أصدر الملك السعودي، عبد الله بن عبدالعزيز، أمس، قراراً بتعيين شقيقه الأمير مقرن (63 عاماً)، الابن الخامس والثلاثين لعبد العزيز المؤسس، في منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، أي الرجل الثالث في المملكة بعد الملك وولي العهد الأمير سلمان، لتبقى بذلك المناصب الكبرى في يد الجيل الأول رغم تقدّمهم في السنّ وابتلائهم بالأمراض؛ فعبد الله خضع لعمليات متتالية في الفترة الأخيرة أضعفت همّته، وسلمان يعاني من مرض الزهايمر، ولا يذكر في كثير من الأوقات حتى اسمه. أما الوافد الجديد مقرن فهو منصرف الى الخمور والنساء، كما يُشاع، وهو ما استدعى استبعاده العام الماضي عن منصب رئيس المخابرات.ولذلك، يسعى الملك السعودي من وراء هذه الخطوة الى تمهيد الطريق أمام ابنه متعب، الذي يتولى رئاسة الحرس الوطني، الى العرش. وقال المغرد الشهير «مجتهد» لـ«الأخبار» إن «عبد الله لديه نية لإيصال ابنه متعب للملك، واذا اراد أن ينتظر طابور أبناء عبد العزيز، فلن يصل الملك لابنه. وهو يريد أن يوصل له الملك وهو حي». وأضاف أن «مقرن فيه ميزتان تجعلان عبد الله قادراً على استغلاله لتنفيذ المهمة. الميزة الأولى، أنه أصغر أبناء عبد العزيز، فيكون آخرهم. والميزة الثانية أنه ضعيف الشخصية جداً جداً لدرجة أنه ينظر لإخوانه نظرة أسياده لأن أمه جارية سوداء». وعن توقيت الإعلان، قال إن «نية عبد الله أن يعينه الآن»، لأنه «بعد فترة، يتضح بشكل لا لبس فيه أن الزهايمر يزيح سلمان، ويرقي مقرن لولاية العهد»، وبالتالي «يعين ابنه متعب نائباً ثانياً».
أما الخطوة التالية، بحسب «مجتهد»، فهي أن «يعزل مقرن نفسه ويعين ابنه ولياً للعهد»، مضيفاً أن «صحته (مقرن) تسمح له بتنفيذ هذا المخطط»، يعني أن «الوقت من ستة أشهر الى سنة»، لكن تنفيذ النصف الأول منها (الخطة سيكون) كافياً لو أقال سلمان، وعيّن متعب. هذا يكفي لفتح الطريق لمتعب».
وذكر «مجتهد» أنه «سمع ردود أفعال على قرار عبد الله»، وخصوصاً من «أحمد وتركي»، مضيفاً «طبعاً عبد الرحمن ومتعب وطلال منزعجون»، لكن «أحمد وتركي أهم». وقال إن «أحمد نشيط ومستقيم نسبياً. وتركي تعافى من مشاكل مصر واستعاد شيئاً من الاحترام في العائلة». وتوقع أن يقف أولاد سلمان «مع أي شخص يتضايق من الموضوع».
وفي تغريدات سابقة على حسابه على «تويتر»، يقول «مجتهد» عن مقرن، إنه «رجل تافه حين كان أمير حائل ثم المدينة واستمر تافهاً بعد رئاسته للاستخبارات وبقي تافهاً بعد عزله منها ولذلك فليس في وضعه ما يستحق الذكر». ويضيف أنه «مشغول بالنساء والخمور وقد ترك مهامه بالكامل لمدير مكتبه، ما تسبب بفشل ذريع للجهاز في مصر والعراق وإيران وحتى في قضايا أسهل كقضية الاميرة سارة بنت طلال التي طلبت اللجوء إلى بريطانيا». وأنه من خلال متابعة قضية الأميرة سارة، تبين أن «مقرن لا يعرف شيئاً عن العمل في الاستخبارات، وأنه مشغول بملاذ الحياة المحرمة من نساء وخمور»، وأنه «ترك الاستخبارات بالكامل لمدير مكتبه الحواس الذي كان معه في الإمارة، وقد فوضه صلاحيات كاملة تتفوق على صلاحيات عبد العزيز بن بندر».
والأمير مقرن هو أصغر أولاد الملك المؤسس، ويأتي تعيينه بعد سلسلة تعيينات للملك دفعت بالجيل الثاني الى الواجهة. لذلك، جاء قراره بشأن مقرن مفاجئاً. وكان الملك قد أصدر قبل أسبوعين قرارات شملت إعفاء أُمراء وتعيين أُمراء جدد، بحيث حل الأمير سعود بن نايف محل الأمير محمد بن فهد بالمنطقة الشرقية. وقيل إن الأخير استُبعد بسبب الانتقادات التي تعرض لها جراء تعامله مع احتجاجات المنطقة الشرقية. وُعين الأمير فيصل بن سلمان أميراً لمنطقة المدينة المنورة بدلاً من الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز.
وسبق حزمة التعيينات هذه، حزمة أخرى تناولت تعيين الأمير محمد بن نايف وزيراً للداخلية وإعفاء الأمير أحمد بن عبد العزيز، وتعيين الأمير بندر بن سلطان، رئيس مجلس الامن القومي والسفير السابق لدى واشنطن، وزيراً للاستخبارات بعد إعفاء الأمير مقرن وتسميته مستشاراً للملك (صفة اسمية)، وتعيين الأمير متعب بن عبد الله في منصب وزير دولة ورئيساً للحرس الوطني.
وأثارت هذه التعيينات، ولا سيما تعيين الأمير محمد بن نايف، تكهنات واسعة بأن الخطوة تعتبر مؤشراً على بداية تولي الجيل الثاني مناصب وزارية حساسة، باستثناء وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الذي عُين في منصبه العام 1975، بعد مقتل والده الملك فيصل. وكان اللافت فيها إعفاء الأمير محمد بن فهد من دون أن يُعين في منصب بارز، ليُستبعد بذلك أبناء الملك فهد.
وكانت تعيينات شهر كانون الثاني قد استُهلت بإدخال النساء الى مجلس الشورى من خلال تعيين 30 امرأة (20 في المئة من الأعضاء) وهو ما عُدّ نقلة إصلاحية قوية في المملكة النفطية. وفي بيان مقتضب، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السعودية نبأ تعيين مقرن بن عبد العزيز نائباً ثانياً لرئيس الحكومة. وهذا المنصب هو الأهم بعد الملك وولي العهد في هرمية الحكم في المملكة، اذ ان الملك هو رئيس مجلس الوزراء وولي العهد هو النائب الـاول.
ويرسخ التعيين الجديد رغبة العائلة المالكة في استمرار تولي الجيل الأول من ابناء عبد العزيز المناصب المهمة في المملكة التي تأسست العام 1932. ويفتح هذا المنصب تقليدياً الباب لتعيين صاحبه ولياً للعهد عند وفاة الملك أو ولي العهد، لكن لم يعد ممكناً الجزم بهذا الأمر نظراً للتقاليد والأحكام التي تُملي ذلك، وخصوصاً أن تكون والدة ولي الأمر أو الملك من قبيلة سعودية كبيرة.
وظل هذا المنصب شاغراً منذ تعيين الأمير نايف بن عبد العزيز ولياً للعهد في تشرين الأول 2011، خلفاً لشقيقه الأمير سلطان، كما بقي شاغراً بعد وفاة الأمير نايف وتعيين الأمير سلمان ولياً للعهد في حزيران الماضي.
(الأخبار)