القاهرة | «محاولة لتهدئة الأجواء»، قد يكون خير ما يوصف به لقاء الرئيس المصري محمد مرسي بوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، أول من أمس، الذي جاء «غامضاً في ترتيبه، سريعاً في إتمامه، سرياً في أجندته». بهذه الكلمات كشفت مصادر عسكرية مطلعة لـ«الأخبار» عن ملابسات التغيير الذي طرأ على موعد لقاء مرسي بالسيسي وبعض القيادات في المؤسسة العسكرية، الذي كان يفترض أن يعقد غداً، قبل أن يعمد وزير الدفاع بمفرده للقاء الرئيس أول من أمس. المصادر العسكرية أكدت لـ«الأخبار»، أن رئيس أركان القوات المسلحة صدقي صبحي، كان رافضاً لحضور اجتماع غد. ووفقاً للمصادر، استند صبحي في رفضه «إلى التصرفات غير اللائقة التي ظهرت عن مكتب الإرشاد والمحاولات المتكررة لإحداث وقيعة بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية». كذلك يبدي صبحي امتعاضاً ازاء تجاهل مرسي تقديم اعتذار عما حدث قبل أيام عندما ألقيت بالونات اختبار لجس نبض الجيش عقب شائعة اقالة السيسي وظهور المرشد العام للإخوان محمد بديع للحديث عن قادة الجيش وجنوده كونهم «درع مصر الحامي وسيفه البتار».
ورغبةً منه في تفادي الوقوع في دوامة إقناع القادة العسكريين بالجلوس مع مرسي، بادر السيسي أول من أمس، للذهاب منفرداً إلى قصر الرئاسة، دون أن يُعلم أحداً من طاقم المساعدين بمكتبه بوجهته، اذ شدد عليهم الإجابة بجملة «الفريق لديه التزام» في حال السؤال عنه.
مصدر في الفريق الرئاسي المقرب من مرسي، أكد لـ«الأخبار» «أن أجندة مواعيد مكتب الرئاسة لم يدرج فيها موعد للاجتماع بين مرسي والسيسي، ولكن فوجئنا بوجود طاقم الحراسة الخاصة بالرئيس، يؤكد أن هناك اتصالاً هاتفياً جرى بينهما وأن مرسي بانتظار السيسي الآن». ويضيف المصدر «ما أن تم إبلاغ الرئيس بقدوم القائد العام للقوات المسلحة، نهض من على مكتبه وراح يستقبل السيسي بابتسامة هادئة».
وخلال المباحثات بين الإثنين، لم يتطرق مرسي إلى أزمة شائعة إقالة السيسي متعمداً تجاهلها، لتتركز المباحثات على الأوضاع الداخلية والخارجية. وفيما أعرب مرسي عن عميق تقديره للمؤسسة العسكرية وقوتها في تأمين البلاد طوال الفترة الماضية، شدد السيسي وفقاً للمصادر على أن «الاستمرار في تهدئة الأوضاع أنسب الحلول لاحتواء غضب المعارضين واحتواء الشارع المصري». وفيما أكد على أن «المؤسسة العسكرية تحترم مبدأ الشرعية التى جاءت بمرسي للقصر الرئاسي»، تعمد هو الآخر عدم التطرق لشائعة اقالته.
مصادر في جماعة الإخوان أوضحت لـ«الأخبار» أن اللقاء الذي جمع مرسي والسيسي الأسبوع الماضي على مأدبة عشاء «كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، بعدما اعترض السيسي على أداء وزارة الداخلية في تعاملها مع المواطنين أثناء الاحتجاجات المختلفة». كما أوضحت المصادر أن السيسي أبدى رفضه «أي حلول وسطية تحول دون اتمام قرار هدم الانفاق مع قطاع غزة التي تسببت من وجهة نظره في إحداث تهديد مباشر للأمن المصري بعد تهريب أطنان من الأسلحة والمخدرات والمسلحين إلى مصر»، مشدداً على «ضرورة تطهير سيناء من خزائن الأسلحة والمسلحين».
هذا الأمر دفع وفقاً للمصادر الإخوانية بمكتب الإرشاد باتخاذ قرار إقالته «خلال 48 ساعة»، بعد وضع بديل عسكري متقاعد ليدير المؤسسة العسكرية خلفاً للسيسي. ولولا تسرب المعلومة التي تناقلتها وسائل الإعلام على كونها شائعة لكانت الأوضاع قد تبدلت.
يحدث كل ذلك فيما لم يتردد قيادي بارز في الجيش المصري في اطلاق عبارة «انتهاء مرحلة النفاق بين المؤسستين العسكرية والرئاسية»، بعد إعلان تأسفه لما جرى من ترتيبات لاجتماع «توافقي» يجمع السيسي والنائب الأول لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر بوساطة رسمية ومباشرة من رئيس الوزارء هشام قنديل عقب الانتهاء من الاجتماع الوزاري يوم الأربعاء الماضي.
ووفقاً للمصدر العسكري، طلب قنديل من السيسي الانتظار قليلاً حتى يتمكن الشاطر من الحضور إلى مكتبه لمناقشة بعض الأمور المتعلقة بالأوضاع الداخلية والخارجية للبلاد. وهو الأمر الذي رفضه السيسي متسائلاً «بأي صفة سأجالس الشاطر وأتناقش معه في أمور البلاد، وهو غير ذي صفة رسمية في الدولة».