في ردّ «عمليّ» على مبادرة رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد معاذ الخطيب، أعلن وزير المصالحة الوطنية علي حيدر استعداده للقاء الخطيب. وفي وقت أعلن رفض «المجلس الوطني» الحوار مع النظام، يستعدّ «الائتلاف» في اجتماعه المقبل للعمل على «تحييد إيران» عن سوريا. وأبدى وزير المصالحة الوطنية السوري، علي حيدر، استعداده لإجراء محادثات مع رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد معاذ الخطيب، بعد مبادرة الأخير لفتح حوار مع النظام. وقال حيدر، في مقابلة مع صحيفة «الغارديان»، «أنا على استعداد للقاء الخطيب في أيّة مدينة أجنبية استطيع زيارتها من أجل مناقشة الاستعدادات لإجراء حوار وطني. وإجراء منافسة حقيقية لانتخاب برلمان متعدد الأحزاب وللرئاسة حين تنتهي ولاية الرئيس بشار الأسد في العام المقبل». وأضاف أنّ الحوار الوطني هو «وسيلة لتوفير آلية للوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية حرة، وهذا يمثل واحداً من الموضوعات التي ستتمّ مناقشتها على طاولة الحوار، وهذا الشيء يمكن أن يكون نتيجة للمفاوضات ولكن ليس شرطاً مسبقاً، لأنّنا نرفض الحوار القائم فقط على تسليم السلطة من جانب واحد إلى آخر».
وأشار حيدر إلى أنه مثل وزراء الحكومة السورية «ممنوع من السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي بموجب العقوبات»، التي فرضها على السلطات السورية، لكنّه رشّح مدينة جنيف السويسرية كمكان محتمل لاستضافة محادثات تمهيدية بينه وبين الخطيب، مشدّداً على أنّ «الحوار الوطني الفعلي يجب أن يجري على الأراضي السورية لأنها مسألة تتعلق بالكرامة السورية».
وأقرّ حيدر بأنّ المعارضين السوريين المنفيين المعنيين بالحوار الوطني «يخشون من الاعتقال في حال عادوا إلى سوريا»، مشيراً إلى أنّ وزارة العدل السورية «بدأت بالفعل اتخاذ خطوات لإلغاء أيّة اجراءات ضد المعارضين السوريين في الخارج». وأضاف حيدر أنّ «هناك متشددين من الجانبين، لكن 80% من كل طرف يدرك الآن أن الانتصار العسكري غير ممكن».
الرئيس بشار الأسد، من ناحيته، رأى أنّ الظروف الحالية التي تواجهها سوريا جعلت آمال المواطنين أكبر في ما يتعلق بما ينتظرونه من الحكومة، وهذا بدوره يشكل مسؤولية إضافية على كل الوزارات. وأضاف الأسد، خلال ترؤسه جلسة حكومية، أنّ الجهات التي تستهدف سوريا عملت بشكل ممنهج في محاولة منها لتدمير البنية التحتية للبلاد، وهي بذلك تستهدف الشعب السوري أولاً وأخيراً.
وكان قد سبق الاجتماع تأدية اليمين الدستورية للوزراء الجدد المعيّنين، أمام الأسد، بحضور رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي وباقي أعضاء الحكومة.
على المقلب الآخر، أكد رئيس «المجلس الوطني السوري»، جورج صبرا، «أنّ المجلس ليس مهتماً بالحوار مع النظام السوري»، مشيراً إلى «أنّ للشعب السوري وحده الحق في أن يقرّر من يحكمه». ولفت إلى أن «النظام السوري أصبح يشكّل خطراً على الأمن والاستقرار في المنطقة»، كاشفاً «أن المجلس افتتح مكتباً له في غازي عنتاب في تركيا». وأشار صبرا، في مؤتمر صحافي، إلى أنّ «الروح المعنوية لعناصر الجيش الحر عالية، وهم يؤكدون أن مشروع اسقاط النظام لا رجوع عنه وغير قابل للنقاش».
عضو «الائتلاف» حارث النبهان، قال بدوره إنّ «الائتلاف سيبحث في اجتماع هيئته السياسية، غداً الخميس في القاهرة، كيفية تحييد الموقف الإيراني عن الثورة السورية». من ناحية أخرى، كشف صبرا عن أنّ «الاجتماع سيتطرق إلى المرحلة الانتقالية في سوريا، وكيفية العمل على إسقاط النظام لبدء هذه المرحلة». وقال «سنركّز في هذا الجانب على ما جاء بالوثائق التأسيسية للائتلاف، من أنه لا تفاوض مع النظام والمجموعة المحيطة به، وأن أيّ تفاوض ينبغي أن يبدأ بعد رحيله ويكون مع أشخاص من النظام لم تتلطخ أيديهم بدماء الشعب السوري».
من جهتها، أكدت القيادة المشتركة لـ«الجيش السوري الحر»، في بيان، أنّها «ليست ضد مبادرة التفاوض الإنسانية التي أطلقها أحمد معاذ الخطيب، ورغم أنها ولدت ميتة ومع ذلك سنمنحها وقتاً نصرة لدماء الشهداء»، مشيرة إلى «أنّنا مع أيّ مبادرة تساعد على وقف قتل وهدر دماء السوريين وتوقف آلة الدمار وتحقق كامل مطالب الثورة السورية المجيدة علماً أننا على يقين أن النظام، ومنذ اللحظة الأولى في تعامله مع الحراك السلمي الشعبي ومطالب المتظاهرين المحقة، استعمل العنف والحلّ الأمني والعسكري والآن يلجأ للاحتيال والخداع في مسرحية هزلية للتفاوض بغية إفشال كافة المساعي والجهود الدبلوماسية والإنسانية». وأعلنت «رفض أيّ تهديد للوحدة الوطنية والترابية لسوريا، والدفاع وحماية مكتسبات الثورة السورية المجيدة وعدم التفريط ولو قيد أنملة بالتضحيات الجسيمة، ورفض ومقاومة كافة أشكال وأنواع التطرف والانتقام». كما طالبت «بتحييد سلاح الطيران وحظر استخدام الصواريخ لأنها تقتل المدنيين عشوائياً، وحظر اللجوء إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل (الكيميائية ـ البيولوجية)».
في موازاة ذلك، لفت وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، إلى أنّ «تدخّل الأمم المتحدة ضروري لانهاء العنف في سوريا». وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره النمساوي ميخائيل شبيندل ايغر، أكدّ «ضرورة توحيد الرؤية الدولية بشأن الأزمة السورية»، مشيراً إلى أنّ «الشأن السوري يتوقف على إرادة السوريين انفسهم»، موضحاً أنّ «النظام السوري يرفض الحلّ السلمي، ونقل السلطة، والمجتمع الدولي عاجز عن وقف العنف»، متسائلاً «ماذا سيفعل المجتمع الدولي أمام هذا الرفض من قبل النظام ونزيف الدم؟».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)