قمة رئاسية ثلاثية جمعت مصر وتركيا وإيران لبحث الأزمة السورية. ساعة ونصف ساعة، خرج بعدها الرؤساء محمد مرسي وعبدالله غول ومحمود أحمدي نجاد من لقاء وصف بـ«الإيجابي». مصادر في الرئاسية المصرية أكّدت أنّ «كلّ الأطراف دعمت الحلّ السلمي للأزمة السورية». ورأى مصدر دبلوماسي في الوفد الإيراني أنّ «هناك اتفاقاً بين الأطراف الثلاثة على آليات حلّ الأزمة، وأنّ الحلّ يجب أن يكون سورياً». القمة جاءت في أعقاب الأجواء «الإيجابية» التي صنعتها «مبادرة» رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد معاذ الخطيب، الذي «طوّرها» ممهلاً النظام السوري حتى يوم الأحد المقبل للإفراج عن النساء المعتقلات لديه، تحت طائلة اعتبار مبادرته للحوار قد رفضت. وقال، في تصريح إلى «هيئة الاذاعة البريطانية»، إن «هذه الأمور ليست إلى يوم الدين. إطلاق سراح النساء (يجب أن يتم) حتى يوم الأحد القادم». وأضاف «يعني إذا تأكدت أن ثمة امراة واحدة في السجن، اعتبر أنّ هذه المبادرة قد رفضها النظام، وهو يقفز ويرقص على جراح شعبنا وآلامه وتعذيب النساء». وأضاف الخطيب «للأسف الشديد، السلطة في سوريا تمكّن الإيرانيين من القرارات. هم رفضوا اقتراحي بإدراج اسم الاستاذ فاروق الشرع كطرف محاور، والناطق أو الحاكم بأمره الإيراني في دمشق يقول إنّ المفاوضات يجب أن تكون في دمشق». وتابع «أنا أصرّ على الأستاذ فاروق الشرع، لأنّ هذا رجل حقيقة يحاول إخراج سوريا من المشكلة»، مضيفاً «أنا سوري وأرفض التدخل الإيراني في المكان الذي يحدّد لإجراء المقابلة».
تصريحات الخطيب التي أحدثت جدلاً واسعاً في صفوف المعارضة، أفضت إلى الدعوة إلى اجتماع عاجل لبحث اقتراحه. وقالت مصادر في المعارضة إنّه «ينبغي أن يجتمع الائتلاف لرسم استراتيجية عاجلة بعد أصداء المبادرة، وانتهاز القوة الدافعة التي خلقتها بغض النظر عن تحفظات بعض الأعضاء». وأضاف المسؤول «المبادرة تثبت للمجتمع الدولي أنّ الأسد غير مستعد للتزحزح قيد أنملة، وينبغي أن نستفيد من ذلك». وذكرت مصادر في «الائتلاف» أنّ 30 عضواً (من أصل 70) بعثوا برسالة إلى قيادته يطالبون بعقد اجتماع عاجل لجميع الأعضاء. وأضاف أنّ المجلس سينتظر ليرى ما ستؤول إليه المبادرة «حينما يصبح واضحاً أن الأسد لا ينفذ أيّ شيء، وأنّ السجناء ما زالوا قابعين في سجونه».
طهران المتّهمة بخطف القرار السوري، أكد مستشار مرشد جمهوريتها، علي أکبر ولايتي، أنّ «الرئيس بشار الأسد سيبقى علی رأس السلطة في سوريا، نظراً إلى الوعي الذي يتحلی به الشعب السوري حيال التدخل الأجنبي». وأضاف ولايتي أنّ «إيران ستواصل دعمها بقوة للشعب السوري وحكومته».
وبعد صمت سوري دام أيام، غاب التعليق مجدّداً على مبادرة رئيس «الائتلاف»، لكنّ نائب الرئيس السوري فيصل المقداد اتهم كلّاً من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو، في حديث إلى موقع «شبيغل أونلاين»، بقتل آلاف المواطنين السوريين «عبر تقديم الدعم إلى منظمتي القاعدة والنصرة وسواهما من المنظمات الدينية المتطرفة». وأضاف المقداد «لقد بذلنا جهداً طويلاً لإقامة علاقات جيدة مع تركيا، قبل أن نكتشف أن قيادتها لديها مخطط مختلف وهو السعي لدفع «الإخوان المسلمين» والإتيان بالمنظمات الدينية المتطرفة وتسليحها، من مصر وتونس وليبيا إلى سوريا والعراق بهدف إقامة إمبراطورية عثمانية جديدة».
وحول الخلاف السوري _ السعودي، قال المقداد: «إن المملكة العربية السعودية خاضعة للضغوط الأميركية، وهي تقدم الدعم إلى بعض القوات الإسلامية المتطرفة التي تقاتل ضدّ سوريا، وهي تدرك تماماً أنّ هذا الموقف ضد مصالحها وبالتالي عليها التحرّر من الضغوطات الأميركية». وقال: «إن المستفيد مما يحصل في سوريا هو الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل. إن تجزئة سوريا تعني نسيان الصراع العربي _ الإسرائيلي. نحن الدولة الوحيدة المدافعة عن قضية العرب».
وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي بقيَ على إيجابيته، ورحّب مجدّداً بمبادرة الخطيب. وقال صالحي لوكالة «الأناضول»، إنّ مبادرة الخطيب «تضع الأزمة السورية في طريق الحل». وأضاف أنّ المبادرة «تؤكد أنّ الحل سياسي».
موسكو، من جهتها، رأت على لسان نائب وزير الخارجية، غينادي غاتيلوف، أنّ تسوية النزاع في سوريا ستبدأ عندما تقرّر المعارضة الدخول في حوار مع حكومة البلاد. ويعتقد غاتيلوف أنّ أحد أسباب عدم وجود تقدم في تسوية الأزمة السورية هو أنّ «شركاءنا الغربيين لا يبذلون الجهود المطلوبة في اتصالاتهم مع المعارضة، في حين نحن نعمل مع المعارضة ومع الحكومة. وهذا الموقف عُكس في البيان الختامي للقاء جنيف، ونحن لا نساند بشار الأسد، بل ندعو الى تسوية سياسية عادلة». وأشار إلى أنّ روسيا تأمل، ارتباطاً بالتغيرات التي حصلت في الإدارة الأميركية، أنّ «يتوقفوا عن التركيز على شخصية الأسد وأن يكون تنحّيه شرطاً أساسياً للاتصالات».
في موازاة ذلك، يعمل «الائتلاف» المعارض على فتح مكاتب تميثيلية في الولايات المتحدة الأميركية. وقال دبلوماسي غربي رفيع المستوى، طلب عدم نشر اسمه، إنّ «هذه خطوة مهمة، ومن الواضح أنها وسيلة محتملة لدعوة (أحمد معاذ) الخطيب للمجيء إلى نيويورك في مرحلة معيّنة». وأضاف «إنّ نجيب الغضبان _ وهو أستاذ جامعي أميركي سوري الأصل _ سيرأس مكتب نيويورك».
دبلوماسي آخر رأى أنّ الغرض من فتح مكتب نيويورك سيكون إيجاد قناة اتصال مع مجلس الأمن. من ناحيته، أكد مصدر قريب من المعارضة السورية أنّ مكتب واشنطن سيرأسه عباب خليل، وهو مقيم في فريسكو في ولاية تكساس. وقال المصدر إنّ إحدى المهمات الأولى لمكتب واشنطن ستكون الإعداد لزيارة محتملة للولايات المتحدة يقوم بها الخطيب نهاية الشهر الجاري. وأضاف المصدر أنّ تلك الزيارة سوف تتضمن اجتماعاً مع الرئيس باراك أوباما.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب)