أثارت صحيفة «هآرتس»، من جديد، التشكيك في قدرات منظومة «القبة الحديدية» الإسرائيلية، وفي المعطيات التي ينشرها عنها الجيش الاسرائيلي، وتحديداً نجاعتها في اعتراض الصواريخ القصيرة المدى. ونشرت الصحيفة تقريراً تحليلياً للكاتب والخبير في شؤون الدفاع الصاروخي، رؤوفين بدهستور، قارن فيه بين المعطيات العسكرية الرسمية، والحقائق الميدانية على ارض المعركة، مع تحليل للصور ومقاطع الفيديو، ليخلص الى وجود مبالغة كبيرة جدا، حول نجاح المنظومة وفاعليتها.
وشدد الكاتب على ان رواية الجيش الاسرائيلي عن نجاح المنظومة باعتراض نسبة 84% من الصواريخ الفلسطينية خلال العدوان الاخير على قطاع غزة، بعيدة كل البعد عن الواقع. وقال «إذا كان تعريف الاعتراض الناجح معناه تدمير الرأس الحربي للصاروخ المهاجم، فإن نسبة الاعتراض الناجحة خلال عملية عمود السحاب، كانت منخفضة جداً، وربما لا تتجاوز الـ5 بالمئة».
وذكر الخبير الاسرائيلي أن «العالم وصاحب الشهرة الدولية، والمتخصص في مجالات الدفاع الصاروخي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تيدودور بوستول، أجرى أبحاثاً عن القبة الحديدية، مع عالمين اخرين، هما الدكتور مردخاي شيفر، وهو مسؤول سابق في شركة رفائيل للصناعات العسكرية، وعالم اخر عمل سابقاً في الشركة التي تنتج صواريخ الباتريوت الاميركية، توصلوا ايضاً الى نفس النتيجة، بأن نجاح القبة الحديدية لم يصل الى النسبة التي اعلنها الجيش الاسرائيلي». واشار بدهتسور الى ان العلماء الثلاثة، اجروا ابحاثهم على نحو منفصل، وحللوا عشرات مقاطع الفيديو عن عمليات الاعتراض التي قيل إنها ناجحة. واضاف «تبدو مقاطع الفيديو للمشاهد بأنها ناجحة، لكنها في الواقع انفجارات ناجمة عن جهاز التدمير الذاتي لصاروخ القبة الحديدية المعترض، لا الهدف ذاته»، مضيفاً إن ما يمكن الإشارة اليه في هذا المجال، وللدلالة على عدم صحة الاعتراض ونجاحه، أن «مقاطع الفيديو تظهر كرة من النار ناتجة عن انفجار واحد، لكن كي يكون الاعتراض ناجحاً، يجب ان يظهر ايضا كرة نار اخرى، بالقرب من الصاروخ الذي جرى اعتراضه».
ابحاث العلماء الثلاثة، كما يشير بدهتسور، توقفت ايضاً امام «ظاهرة غريبة»، وهي ان الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية، نفذت مسارات متشابهة على نحو كامل، وفي نهايتها نفذت مناورات متشابهة ايضا، وصولا الى التدمير الذاتي في نفس الثانية تماماً، «بل في عدد من مقاطع الفيديو، ظهرت الصواريخ الاعتراضية في مسار زاوية ضيقة جداً قبل وقت قصير من التدمير الذاتي، ومن هنا يشدد العلماء الثلاثة على انه لا يمكن لصاروخ القبة الحديدية ان يتذكر بأن عليه ان يتوجه نحو صاروخ الغراد في ربع الثانية الاخيرة قبل ان ينفجر». وفي عرض للمعطيات الاسرائيلية الرسمية المنشورة في اعقاب العدوان الاخير على غزة، يضيف بدهتسور، تقدم الاسرائيليون بحوالى 3200 طلب تعويض عن الاضرار التي لحقت بهم من جراء تساقط الصواريخ، علماً بأن الصواريخ الـ 58 التي سقطت في الاماكن المبنية، بحسب بيانات الجيش الاسرائيلي، التي هي بطبيعتها تحمل رؤوساً متفجرة صغيرة، لا يمكنها ان تلحق هذا الكم من الاضرار. وأشار الى ان هذه الاضرار تعادل الاضرار التي لحقت بالاسرائيليين من جراء حرب الخليج الاولى عام 1991 وحرب لبنان عام 2006 ـ « الامر الذي يثير اكثر من علامة استفهام حول العدد الحقيقي للصواريخ الذي سقط على الاماكن المبنية». كذلك يثير معطى اخر رسمي، يناقض المعطى العسكري، وهو بيانات صادرة عن الشرطة الاسرائيلية، التي «افادت انها عالجت 109 حالات سقوط صواريخ على مناطق مبنية، وهو تقريباً ضعف العدد الذي تحدث عنه الجيش الاسرائيلي في بياناته».