شيع الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة، أمس، شهيدهم الأسير الذي اغتالته الأجهزة الإسرائيلية جراء التعذيب، عرفات جرادات، متوعّدين بالانتقام، فيما اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس دولة الاحتلال بأنها تتعمد نشر الفوضى في الضفة الغربية. وحمل المشاركون الأعلام الفلسطينية وأعلام حركة «فتح» والفصائل الفلسطينية الأخرى في جنازة جرادات في قرية سعير قرب مدينة الخليل. وقُبيل التشييع أصدرت كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة «فتح»، بياناً تعهدت فيه الردّ على اغتيال جرادات، وقالت إن «هذه الجريمة البشعة لن تمرّ دون عقاب ونتوعد الاحتلال الصهيوني بالردّ على هذه الجريمة». وانتشر عدد من النشطاء الملثمين والمسلحين من الحركة على أسطح المنازل في القرية، فيما استنفرت قوات الاحتلال خارج القرية تحسباً لوقوع مواجهات بعد الجنازة. وعمّت مدن الضفة تظاهرات متفرقة تخللتها اشتباكات مع جنود الاحتلال. وأكدت متحدثة باسم الجيش الاسرائيلي وجود «تظاهرات متفرقة هنا وهناك» في الضفة الغربية، مشيرةً الى أنها صغيرة الحجم وأنه لم تقع إصابات.
لكن مصادر طبية فلسطينية أكدت أن سبعة أشخاص أُصيبوا بنحو طفيف بعدما أطلق جيش الاحتلال الرصاص الحي، بينما كان نحو 500 فلسطيني يتظاهرون بالقرب من سجن عوفر العسكري بالقرب من مدينة رام الله. وذكرت مصادر طبية في مستشفى رام الله الحكومي أن إصابتين بالرصاص الحيّ وصلتا إليها من مواجهات سجن عوفر. من جهته، اتهم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إسرائيل بأنها تريد نشر الفوضى في الأراضي الفلسطينية، مؤكداً أن وفاة جرادات «لا يمكن أن تمر ببساطة». وقال في خطاب في المقاطعة مقر السلطة الفلسطينية في رام الله، إن «الإسرائيليين يريدون الفوضى عندنا، ونحن نعرف ذلك ولن نسمح لهم» بذلك.
وبعدما أشار إلى أن «الفلسطينيين يمرون بأيام صعبة»، أكد عباس «فقدنا الشهيد الأسير عرفات جرادات الذي اعتقل عندهم وعاد جثة هامدة وهي قضية لا يمكن أن تمر ببساطة، ولن نسمح بأن يقضي الأسرى حياتهم وعمرهم في السجون». وأضاف: «نحن نريد السلام والحرية لأسرانا، ومهما حاولوا أن يجرونا لمخططاتهم فلن ننجر. لن نسمح لهم باللعب بحياة أطفالنا وأبنائنا».
واتهم الرئيس الفلسطيني إسرائيل بأنها «تصعد ضد المتظاهرين الفلسطينيين وتطور في مواجهاتهم مع أطفالنا وشبابنا بإطلاق الرصاص الحي عليهم». وأكد أن الإسرائيليين «بدأوا يطورون المواجهات باستخدام الرصاص الحيّ لقتل شبابنا وأطفالنا. هم يريدون أن يوصلونا إلى مرحلة لا نريدها»، في إشارة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة.
لكن المسؤول في السلطة الفلسطينية، نبيل شعث، قال لصحيفة «معاريف» إنه «لا يوجد أي مخطط لانتفاضة ثالثة، وإن التظاهرات العنيفة هي ضدّ الخط الذي تقوده السلطة». إلا أنه أشار إلى أنه لا أحد يعرف إلى أين ستؤدي الأحداث الأخيرة التي تزيد من الضغط في الشارع الفلسطيني. وأضاف شعث: «نحن نتوقع محاولة إسرائيلية لإحداث انتفاضة جديدة، فإسرائيل تتعامل مع موضوع الأسرى الفلسطينيين، وحقيقة وفاة أحد الأسرى تؤثر على الوضع برمته». وقال: «حاولنا رسم صورة شخصية للمتظاهر الفلسطيني العادي، ذلك الموجود في دائرة المواجهة الأولى التي تلقي الحجارة على قوات الأمن في بيتونيا أو الخليل وطولكرم، فإن الحديث يدور عن فتى يراوح عمره بين 14 ــ 19 سنة وهو ينتظم في التظاهرات تلقائياً تقريباً».
وتابع شعث: «هذا المتظاهر ماهر في إنشاء الحواجز الحجرية لمنع وصول قوات الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ اعتقالات، وهو يعرف أين توجد إطارات السيارات المستخدمة لإشعالها، وهو يدرك المسافة الناجعة لإلقاء الحجارة بالمقلاع، ويتحكم بطرق الهرب من الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي الذي يُطلق عليه».
وخلُص إلى القول: «كلما ابتعدنا عن مراكز المواجهات، يزداد سنّ المتظاهرين، وإن العناصر الرسمية والشخصيات العامة يحاولون عدم الوصول إلى مناطق المواجهات، بل يقدمون الدعم من الصفوف الخلفية للفتيان المتظاهرين».
من جهة ثانية، رأى محللون وسياسيون فلسطينيون أن الشارع الفلسطيني دخل مرحلة حراك عملي تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. وقال المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، إن الشارع الفلسطيني «يعيش الآن مرحلة الانتقال من المشاعر التضامنية والاعتصام إلى مرحلة الحراك العملي، وهذا شيء جديد»، معتبراً أن ذلك «قد يقود إلى مزيد من الحراك في مواجهة الاحتلال». وأضاف أن «هذا الحراك الجماهيري قابل للتوسع والانتشار في المدن الفلسطينية ليكون حالة جديدة من التضامن الفعلي ضد الاحتلال».
من جهة ثانية، أضرب الأسير اللبناني في السجون الفرنسية جورج عبد الله في سجن لانيميزان الفرنسي عن الطعام تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية. وأشارت مدوّنة «حرروا جورج عبد الله» إلى أن 12 من نزلاء سجن لانيميزان المركزي الفرنسي انضموا إلى جورج عبد الله في إضرابه، بينهم أعضاء في حركة إيتا الانفصالية في إقليم الباسك الإسبانية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)