القاهرة | لا يبدو أن النزاع المتفجر بين مصلحة الضرائب المصرية وشركة «أوراسكوم للإنشاءات» التابعة لآل ساويرس حول متآخرات ضريبية، تنسبها وزارة المالية إلى الشركة العملاقة تقدَّر بـ 14 مليار جنيه، سيحسم في المحاكم، بعد الإعلان أمس عن مفاوضات جديدة لحل الأزمة تحت ضغط عمالي بدأه موظفو الشركة وضغط الخسائر التي لحقت بالبورصة (قرابة 12 مليار جنيه)، قبل أن تبدأ أمس بالتعافي. عودة التفاوض بين الجانبين، المقرر يوم الأحد المقبل، أُعلن أمس، بالرغم من أن قراراً قد صدر من النائب العام قبل أيام قضى بمنع نصيف وأنسي ساويرس، رئيسَي مجلس الإدارة الحالي والسابق للشركة، من السفر وإدراج اسميهما على قوائم ترقب الوصول في أعقاب اتهامات من وزير المالية للشركة بالتهرب الضريبي ومفاوضات سابقة لحل الأزمة وصفت بالفاشلة من قبل ممدوح عمر، رئيس مصلحة الضرائب.
عودة المفاوضات أرجعها مصدر نافذ في مصلحة الضرائب، طلب عدم ذكر اسمه، إلى «القواعد الداخلية في المصلحة، التي تتيح لها استئناف التفاوض حول المتأخرات الضريبية مع الممولين حتى بعد إحالة ملفاتهم على التحقيق بتهمة التهرب الضريبي، شرط أن لا يكون قد صدر بحق أولئك الممولين أحكام نهائية في هذا السياق». وأوضح المصدر لـ«الأخبار» أنه عادةً ما يجري التفاوض في مثل هذه الحالات استناداً إلى ظهور أدلة جديدة من الممول تؤكد صحة مزاعمه أو الكشف عن مستندات تشير إلى مصروفات يمكن حسمها من الوعاء الضريبي، وبالتالي من المستحقات الضريبية.
لكن هذا التوجه الجديد باستئناف التفاوض لا يبدو أنه يستند الى تلك الأعراف بقدر ما يبدو أنه تراجع جديد من قبل الحكومة في مواجهة التبعات السلبية لأزمة الشركة.
وقبل صدور البيان، نظم الآلاف من العاملين في الشركة – التي تصل أعداد العمالة فيها إلى نحو خمسين الفاً – تظاهرة أمام مقرها الإداري خشية أن تؤدي الأزمة إلى تصفية الشركة وتشريدهم. أشرف، وهو أحد قدامى العاملين في الشركة، قال لـ«الأخبار» إنه ينظر للقضية برمتها باعتبارها أداة جماعة الإخوان للتنكيل بآل ساويرس على خلفية مطامع مالية. وأضاف: «أنا شخصياً على يقين من أن أحداً لا يستطيع أن يمسّ ملّاك الشركة (المقيمين في الخارج) بسوء أو يجبرهم على دفع قرش واحد، لكن الخطر الداهم يلاحقنا نحن في حال تصفية الشركة لأعمالها أو في حال صدور حكم إدانة تقرر على أثره مصلحة الضرائب الحجز الإداري على الشركة مقابل المتأخرات الضريبية»، وهو «ما سيعني عملياً وقوع الشركة لاحقاً في يد أحد رجال الأعمال المقربين من الإخوان، ونحن طبعاً لا نأتمنهم على أعمالنا».
وفيما يخشى العمال على أرزاقهم في ظل ارتفاعات قياسية في معدلات البطالة، يروج معارضون أن ما يجري مع آل ساويرس ليس إلا محاولة لعقاب العائلة القبطية على مواقفها السياسية المناهضة للإسلاميين. ويستندون في ذلك، إلى تأسيس نجيب ساويرس، بعيد إسقاط حسني مبارك، حزب «المصريين الأحرار»، وهو حزب على أقصى يمين المعارضة غير الإسلامية. وينظر إليه كممثل لمصالح كبار رجال الأعمال غير المرتبطين بالجماعة الإسلامية.
كذلك أصبح قطاع من المعارضة ينظر إلى نجيب ساويرس كمعارض بارز، بل وكشخصية ثورية تشكل رأس حربة للنضال ضد حكم الإسلاميين. إلا أن الرجل أبعد ما يكون ربما عن هذه الصورة، ولا سيما أنه سبق أن قال في لقاء مع شبكة بلومبرغ إنه أسس حزبه لمواجهة الحركة العمالية وصعود اليسار. كذلك فإن الرجل لا يبدو أصلاً أنه قرر الصمود في مواجهة صعود الإسلاميين، إذ قال في حوار تلفزيوني أول من أمس إنه اضطر إلى الخروج من مصر بعدما علم أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى إلى التنكيل بكل خصومها السياسيين واحالتهم على المحاكمات. وهو إن صعّد من انتقاداته للإخوان بالقول «إن ما تعيشه مصر في ظل الإخوان هو احتلال وأصبح مطلوباً منا أن نحرر مصر من الاحتلال الإخواني»، فلا يبدو أنه يخطط للعودة إلى مصر في الوقت القريب بعدما ربط رجوعه بعودة «الديموقراطية إلى مصر».