رأى مدير الاستخبارات الوطنية الاميركية، جيمس كلابر، أن تآكل سلطة النظام السوري تتسارع، رغم أنه أفلح حتى الآن في منع المعارضة المسلحة من السيطرة على المدن الرئيسية، مثل دمشق وحلب وحمص، لكنه عاجز أيضاً عن إخراج قوى المعارضة من المناطق المحيطة بهذه المدن.
وكان كلابر يناقش تقريراً أعدته أجهزة الاستخبارات الأميركية، التي يشرف هو على تنسيق نشاطاتها، في جلسة للجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأميركي، يقوّم الأخطار العالمية التي تهدد الولايات المتحدة، وشارك في الجلسة أيضاً مدير وكالة الاستخبارات المركزية «السي آي إيه» جون برينان ومدير مكتب التحقيقات الفيديرالي «الأف بي آي» روبرت مولر وغيرهما.
وأضاف كلابر أن أجهزة الاستخبارات الأميركية لا تعرف إلى متى سيستطيع الرئيس السوري بشار الأسد الاحتفاظ بسيطرته على الحكم في البلاد. وأوضح في حديثه للجنة أن التساؤل المتعلق بسوريا الذي يلح بشكل متزايد هو «إلى متى سيستمر الأسد؟»، وتابع: «إجابتنا أن أيامه معدودة، غير أننا لا نعرف عددها، في تقديرنا هو ملتزم للغاية البقاء هناك والاحتفاظ بسيطرته على النظام».
وشدد كلابر على أن حكومة الأسد تخسر السيطرة على أراضٍ وتعاني نقصاً في الرجال وفي النقل والإمداد. وأضاف أن «العنف التصعيدي للنظام وتدهور الظروف الأمنية قد أديا إلى ازدياد الخسائر المدنية». وحذر من أن تزايد عجز النظام عن التصدي للمعارضين بما لديه من وسائل عسكرية تقليدية يزيد من المخاوف بشأن إمكانية وصول النظام إلى حالة من اليأس بما يكفي لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري، ما قد يسبب سقوط عدد هائل من الضحايا.
وأوضح كلابر أن «لدى سوريا برنامجاً شديد الفعالية للحرب الكيميائية ويمتلك مخزوناً كبيراً من غاز الخردل والسارين وغاز الأعصاب»، مضيفاً أن سوريا تمتلك أيضاً «مخزوناً كبيراً من الأسلحة، بما فيها الصواريخ والقنابل الجوية، وبالتأكيد قذائف مدفعية يمكن استخدامها لنشر هذه المنتجات الكيميائية». وأوضح كلابر أن هذا البرنامج «كبير ومعقد وموزع جغرافيا مع مواقع تخزين وإعداد وتصنيع».
وأبدى كلابر خشية من أن تستولي مجموعات أو أفراد في سوريا على هذه الأسلحة الكيميائية التي تتولى الولايات المتحدة وحلفاؤها مراقبتها مراقبة شديدة.
أما في ما يتعلق بالمعارضة، فأكد كلابر أن القوات التي تسعى إلى إطاحة الأسد تكتسب قوة وتربح أرضاً، لكن المعارضة السورية ما زالت مجزأة وتجد صعوبة في احتواء تدفق المقاتلين المتشددين الأجانب، مشيراً إلى وجود «المئات حرفياً» من خلايا مقاتلي المعارضة التي يجد القادة صعوبة بالغة في بسط مزيد من القيادة والسيطرة المركزيتين عليها. وأشار أيضاً إلى تزايد عدد المقاتلين الأجانب في صفوف الثوار، وكثيرون منهم مرتبطون بجبهة النصرة المنبثقة من تنظيم القاعدة في العراق، وأوضح أن الجبهة اكتسبت قبولاً شعبياً لأنها تقدم «المزيد من الخدمات المدنية في وضع فظيع للغاية من الناحية الإنسانية». واعترف بأن «جبهة النصرة» تتصرف بذكاء؛ إذ «يوفر عناصرها الخدمات البلدية والإنسانية في أوضاع رهيبة للغاية».
وعن دور إيران في سوريا، قال إن «تورط إيران يزداد عمقاً، أكان من حيث توفير الإمدادات والمعدات والمشورة، أو في مجال تنظيم الميليشيات. لذلك فإن لإيران والتنظيم التابع لها حزب الله مصلحة ضخمة في بقاء سوريا تحت سيطرة النظام. وسوف تمنى إيران بخسارة استراتيجية ضخمة إذا سقط النظام».
إلى ذلك، كشفت تقارير إخبارية أمس أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» زادت من دعمها للعراق لمكافحة تنظيم القاعدة، ومواجهة التداعيات المحتملة للأزمة السورية. ونقلت جريدة «وول ستريت جورنال» أمس عن مصادر رسمية أن البيت الأبيض أصدر أوامره للاستخبارات في الفترة بين 2011 حتى نهاية العام الماضي بتقديم الدعم لهيئة مكافحة الإرهاب في العراق، التي تتبع لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مباشرة، كاشفة عن وجود ما يقرب من 220 فرداً من وكالة الاستخبارات لتنفيذ المهمة.
ورفعت الوكالة الأميركية منذ ذلك الحين مستوى التعاون مع السلطات العراقية لتولي مسؤولية عملية طويلة الأمد، يترأسها عسكريون أميركيون. وتأتي استراتيجية استخدام الوكالة لتعزيز جهود مكافحة الجماعات المتطرفة في العراق، في إطار هدف الإدارة الأميركية بالحد من الدور الأميركي في النزاع السوري.
(الأخبار)