دمشق ــ الأخبار أكّد الرئيس السوري بشار الأسد أنّ الجيش السوري «استعاد زمام المبادرة على الأرض بصورة كبيرة جداً، وأنّه حقّق نتائج هامة سيجري تظهيرها قريباً». وقال الأسد إنّ «المجموعات المسلحة المموّلة من الخارج تلقت ضربات قاسية خلال الفترة الماضية»، لافتاً إلى أنّ «الولايات المتحدة الأميركية ليست جاهزة للحلّ في الوقت الحاضر». وبرأيه أنّ روسيا ستبقى داعمة له، «فهي تدافع عن نفسها، لا عن نظام في سوريا»، مشدداً على أنّه «لا تزحزح عن بنود اتفاق جنيف».

هذه المواقف نقلها عن الرئيس السوري زوّار قالوا لـ«الأخبار» إنّهم كانوا مهتمين بمعرفة تفاصيل توضح لهم حقيقة الصورة في أروقة القرار السورية، وخاصة تلك المتعلقة بشخص الرئيس. أحد هؤلاء الزوار العرب التقى الأسد على مدى أكثر من ثلاث ساعات. يقول لـ«الأخبار» إنّه، وبالرغم من كونه لا يتأثر كثيراً بالبروباغندا المناهضة للرئيس الأسد، فوجئ بما شاهده وسمعه. فالرئيس السوري يلتقي العديد من زواره في قصر الروضة الدمشقي. فريق عمله يتابع أعماله كما جرت عليه العادة. وعلى المستوى الشخصي، الرجل هادئ ومتماسك. ارتياحه وثقته لافتان. بل إنّ معرفة معلومة من نوع أنّ زوجته أسماء الأسد حامل، لا يمكن التعامل معها بوصفها أمراً شخصياً بسيطاً وعادياً بين زوجين.
من الشخصي إلى السياسي، يفاجئ الأسد زواره «بقراءته الدقيقة لواقع الحال في هذه المرحلة»، على حدّ وصف أكثر من شخصية التقته أخيراً. هو يتحدث عن «أدق التفاصيل في المحافظات السورية، معلوماته تشمل شارعاً هنا وأخبار حيّ صغير هناك. والتقارير التي بين يديه لا مسايرة فيها». يطلع الأسد، بحسب زواره، «بدقة على المساعي الدولية لحلّ الأزمة السورية». ويعلق بعض من التقوه بالقول: «لو لم يكن الأمر كذلك، لما استطاعت الدولة أن تصمد كلّ هذا الوقت، ولما استطاع الجيش العربي السوري أن يحافظ على هذا التماسك».
الأسد، على ما قال بعض من التقوه، يؤكد أنّ «الجيش استعاد زمام المبادرة على الأرض بصورة كبيرة جداً، وأنّه حقق نتائج هامة، أضيفت إلى ما حقّقه خلال الأشهر الاثنين والعشرين الماضية. فهو منع المسلحين من السيطرة على محافظات بأكملها، وبالتالي ظلّ ملعبهم بعض المناطق الحدودية مع تركيا والأردن ولبنان إلى حدّ ما، فضلاً عن بعض الجيوب في ريف العاصمة، التي يتمّ التعامل معها من قبل الجيش. العاصمة دمشق في حال أفضل، والنقاط الاستراتيجية فيها ـــ وبرغم كل المحاولات التي قام بها المسلحون ـــ بقيت آمنة، ولا سيّما طريق المطار». يدخل الأسد في التفاصيل أكثر. يتوقف عند ما جرى في مخيّم اليرموك. ويقول إنّ للمخيم رمزية دفعت القيادة السورية إلى عدم اتخاذ قرار بمواجهة المسلحين الذين احتلوا جزءاً منه. تُرِك حلّ معضلة اليرموك للفصائل الفلسطينية لتقديم مبادرات للحلّ، وافق عليها الجانب السوري الرسمي. سئل الرئيس السوري عما قاله في خطاب دار الأوبرا بشأن «رفض أن تكون سوريا فندقاً للاستجمام»، فردّ على بعض زواره بالقول إنّه لا يريد فتح سجال مع أحد، لكن «آلمني أنّ الذين يجب أن يكونوا شهوداً على كوننا تعاملنا مع الفصائل الفلسطينية من دون أن ننظر إلى مذهب أو دين، صاروا شهود زور يدعون أنّ الدولة السورية تتصرف بمذهبية. من المنطقي أن نتوقع منهم قول الحقيقة. ونحن نتفهم ظروف بعضهم، وكنا لنتفهم صمتهم إذا لم يكونوا قادرين على أن يشهدوا للحق». ثمّ يؤكد الأسد أنّ مواقف بعض قادة الفصائل «لن تثني سوريا، التي دفعت ثمناً غالياً في سبيل دعم المقاومة الفلسطينية من جيوب أبناء شعبها ومقدراتهم، عن الاستمرار بهذا الدعم».
ويؤكد الأسد أنّ «ما حققه الجيش خلال الأسابيع الماضية سيجري تظهيره قريباً». ويورد بعض التفاصيل التي يستدل بها على «تغيير الوقائع فعلاً على الأرض. فهناك خمسة عشر ألف مواطن عادوا طوعاً إلى حمص على سبيل المثال لا الحصر. فالشعب السوري نفد صبره فعلاً من كلّ هذه الحالات الشاذة التي دمرت شوارعه وبيوته ومحاله التجارية». وبرأي الأسد أنّ خطوة مثل «إغلاق الحدود التركية في وجه تهريب السلاح والمسلحين، بما يعنيه هذا الأمر من قضاء على منابع التمويل والتسليح، يمكن أن تحسم الأمور خلال أسبوعين فقط».
ينقل زوار الرئيس السوري عنه قوله إنّ «المجموعات المسلحة الممولة من الخارج تلقت ضربات قاسية خلال الفترة الماضية. وتقاطع هذا التطور مع حركة دولية، كان من أبرزها إدراج الولايات المتحدة لجماعة جبهة النصرة على لائحة الإرهاب، وهي خطوة ستليها في المرحلة المقبلة تصفية هذا الفرع القاعدي بالكامل». ويرى الأسد أنّ الولايات المتحدة الأميركية ليست جاهزة للحلّ في الوقت الحاضر. وبرأيه أنّ روسيا ستبقى داعمة له. «فهي تدافع عن نفسها، لا عن نظام في سوريا»، مشدداً على أنه «لا تزحزح عن بنود اتفاق جنيف». يؤكد أنّ سوريا ستبقى متعاونة مع المبعوث العربي ـــ الدولي الأخضر الإبراهيمي، رغم أنّ «الأخير بدا في زيارته الأخيرة لدمشق متأثراً إلى حدّ ما بالحملة الإعلامية التي تُشن على سوريا». ويؤكد زوار الأسد أن الإبراهيمي طرح عليه فكرة التنحي في المرحلة الانتقالية، لكن بشكل دبلوماسي، على قاعدة أنّ أيّ رئيس سيكون بلا صلاحيات جدية في فترة كهذه. لكن الرئيس السوري «قطع عليه الطريق، وأفهمه بطريقته الخاصة بأنّ ما سيحسم وجهة الحل في بلاد الشام هو الوضع الميداني الذي يتحسّن يوماً بعد آخر لمصلحة النظام».
اليوم يتابع الأسد وقائع الحرب التي تعيشها بلاده. استطاع برأيه أن يقطع الشوط الأصعب، والأمور ستتضح قريباً. يشدّد على وجود «ترتيبات لوجستية كثيرة للمرحلة المقبلة. فهناك خطة لإعادة اللاجئين إلى محافظاتهم وبيوتهم سيكشف عنها في وقتها، وخطط أخرى لإعادة الإعمار.