نيويورك | ربط الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إحراز تقدم في مجال الأمن الليبي بقدرة الدولة على إجراء إصلاح لمؤسساتها العسكرية والأمنية وتحديثها وإعادة بنائها، فيما أعلن رئيس الوزراء الليبي علي زيدان أمس، أن بلاده ستطلب قريباً من مجلس الامن الدولي رفع الحظر المفروض على استيراد الأسلحة رغم الاضطرابات المسلحة التي تشهدها البلاد. وكشف تقرير الأمين العام للمنظمة الدولية عن خطة يُعدّها مبعوثه إلى منطقة الصحراء، رومانو برودي، تعالج الأوضاع الأمنية من منطلقات إقليمية شاملة، مشيراً إلى أن المرحلة الماضية اتسمت بتفشي التحيز الحزبي وعدم الاستقرار وسوء التنظيم وتفشي الفساد والمحسوبية.
ورأى، في تقرير قدمه إلى مجلس الأمن مطالباً فيه بتجديد عمل بعثة مساعدة ليبيا لعام آخر، أن الإصلاح السياسي السريع في ليبيا شرط أساسي من شروط بناء الدولة على أسس العدالة والديموقراطية الحديثة التي تخضع للمساءلة على أساس سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، ومن أجل السلم والأمن الإقليميين. لكنه لاحظ أن تحقيق ذلك تقف دونه عوائق داخلية وأخرى إقليمية؛ منها تفشي السلاح والمتفجرات من مخلفات الحرب الليبية على نطاق واسع.
ورأى في التقرير، الذي أعدّه مبعوثه إلى ليبيا الوزير اللبناني السابق طارق متري، أن هذا يقتضي حصر السلاح وتخزينه على نحو آمن ومراقبته في شتى أنحاء ليبيا، لكن رغم إحراز تقدم في هذين المجالين، لا يزال هناك الكثير مما ينبغي بذله لضبط التسيب العسكري في البلاد.
أما التحديات الخارجية، فبدا الأمين العام مُتشجّعاً بالقرار الليبي الرامي إلى تعزيز التعاون الإقليمي في القضايا الأمنية، منطلقاً من أن الأمن الإقليمي مترابط مع الأمن الداخلي. وبأنه «لا يمكن تحقيق الأمن الوطني من دون ربطه بالمحيط الإقليمي»، ولا سيما مع دول الجوار التي مرت أخيراً باضطرابات. وكشف أن السياسي الإيطالي مبعوثه إلى منطقة الصحراء (السهل) يعكف حالياً على وضع استراتيجية شاملة للمنطقة تتناول مسائل عدة منها الشواغل الأمنية العابرة للحدود.
ولفت الأمين العام، في التقرير، إلى استمرار احتجاز آلاف الليبيين من دون مراعاة الإجراءات القانونية وقواعد العدالة، معرباً عن القلق من هذه الحالة. ورأى أنه رغم عملية فرز الموقوفين، وبت حالاتهم لا يزال العمل دون المستوى المطلوب، «فالكثير من هؤلاء لا يزالون خارج إشراف السلطة المركزية وبمنأى عن سلطة القضاء».
وأوصى الأمين العام بتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «يوناميل» لمدة سنة أخرى باعتبارها «بعثة سياسية خاصة ذات ولاية متكاملة». وتشمل أولويات البعثة «عملية صياغة الدستور والحوار الوطني الشامل وتحسين القدرات المؤسسية في مجالات إصلاح قطاع الدفاع والعدالة الانتقالية وسيادة القانون». وتعهد الأمين العام مواصلة توفير الموارد والخبرات المتوافرة لدى الأمم المتحدة دعماً للأولويات الوطنية.
ولفت التقرير إلى تشرد عشرات الآلاف داخلياً من جراء الصراعات القبلية والسياسية. وفي هذا الخصوص قال إن ما يزيد على 90 ألف ليبي تشردوا في العام الماضي نتيجة النزاع الذي جرى في بني وليد وجبل نفوسة، لكن التشريد لم يدم طويلاً. وقدر العدد الإجمالي للمشردين داخلياً حتى نهاية العام الماضي بأكثر من 65 ألفاً وهؤلاء ينتمون إلى قبائل المشاشية وتاورغاء والطوارق. ولا يزال الكثيرون منهم يواجه صعوبات العودة إلى مدنهم وبلداتهم. وعن اللجوء إلى ليبيا سجلت الأمم المتحدة وصول 3800 لاجئ سوري.
من جهة ثانية، نقلت وكالة الانباء الليبية الرسمية عن رئيس الحكومة قوله، عقب اجتماع مع وزير الدفاع الليبي ورئيس اركان الجيش، انه سيبحث خلال لقائه رئيس مجلس الأمن في الايام القليلة المقبلة موضوع رفع الحظر على استيراد الأسلحة. وأشار زيدان إلى ان «بلاده لم تعطِ أي تعهّد لأي دولة لإقامة قواعد عسكرية على أراضيها»، مشدداً على أنه «لن يكون في ليبيا أية قواعد أجنبية».
وفرض مجلس الأمن حظراً على تصدير الأسلحة لليبيا في بداية الانتفاضة التي شهدتها البلاد عام 2011.
وكان ضابط الاستخبارات الليبي محمد بوخليل، قد تحدث عن خطورة الأوضاع في مناطق جنوب ليبيا، وكشف عن وجود قوات أجنبية مسلحة داخل هذه المناطق، غير أنه رفض تحديد جنسيتها.
واتهم بوخليل، في لقاء مع إذاعة الجوهرة الليبية، فرنسا بالقيام بدور مشبوه في هذه المنطقة، وقال إن «فرنسا والدول الغربية لم تقدم مساعدتها لليبيين من أجل عيونهم»، مضيفا هذه دول استعمارية تسعى إلى فرض السيطرة والهيمنة على الدول.
من جهة ثانية، أكد رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية محمود جبريل، أن بلاده تسعى الى علاقات متوازنة مع جميع الدول بما فيها روسيا، وأن «التصحر السياسي» الذي خلفه نظلن العقيد معمر القذافي يتطلب تغيرات داخلية شاملة لإقامة دولة القانون والمواطنة والمساواة في الحقوق. وأشار إلى أن انعدام المؤسسات في ليبيا وانتشار السلاح في أيدي الليبيين ليس مدعاة للفوضى، «لأن الشارع الليبي متوافق وطنياً أكثر من نخبه السياسية».
وأشار جبريل، خلال زيارة قام بها إلى موسكو لوكالة الأنباء الروسية «نوفوستي»، أمس، إلى أنه رغم غياب المؤسسات والجيش والشرطة وانتشار السلاح في أيدي الليبيين لا يزال معدل الجريمة في ليبيا أقل من مصر وتونس. واستبعد أن تكون قضية انتشار السلاح وقضية وجود جماعات مسلحة سبباً لأن تتجه ليبيا نحو التفكك والتقسيم، مشيراً إلى أن «مثل هذه المخاوف ليست موجودة إلا في مخيلة الدوائر الخارجية التي تنظر إلى الوضع في ليبيا كمراقب من الخارج».