بعد معالجة الحكومة المصرية لأبرز القضايا العالقة مع العراق، ركزت السلطات المصرية على مدى اليومين الماضيين على محاولة تحقيق اختراق مماثل مع الجارة الليبية، مستغلةً الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء الليبي، علي زيدان، لمصر، على أمل وضع حدّ للتوتر الذي تشهده العلاقات بين القاهرة وطرابلس. وهو توتر تجلّى في الأشهر الأخيرة في أكثر من مجال، إلا أن الأبرز فيه كان تكرار إغلاق الحدود البرية بين البلدين والتضييق على العمال المصريين. وبالرغم من عدم التوصل إلى حلول لهذه الملفات في أثناء الزيارة، وتكليف لجان متخصصة بحثها خلال الأسابيع المقبلة، بدا رئيس الوزراء الليبي، أمس، حريصاً على طمأنة المصريين، بتأكيده أن عملية ضبط الحدود المصرية الليبية تهدف إلى تحقيق أمن البلدين. وفيما أعرب في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري عن أمله بأن يأتي يوم لا توجد فيه تأشيرات للعبور بين البلدين، أوضح أن التأشيرات هي وضع مؤقت عارض سيزول بعودة الأمن والاستقرار إلى كلا البلدين. وتحدث عن توجه لفتح قنصليتين، مصرية وليبية في طبرق والسلوم، لتيسير كافة الأمور الإدارية بين البلدين وعودة العلاقات إلى ما كانت عليه في الماضي. وأضاف «نحن مستندون إلى جدار أمن وجيرة وأخوة نطمئن إليهم وتتمثل في البلد الشقيق مصر»، مشدداً على أن العلاقات المصرية الليبية كانت ولا تزال علاقات جيدة رغم ما اعتراها من شوائب في عهد الزعيم الراحل معمر القذافي. أما قنديل، فركّز في حديثه على التشابه الكبير بين مصر وليبيا وتونس، لافتاً إلى أن «دول الربيع العربي نجحت شعوبها في أن تسقط الطغاة». وأوضح أن المباحثات تضمنت مشكلة الحدود الليبية المصرية وكيفية ضبطها، وخصوصاً بعد أن تحولت الحدود إلى ممرّ لتهريب الأسلحة من ليبيا بما يزيد من تهديدات الأمن القومي المصري. كذلك أكد قنديل أنه تمت مناقشة قضية العمالة المصرية في ليبيا، متحدثاً عن خطط لإرسال المزيد من العمالة عن طريق العقود الموثقة.
وتعدّ السوق الليبية متنفساً رئيسياً للعمالة المصرية، نظراًً إلى توفيرها فرص عمل لمئات الآلاف من العمال المصريين. وهؤلاء كانوا قد تلقّوا ضربة قاسية منذ اندلاع الانتفاضة الليبية عام 2011، بعد أن اضطر الكثير منهم إلى مغادرة ليبيا في أعقاب المعارك التي شهدتها.
وينتظر أن يطرح ملف العمالة المصرية، وبشكل خاص التعويضات للمصريين المتضررين من الأحداث الليبية، على لجنة مشتركة عليا ستنعقد في غضون أسابيع لمناقشة التعاون في كافة المجالات، مثل الأمن من الحدود والتعاون الاقتصادي والاجتماعي والتعليم وغيرها.
ومن بين الملفات الحساسة العالقة بين البلدين، رموز نظام القذافي الذين يقيمون في مصر. وهو ما تطرق إليه زيدان بتأكيده ثقته بأن الرئيس المصري، الذي التقاه أمس، ورئيس وزرائه، لا يسمحان لرموز النظام الليبي السابق بإحداث أي ضرر لليبيا. ومن أبرز رموز النظام الليبي في مصر أحمد قذاف الدم الذي كان يتولى تنسيق العلاقات المصرية الليبية.
وفي السياق نفسه، تأمل ليبيا أن تتوصل إلى استعادة الأموال المهربة من النظام السابق في مصر، والتي يقدر البعض قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات.
(الأخبار)