عاد «الائتلاف» المعارض إلى الواجهة الدولية، مطالباً، من باريس خلال مؤتمر دولي، المجتمع الدولي بدعم «ملموس» بالمال والأسلحة. المطلب التسليحي تجنّب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس طرحه، معتبراً أنّ «هدف الاجتماع هو تلبية احتياجات السكان السوريين المتضررين، والسعي وراء هيكلة داخلية وإخضاع الوحدات القتالية المعارضة التابعة للجيش السوري الحر تحت سلطته السياسية والإعداد للفترة الانتقالية بعد رحيل (الرئيس السوري بشار) الأسد». فابيوس رأى أنّ سوريا معرّضة للسقوط في أيدي الجماعات الإسلامية المتشددة ما لم تقدم الجهات الداعمة للمعارضة مزيداً من المساعدة لها. وفي كلمته، في افتتاح مؤتمر تشارك فيه 50 دولة تدعم الائتلاف الذي حضر ثلاثة من كبار أعضائه، قال فابيوس إنّه «لا يمكن أن ندع ثورة بدأت باحتجاجات سلمية مطالبة بالديمقراطية تتحوّل إلى صراع بين ميليشيات».
بدورهم، ركّز أعضاء الائتلاف، كعادتهم، على طلب المال والعتاد، وقال رياض سيف، أحد نواب رئيس الائتلاف، إن الوقت ليس في صالح المعارضة، وإنّها لم تعد تريد وعوداً بالدعم لا يتمّ الوفاء بها. وأضاف أنّ المعارضة تحتاج إلى حكومة موقتة أو انتقالية لتقديم المساعدة إلى ملايين السوريين في المناطق «المحررة» والمساعدة على إسقاط النظام.
أما جورج صبرا، وهو نائب آخر لرئيس الائتلاف، فقال من جهته إن هذا الأخير يحتاج إلى 500 مليون دولار على الأقل لتأليف حكومة.
وتجتمع الهيئة السياسية للائتلاف يوم الخميس في القاهرة «لوضع الخطوط العريضة لتوجهات الائتلاف السياسية في ضوء الوضع العسكري والمواقف الدولية الأخيرة من الثورة السورية».
في موازاة ذلك، انطلقت في جنيف أعمال مؤتمر موازٍ للمعارضة تحت عنوان «من أجل سوريا ديموقراطية ودولة مدنية» بحضور أكثر من 200 شخصية من المعارضة السورية وعدد من الهيئات الدولية والعربية، فيما حرمت سويسرا أكثر من 67 شخصية رئيسية من معارضة الداخل من حضور المؤتمر. وتحدث في افتتاح المؤتمر رئيس هيئة التنسيق الوطنية في المهجر، هيثم مناع، مشيراً إلى أنّ النظام استطاع أن يجرّ الحراك السلمي في الداخل إلى حمل السلاح بوجه الدولة، معتبراً أنّ ذلك ساهم كثيراً في إطالة عمر النظام، وتشابك أوراق حلّ الأزمة السورية، التي أصبحت لعبة دولية بامتياز. وانتقد موقف الحكومة السويسرية التي حرمت العديد من الشخصيات من الحصول على تأشيرات الدخول، لافتاً إلى وجود ضغوط تعرضت لها سويسرا من قبل بعض الأطراف الدولية للتشويش على المؤتمر وإفشاله. كذلك تحدث، من سوريا، عبر «سكايب» المنسّق العام لهيئة التنسيق، حسن عبد العظيم، الذي منعته برن أيضاً من الحضور.
في غضون ذلك، واصلت واشنطن التعبير عن سياسة «ضبابية» بالنسبة إلى الأزمة السورية مقارنةً مع «تشدّد» بعض حلفائها الغربيين والعرب. وتساءل الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مقابلة مع مجلة «نيو ريببليك»، عن أنّه «في وضع كسوريا: هل يمكن أن نحدث اختلافاً في هذا الوضع؟». وأضاف «هل يمكن أن يثير (التدخل) أعمال عنف أسوأ أو استخدام أسلحة كيميائية؟ ما هو الذي يوفر أفضل احتمال لنظام مستقر بعد الأسد؟». وفي مقابلة مع تلفزيون «سي.بي.اس.»، ردّ أوباما بغضب عندما طُلب منه التعليق على انتقاد الولايات المتحدة بأنها أحجمت عن المشاركة في قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية مثل الأزمة السورية. وقال إنّه بالنسبة إلى سوريا فإن إدارته تريد التأكد من أن العمل الأميركي هناك لن يأتي بنتائج عكسية.
من ناحية أخرى، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدبلوماسيين الأجانب إلى التعليق بلباقة أكثر على الموقف الروسي من الأزمة السورية.
وقال لافروف، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البلجيكي ديديه ريندرس، «عندما ساعدنا أخيراً المواطنين الروس المقيمين في سوريا بناءً على طلبهم، ومعظمهم من النساء، في السفر إلى روسيا على متن طائرات وزارة الطوارئ الروسية، سمعت مجدداً تعليقات من الناطقة باسم الخارجية الأميركية التي قالت إنها ترى في هذا الحدث دليلاً على أن روسيا خاب أملها في النظام (السوري) وتوقّفت عن مساندته».
وأوضح قائلاً «أولاً، نحن لم نكن معجبين يوماً بهذا النظام. ولم نسانده أبداً»، مضيفاً أنّ كل أفعال روسيا كانت موجهة لتطبيق بنود بيان جنيف، ومن بينها الاتفاق على تشكيل هيئة إدارية انتقالية، ما يؤكد رغبة موسكو في استقرار الوضع في تلك البلاد». وأضاف أنّ من واجب اللاعبين الخارجيين أن يدركوا الواقع الحزين الناشئ في سوريا، والعمل على تطبيق بيان جنيف».
وأشار الوزير الروسي إلى أنّ سبب عدم تطبيق الشروط حتى اللحظة الراهنة يبقى بالنسبة إليه «لغزاً»، مؤكداً «نحن ندعم تطبيق هذه الاتفاقات ونعمل مع الحكومة ومع جميع المجموعات المعارضة على حدّ سواء، في حين أن أكثرية المشاركين الآخرين في جنيف يعملون فقط مع المعارضة وبشكل أحادي».
ميدانياً، دارت اشتباكات، أمس، في حيّ القدم في دمشق بين الجيش وبين مسلحين معارضين، وسط قصف على المنطقة، بحسب مصادر معارضة.
ولفتت إلى أنّ «قصفاً استهدف مناطق عدة في مخيم اليرموك، كذلك حصلت عمليات دهم في منطقة مساكن برزة».
من جهة أخرى، قال ناشطون معارضون إنّ «عبوة ناسفة انفجرت في سيارة في حيّ القاعة في مدينة يبرود، ما أدى إلى سقوط ضحايا». وأوضحت «لجان التنسيق المحلية» أنّ «اشتباكات دارت في محيط إدارة الدفاع الجوي في بلدة المليحة بين الجيش وبين مسلحين معارضين، وعلى أطراف مدينة داريا، بالتزامن مع توجه تعزيزات إلى محيط المدينة، وسط قصف عليها»، كما أفادوا عن «تجدد القصف المدفعي على مدن معضمية الشام، وزملكا، وحرستا، والزبداني».
في المقابل، قالت وكالة «سانا» إنّ «وحدة من القوات المسلحة أعادت الأمن والاستقرار إلى منطقة أرض الخليج السكنية في مدينة داريا في ريف دمشق، حيث تم القضاء على إرهابيين ارتكبوا خلال الأيام الماضية أعمال قتل وترويع ضد الأهالي في المنطقة».
ولفتت «سانا» إلى أنّ «وحدة من الجيش قضت على إرهابيين حول مقام السيدة زينب في ريف دمشق»، لافتةً إلى أنّ «وحدات من الجيش ألحقت خسائر في صفوف إرهابيين في منطقة خان الشيح ومزارع دروشا».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)