حسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خياره باستبعاد تأليف حكومة تستند الى غالبية يمينية هشة، (61 مقعداً)، لصالح حكومة موسعة تمنحه هامشاً أوسع في المناورة، وتوفير أغلبيات متغيرة من قضية الى أخرى. وربط نتنياهو خيار الحكومة الموسّعة بالتهديدات الإقليمية المحدقة بالدولة العبرية، باعتبار أنها تشكل أهم الاستحقاقات التي ستتعامل معها الحكومة المقبلة.
وفي ضوء التوجهات المتعارضة بين الأحزاب والكتل المرشحة للمشاركة في الحكومة، يعتزم نتنياهو بلورة اتفاق ائتلافي مع رئيس «ييش عتيد/ يوجد مستقبل»، يائير لابيد، يوفر له غالبية 50 عضو كنيست («الليكود» (31) + «يوجد مستقبل» (19))، تمكّنه من التفاوض من موقع أقوى مع بقية الكتل اليمينية والحريدية وكتل أخرى من معسكر الوسط. وليس بعيداً عن المناورات التي عادة ما تسود مرحلة التفاوض الذي يسبق تأليف الحكومة. وردّت مصادر مقرّبة من لابيد على دعوة مسؤولين في حزب «الليكود» إلى «عدم تسلق الأشجار العالية أكثر مما ينبغي»، بالتأكيد على مطالبهم الثلاثة الأساسية، المساواة في عبء التجنيد، وتقليص عدد وزراء الحكومة واستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية.
لكن أي اتفاق سيتم التوصل إليه بين نتنياهو ولابيد، حول تجنيد الحريديم، سيضع الأحزاب الحريدية أمام موقف مفصلي يحدد مصيرها؛ إما المشاركة في حكومة حدّدت مسبقاً المبادئ العامة لمعالجة تجنيد الحريديم، أو البقاء خارج المعارضة، إلا أن التقديرات الإسرائيلية تؤكد أن نتنياهو سيفعل كل ما في وسعه من أجل إشراك كل من لابيد والحريديم للجلوس معاً. ويبدو أن وسيلة الإقناع التي تبناها نتنياهو هي عبر تأجيج منسوب الأخطار الخارجية التي تتطلب تجاوز الخلافات، حول قضايا داخلية، بين الأحزاب التي من المفترض أن تشارك في الحكومة. أضف إلى أن من السيناريوهات الأكثر إقلاقاً لحزب الليكود، وعلى رأسه نتنياهو، تتمثل في انشقاق «إسرائيل بيتنا» عن الكتلة المشتركة كونه سيقلص الكتلة التي يترأسها الى 20 عضو كنيست، أي ما يزيد بعضو واحد على كتلة «ييش عتيد»، وبالتالي إضعاف مكانة نتنياهو وموقعه التفاوضي.
أمام هذه الخيارات والسيناريوهات، ارتفع ثمن كتلة «كديما»، التي نالت عضوي كنيست، لأن كلاً من «الليكود» و«يوجد مستقبل»، سيسعيان إلى ضمّها بهدف تحقيق تفوّق عددي على الكتلة المنافسة الأخرى. لكن صحيفة «معاريف» ذكرت أن مفاوضات تجرى بين لابيد وموفاز من أجل توحيد الحزبين، الأمر الذي سيرفع كتلة «ييش عتيد/ يوجد مستقبل» إلى 21 عضو كنيست، ويرفع من احتمالات تولي موفاز منصب حقيبة الدفاع عن «ييش عتيد». ولفتت «معاريف» أيضاً إلى وساطة يقوم بها في هذا المجال رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت الذي يتمتع بعلاقة وطيدة بين الطرفين.
الى ذلك، تقدّر محافل رفيعة المستوى في حزب «الليكود» أنه على الرغم من رواسب الماضي بين نتنياهو ورئيس «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، فإن فرص الأخير في الانضمام إلى الائتلاف «جيدة»، وخصوصاً أن بينيت ولابيد لا يختلفان في موضوع المساواة في عبء التجنيد، كما أن الأول لا يعارض مبدأ المفاوضات السياسية، رغم أنه يرى أنه لا إمكانية للتوصل الى اتفاق سلام بين الطرفين خلال السنوات المقبلة.
ومن المتوقع أن تدفع محاولات إنتاج كتلة مشتركة من الكتل الحريدية، لتعزيز موقفها التفاوضي، كلاً من ييش عتيد، والبيت اليهودي إلى مزيد من المباحثات والتنسيق تمهيداً للمفاوضات الائتلافية الرسمية. ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني عن مقربين من لابيد وبينيت، أن الاثنين سيلتقيان في الأيام المقبلة حيث من المفترض أن يتوافقا على أغلب المواضيع بهدف «التمكن من ممارسة الضغوط على نتنياهو».
إلى ذلك، قررت كتلة حزب العمل، برئاسة شيلي يحيموفيتش، بعد اجتماع استمر ثلاث ساعات، عدم الانضمام إلى حكومة نتنياهو والبقاء في المعارضة.