دمشق | دمشق مدينة لا تعرف السكينة أو النوم. أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، بقيت صامدة في وجه حروب ومعارك لا حصر لها. حجارة قلعتها الأثرية، وسورها الطويل الذي يحدد ما يعرف اليوم بدمشق القديمة، وبواباته السبع الشهيرة، خير شاهد على عراقتها وروعتها المعمارية. قصائد ومعلّقات كثيرة كتبت عن دمشق، نظمها كبار الشعراء، رسمت كلماتها لوحات عن جمالها وعذوبتها، من أبو الطيّب المتنبي إلى نزار قباني ومحمود درويش وأحمد شوقي. كما أنشد لها أعمدة الغناء العربي. لكن دمشق اليوم، لا تشبه ما كانت عليه قبل بداية أحداث الحرب الدموية، المستعرة نارها في جميع مناطق البلاد منذ قرابة عامين. بشكل تدريجي، بدأت ملامح مدينة الياسمين بالتبدل. أما التفاصيل والأماكن المميزة، التي تعتبر محطات لا بدّ للعابر أو الزائر لدمشق أن يمر بها، فقد فقدت رونقها وحضورها هي الأخرى، نتيجة الأجواء المشحونة والرعب الذي استبدلته الأطراف المتحاربة، بالأمن والأمان الذي كان يميّزها. في الأيام الماضية، بدت شوارع دمشق شبه خالية من حركة السير. بالطبع، لم تحلّ أزمة المرور الخانقة التي تعانيها مدينة الياسمين بالعصا السحرية. أما الحواجز الأمنية التي تنتشر بكثرة، على مداخل العاصمة، ويتوزع العشرات منها أيضاً في شوارعها الرئيسية، لحماية الأبنية الحكومية الهامة، فلا تزال مكانها حتى اللحظة، وهي بازدياد مستمر. لكن حقيقة الأمر، أن الشائعة التي تبادلها السوريون قبل أيام، حول ارتفاع سعر ليتر البنزين، لم تتحول إلى حقيقة مثبتة حتى اللحظة، لكن حصل ما هو أسوأ، إذ فقدت مادة البنزين من غالبية محطات الوقود، الحكومية منها والخاصة على حدّ سواء، ما أصاب حركة المرور بالشلل شبه التام. أُجبر المواطنون من أصحاب السيارات الخاصة على ركن سياراتهم والوصول إلى أماكن عملهم بوسائل النقل العامة، التي شهدت بدورها ازدحاماً إضافياً. سريعاً ما تحولت باصات النقل العامة إلى علب معدنية، انحشر فيها أضعاف مضاعفة من أعداد الركاب المخصصة لها، كما هي الحال مع سيارات النقل التي ضاعف أصحابها أجرتها المعتادة. هذه الأزمة جعلت أصحاب سيارات الأجرة الخاصة (الصفراء)، الذين أدركوا حاجة المواطن للوصول إلى بيته سريعاً، يحولّون سياراتهم إلى «سرفيس» تنقل الركاب بشكل جماعي، ويتقاضون أجرة مضاعفة من كلّ راكب. لا مجال للاحتجاج أو التذمر من قبل المواطن السوري هنا. إما أن يرضخ لاستغلال أصحاب وسائل النقل كلها، ويدفع لهم الأجرة التي يطلبونها، حسب مزاجهم وطبيعة المكان الذي يقصده، أو يبقى واقفاً مكانه في انتظار قدرة إلهية.
في محطة انطلاق البرامكة، وسط العاصمة دمشق، يحتشد آلاف المواطنين مساء كل يوم، بانتظار وسيلة نقل تقلّهم إلى بيوتهم. في كثير من الأحيان، يصل عدد المواطنين المحتشدين في محطات الانطلاق إلى أرقام خيالية، يصعب استيعابها أو تصديقها. أحد هؤلاء انتظر أكثر من 5 ساعات حتى أدركه المساء. تنعدم وسائل النقل بشكل شبه كامل بعد الساعة الخامسة مساء، يقول لـ«الأخبار» في لحظة غضب ممزوجة بحسرة وغصّة بدت واضحة على وجهه المتعب، من دون أن يدرك أنه يدلي بتصريح لوسيلة إعلامية، «عليك أن تبحث بشكل مجنون عن وسيلة مواصلات مهما كان نوعها، أو ارتفعت الأجرة التي يطلبها سائقها منك. لا خيار آخر أمامك، إما أن تقبل بالاستغلال البشع، بحجة أزمة المحروقات والأوضاع الأمنية، أو تبقى واقفاً في مكانك إلى ما شاء الله».
الخطاب الحكومي الرسمي أكّد للمواطنين في جملة تصريحات أدلى بها عدد من المسؤولين المعنيين، عرضتها الفضائيات السورية، ونشرت في الصحافة الرسمية «أن أزمة البنزين ستحل قريباً جداً، وسيوزع مليون ليتر على محطات الوقود الحكومية والخاصة بالسرعة القصوى». أما أسباب أزمة البنزين في البلاد فقد حددت «بتفجير خطوط الإمداد الواصلة بين المحافظات، من قبل العصابات المسلحة، التي قامت أيضاً بسرقة بعضها. كما درست الحكومة مقترح نقل وتوزيع المحروقات والبنزين بواسطة صهاريج، لكن وجدت أنها ستضاعف التكلفة، فضلاً عن خطر «مصادرتها من قبل العصابات الإرهابية»، في تكرار واضح لجملة الأسباب والحلول، التي اعتاد المواطن السوري سماعها منذ بداية الأزمة والحرب على أرض بلاده!
ينتشر العديد من المقاهي في الشوارع والساحات والأزقة الدمشقية. لكل واحد منها طابعه الخاص، وروّاده وزبائنه المحمّلون بالحكايات، التي تختزل واقع البلاد وحجم المعاناة والقهر الذي باتت تعيشه. يصنّف مقهى الروضة العريق، الواقع على كتف شارع العابد بالقرب من مبنى البرلمان السوري، بأنه من المقاهي الراقية، ومحطة للقاء نجوم الدراما، وأعلام الثقافة السورية، الذين يفضّلون الجلوس على طاولات تبقى محجوزة لهم دائماً. في زيارة عابرة للمقهى، بدت مجمل الطاولات شبه فارغة من زوّارها المعتادين. تسأل النادل عنهم، فيجيبك «هاد كان زمان أستاذ. الغالبية العظمى من الفنانين ونجوم الدراما تركوا طاولاتهم، وغادروا سوريا إلى بلاد الله الواسعة». يحتل طاولات المقهى اليوم عشاق يتبادلون كلام الغزل والغرام، على إيقاع أصوات المولدات الكهربائية الرتيبة، المنتشرة في شارع الصالحية بكثرة هذه الأيام. انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة جداً، أجبر أصحاب المحال التجارية في أحد أشهر الأسواق الدمشقية، على تشغيل مولداتهم الكهربائية لساعات طويلة، حتى تحولت أصواتها المزعجة، ورائحة دخان الديزل المنبعثة منها بكثرة، إلى أحد معالم الأسواق الدمشقية الراقية. بضع مئات من الأمتار جنوبي مقهى الروضة، يقع مقهى الكمال الشعبي، المحاذي لسينما الكندي العريقة. الغالبية العظمى من زواره وزبائنه، يصلون من المناطق والضواحي الفقيرة، كمحطة ملازمة عند زيارتهم للعاصمة. يكفي العابر لهذا المقهى، وهو يشرب كأساً من الشاي ويراقب ويستمع إلى أحاديث رواد قهوة الكمال المخصصة للرجال، أن يخرج بالكثير من التفاصيل والروايات التي تلخص أحوال البلاد. العشرات من رواد المقهى يصطحبون معهم حواسيبهم وهواتفهم المحمولة، والبعض الآخر يصطحب معه شواحن الإضاءة الكهربائية، ويتناوب الجميع على شحنها من القوابس الكهربائية المنتشرة في صالة المقهى. يقول أحدهم لرفيقه ساخراً «لو تنبه صاحب المقهى لكمية الكهرباء التي نشحن بها الأجهزة الكهربائية يومياً، لأضاف تعرفة محددة على شحن كل جهاز». يضحك رفاقه الذين ينتظرون دورهم في استثمار القابس، الذي تحول إلى محطة يومية لهم، يتحايلون فيها على غياب الكهرباء عن بيوتهم لأسابيع طويلة. عند مساء كل يوم، سرعان ما تتحول عاصمة الأمويين إلى مدينة أشباح، تغيب عنها جميع أشكال الحياة أو النشاط والحيوية التي كانت تميزها في الماضي. وحده تمثال الشهيد يوسف العظمة، المنتصب وسط ساحة المحافظة، والمحاط بسواتر اسمنتيّة مرتفعة الآن، يبقى شاهداً على الأيام الماضية، ومنتظراً عودة رواد وزوار المدينة التي لم تعرف النوم أو السكون يوماً، والذين كانوا يمرون بجانبه بصمت، كاسرين وحشة ليله الطويل، والطويل جداً اليوم.



مشادة بين المعارضين في تظاهرة سراقب

وقعت مشادات بين أنصار المعارضة السورية خلال تظاهرة في في بلدة سراقب في شمال سوريا، في مؤشر على الانقسامات داخل الحركة، التي تسعى إلى إطاحة الرئيس بشار الأسد. ويظهر في التصوير الذي وضع على موقع «يوتيوب» متظاهرون في بلدة سراقب بعضهم كان يرفع علم سوريا القديم، الذي أصبح رمزاً للثورة السورية، وكان البعض الآخر يرفع الأعلام السوداء الخاصة بالإسلاميين. وبعد مشادة جرى تمزيق علم الثورة وكسر ساريته. وأُلقي علم آخر على الأرض. ومضت المسيرة التي ظلت ترفرف فيها أعلام الإسلاميين والمعارضين. لكن الهتافات التي تطالب بالخلافة الإسلامية غلبت على هتاف المعارضة، الذي يؤكد وحدة الشعب السوري، والذي كان يتردد في أنحاء البلاد.
(رويترز)

أردوغان: أنفقنا 600 مليون دولار على اللاجئين


أعلن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان أنّ تركيا أنفقت حتى الآن «أكثر من 600 مليون دولار» على اللاجئين السوريين، الذين يتوافدون على الاراضي التركية،
(أ ف ب)

فخّ إسرائيلي للخطيب

نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريراً موسعاً عن مشاركة رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد معاذ الخطيب في مؤتمر ميونيخ الأمني، إضافة إلى مقابلة أجراها معه مراسلها رونين برغمان، لكنّها أكدت أنّ الخطيب سرعان ما أنهى الحديث عندما علم بهوية الصحافي.
ووفقاً للصحافي الإسرائيلي فإنّه تحدث إلى الخطيب من دون أن يعرّفه في البداية بنفسه، ونقل عنه حول تصريحاته التي اعتبرت مهادنة للنظام، قوله «هذا صحيح، فقد أعلنت أنني مستعد لمحادثة مباشرة مع النظام، لكن لا ليبقى بل لتنحيته بوسائل سلمية». وأضاف إنّه يتوقع من المجتمع الدولي أن يبدأ عملية حثيثة للتشويش على جميع وسائل الاتصال والإلكترونيات للجيش السوري.
(الأخبار)