ذكرت صحيفة «أندبندنت» البريطانية، أمس، أن الجناح المتشدّد داخل العائلة الحاكمة في البحرين، والذي يرتبط بعلاقة وثيقة مع السعودية، بات متحكّماً بقوّة، وهو يعارض بشدّة أي تنازلات يمكن أن تُنهي الأزمة في المملكة الصغيرة. وقالت إن التقارير الآتية من المنامة تشير الى أن جناح «الخوالد» يسيطر بشكل قوي على الحكم، وهذا ما أثار مخاوف حلفاء البحرين في لندن وواشنطن، من أن تغتصب المملكة الموالية للغرب مجموعة من المتشدّدين المناوئين للمواقف الأميركية والبريطانية.

وكانت الشائعات حول تنامي نفوذ الجناح المتشدّد في المملكة قد تناثرت عقب اندلاع انتفاضة «14 فبراير» ضدّ الحكم الخليفي. واتهمت الجمعيات المعارضة جناح «الخوالد» بقيادة الحلّ الأمني الذي قمع التظاهرات على مدى أشهر، وأسفر عن مقتل أكثر من 80 متظاهراً. وأشارت الصحيفة الى أنّ أفراداً من الأسرة الحاكمة بدأوا يطرحون الصوت ضدّ منافسيهم، في خطوة غير مسبوقة، وهو ما يدلّ على أنّ الأسرة باتت منقسمة في الواقع. وتنقل عن أحد أفراد الأسرة «الرفيعين» قوله، في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» منتقداً أبناء عمومته، بأن «الملك محاط بخوالد نافذين».
والخوالد هو المصطلح الذي يستخدم للإشارة الى الجناح المتشدّد المحافظ داخل الأسرة المالكة، وتعود التسمية الى خالد بن علي آل خليفة، الذي كان الشقيق الأصغر لأمير البحرين في عام 1920، وكان شديد البأس. وقاد حملة أمنية شرسة ضدّ الانتفاضة الشيعية في ذلك الوقت، وانتهى به الأمر معتقلاً لدى البريطانيين. ومؤيّدوه معروفون برفضهم للسكان الشيعة في المملكة، وقد أمضوا الفترة الأخيرة من القرن الماضي خارج السلطة، قبل أن يدبروا أمرهم ويعودوا الى مواقع حساسة داخل الأسرة المالكة. وفي السنوات الأخيرة عملوا على إبعاد شخصيات بارزة متعاطفة مع الإصلاحات السياسية والاقتصادية كولي العهد الأمير سلمان.
وفي تقرير أصدره العام الماضي معهد «كارنيج إندومنت فور انترناشونال بيس»، قال إن السلطة السياسية الحاكمة في البحرين تستند على «مثلث محافظ» يتمثل في رئيس الحكومة خليفة بن سلمان ووزير الديوان الملكي خالد بن أحمد وقائد قوة الدفاع شقيقه خليفة بن أحمد. رئيس الحكومة هو عم الملك الحالي، ويرأس الحكومة منذ أكثر من 40 عاماً، أما أبناء أحمد، خالد وخليفة، فهما من جناح الخوالد.
ووصل الحاكم الحالي حمد بن عيسى الى السلطة في عام 1999، وقدّم نفسه كإصلاحي مع حزمة من الإصلاحات التاريخية بدأ بتطبيقها في بداية الألفية الثالثة، أطلقت المعتقلين السياسيين وكفلت هامشاً من حرية الرأي والعمل السياسي وتأسيس الجمعيات السياسية. لكنه في الفترة الأخيرة، انحاز بشكل كبير الى جناح الخوالد، وطبق أجندة محافظة وطائفية. وعندما اندلعت الانتفاضة في 14 شباط 2011، أقنع الخوالد الملك بالخيار الأمني ضدّ الاحتجاجات ورفض الإصلاحات وإدخال قوات «درع الجزيرة» الى المملكة.
وتنقل «أندبندنت» عن زعيم حركة «الأحرار» غير المرخصة، سعيد الشهابي، قوله إن جناح الخوالد بات مصدر قلق للبريطانيين. ويضيف «لا أعتقد أن البريطانيين يريدون من الخوالد أن يمسكوا بالسلطة لأنهم يفضلون التعامل مع معتدلين». ويؤكد أن هذا الجناح يتلقى الدعم من السعودية «وهذا ترك البريطانيين في حال من الضياع».
وتقول الصحيفة البريطانية إن صعود الجناح المتشدّد داخل الأسرة المالكة ترافق مع تنامي المشاعر المعادية للأميركيين والبريطانيين في صفوف المتظاهرين. وتضيف إن المجموعات الشيعية المعتدلة شأن جمعية «الوفاق» الوطني الإسلامية كانت تأمل بأن تدعم كل من لندن وواشنطن المطالب الديموقراطية والإصلاحية، وعندما فشلوا في ذلك، أصبحت بعض الجماعات الراديكالية أمثال «ائتلاف 14 فبراير» أكثر نفوذاً، وتبنّت خطاباً معادياً للغرب.
وتجرى حالياً جولة ثانية من الحوار في البحرين، تزامناً مع الذكرى الثانية للانتفاضة. واتفق المشاركون في جلسة الحوار الثالثة التي انعقدت أول من أمس، على عدم إصدار البيانات، فيما تقدم «ائتلاف الجمعيات السياسية» الموالي، ببيان لنبذ العنف، رفضته المعارضة.
بدورها، اقترحت المعارضة ثلاثة أشهر مدى زمنياً للحوار، بينما قال عيسى عبد الرحمن، المتحدث باسم الحوار، إن النقاشات تتقدم.
(الأخبار)