألف لاجئ في 16 مخيّماً، معلناً أنّ حكومته تبني مخيّماً جديداً. وأضاف: «سنواصل اتباع سياسة الأبواب المفتوحة، ولن نغلق حدودنا أبداً». وأضاف: «إنّ السوريين لا يموتون بالقصف فقط، بل بصمت المجتمع الدولي أيضاً». على صعيد استكمال نشر «الأطلسي» لصواريخ الباتريوت في تركيا، أعلن الحلف أنّ أولى صواريخ باتريوت، التي تُنصَب في تركيا، ستصبح جاهزة للاستخدام «في نهاية هذا الأسبوع»، على أن تدخل المنظومة بأكملها حيز الخدمة «في نهاية الشهر».
ميدانياً، تواصلت الاشتباكات العنيفة في مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا، بين مقاتلين أكراد وآخرين من مجموعات معارضة. وجدّد «الائتلاف» المعارض، في بيان أصدره أمس، التعبير عن الأسف لهذه الأحداث. وجاء في البيان أنّ «النظام يسعى إلى إشعال الفتنة بين السوريين، ويحاول استثمارها ليسيء إلى الثورة السورية».
أما وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، فقد أكد أنّ على حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سوريا أن يقف على مسافة من النظام، مشدّداً على أنّ تركيا تراقب الحزب عن قرب.
من جهته، شدّد العقيد الركن المنشق خالد مصطفى، قائد عمليات «الجيش الحر» في مدينة رأس العين، على أنّ «المواجهات العسكرية الجارية ضد مقاتلي منظمة (بي كاكا) الإرهابية، تهدف إلى إقصائها كُلياً عن مدينة رأس العين».
إلى ذلك، تجدّد، أمس، القصف من القوات النظامية على بعض أحياء مدينة حمص، وتركّز في حيّي جوبر والسلطانية. ولفتت «لجان التنسيق المحلية» في سوريا إلى أنّ «22 شخصاً على الأقل، بينهم أربعة أطفال وامرأتان، قتلوا بنيران قوات النظام إثر تجدد الاشتباكات وعمليات القصف في مناطق سورية عدة».
في سياق آخر، اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» مجموعات معارضة مسلحة بسرقة كنيستين في محافظة اللاذقية وتدمير مكان عبادة في ادلب. وقالت مديرة المنظمة للشرق الأوسط، سارة لي ويتسون، إنّ «تدمير أماكن دينية يزيد من المخاوف المتعلقة بالأقليات، ويزيد من خطورة المأساة التي تشهدها البلاد، ولا سيما مع مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص».
في موازاة ذلك، وصل أكثر من ستة آلاف لاجئ سوري، يوم الثلاثاء، إلى الأردن، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وفق ما أفاد مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أمس.
حياتياً، يبدو أنّ الصراع في سوريا نهش قطاعاً أساسياً يعتمد عليه المواطن السوري، إذ أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، أمس، أنّ الصراع في سوريا ألحق ضرراً بالغاً بالقطاع الزراعي هناك، وسبّب انخفاضاً في محصول القمح والشعير بمقدار النصف، وأصاب البنية التحتية للقطاع بدمار شديد. وقالت المنظمة، إثر قيام الأمم المتحدة بإرسال بعثة لتقويم الوضع في سوريا، إنّ إنتاج القمح والشعير تراجع إلى مليوني طن عام 2012، من مستوى أربعة ملايين طن سنوياً في الأحوال العادية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)