حصلت الحكومة التونسية الجديدة برئاسة علي العريض أمس على ثقة المجلس التأسيسي التونسي.
وحازت الحكومة تزكية ١٣٩ نائباً، في حين رفضها ٤٥ واحتفظ ١٣ نائباً بأصواتهم، في جلسة عامة حضرها 197 نائباً من أصل ٢١٧ عضواً. واعتبرت نسبة التصويت دليلاً عملياً على أن الترويكا أصبحت في وضع أسوأ من الوضع الذي أعقب انتخابات ٢٣ تشرين الاول 2011 عندما كانت في أفضل حالاتها. وفي أول تصريح له بعد حصول الحكومة على ثقة المجلس الوطني التأسيسي، أعلن رئيسها علي العريض أن حكومته لها أربع أولويات؛ وهي الأمن وفرض علوية القانون على الجميع حتى تستعيد تونس نسق الاستثمار. وأضاف أن ثاني الأهداف سياسي، وهو التسريع في إنهاء المرحلة الانتقالية بإنهاء كتابة الدستور وتوفير الظروف الملائمة للانتخابات. أما الثالث فهو هدف اقتصادي عبر مقاومة البطالة وتوفير مواطن الشغل التي قدّرها العريض بـ٩٠ ألفاً بينها 23 ألفاً في القطاع العام، قبل نهاية السنة الجارية. والهدف الرابع متعلق بتحقيق أهداف الثورة، وأهمها مقاومة الفساد وتسريع المحاسبة وحسم ملف جرحى وشهداء الثورة وملف رجال الأعمال المشتبه في علاقتهم بالنظام السابق والممنوعين من السفر. وشدد العريض على أن حكومته هي لمرحلة قصيرة لا تزيد على تسعة أشهر، مشيراً إلى أنها ستعيش على وقع صعوبات وتحديات.
وأقرّ بوجود قلق سياسي لدى التونسيين بشأن تركيز الدولة المدنية، لكنه أوضح أن تونس قطعت شوطاً مهماً في مجال الحريات، وأن الديموقراطية الناشئة ينقصها الدستور، وتدقيق المواعيد السياسية وتثبيتها. وقال «تجاوزنا تواريخ كل المواعيد، وما زالت تونس تنتظر الدستور، وتنتظر إجراء الانتخابات وتركيز المؤسسات الدستورية الدائمة».
وأشار إلى أن تونس ليست في مأمن من الارهاب والعنف والانفلات الامني.
أما بالنسبة إلى قوى المعارضة، فكل ما طرحه العريض في هذا الشأن بقي «كلاماً جميلاً»، لكنه عام ويفتقر إلى الإرادة السياسية التي تعتقد المعارضة أن رئيس الحكومة لا يملكها لأنها مرتبطة بقرارات مجلس شورى حركة النهضة الحاكمة. وفي الوقت الذي قدم فيه العريض اعتذاراً للمرأة التونسية لضعف تمثيلها في الحكومة الجديدة (وزيرة وكاتبة دولة)، وفي الوقت الذي دعا فيه وسائل الاعلام إلى مساندة الحكومة، رأى عدد من نواب المعارضة أن خطاب العريض مجرد «لغو»، وأنه إعادة إنتاج للفشل الذي صاحب حكومة حمادي الجبالي المستقيلة.
وفي سياق مواز، تضغط أحزاب المعارضة وبعض المنظمات على الحكومة لحل رابطات حماية الثورة، التي يعتبرون تمسّك حزبي النهضة والمؤتمر بها دليلاً حقيقياً على عدم جديتهما في توفير مناخ حقيقي لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وكذلك عدم تشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتحديد موعد نهائي لإجراء الانتخابات التي ستطمئن التونسيين والمستثمرين وشركاء تونس إلى مسار الانتقال الديمقراطي. وترى أحزاب المعارضة أنه ما لم تثبت حكومة العريض حيادية وزارات السيادة وتحدد نهاية حقيقية ونهائية لعملها وتحل رابطات حماية الثورة، فلن يكون مصيرها إلا الفشل الذريع. ويبدو أن إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن لم يعد مطلباً تونسياً فقط. فقد كشف كاتب الدولة للشؤون الخارجية المكلف بالشؤون الاوروبية في الحكومة المستقيلة العبد ولي أن الاتحاد الاوروبي سينهي كل الاتفاقيات مع تونس آخر شهر تشرين الاول المقبل ما لم تنجز الانتخابات. لذلك اقترح رئيس الحزب ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر موعد ٢٧ تشرين الأول المقبل موعداً للانتخابات.