عزمت فرنسا وبريطانيا، مجدّداً، على إقناع شركائهما الأوروبيين برفع الحظر الذي يمنع تزويد المعارضة السورية بالأسلحة، في وقت كشف فيه تقرير عن وصول «الدفعة الأولى» من المقاتلين السوريين الذين تدرّبوا في قاعدة أميركية في الأردن، فيما انتقدت دمشق نجاح الضغوط الغربية على الأردن لتغيير سلوكها.وبدأ رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، أمس، اليوم الثاني من قمتهم في بروكسل، حيث بحثوا العلاقات مع روسيا، بينما سعت فرنسا وبريطانيا إلى أخذ النقاش إلى مكان آخر. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، على هامش القمة الأوروبية: «إن حصلت عرقلة من قبل بلد أو بلدين ستتحمّل فرنسا حينها مسؤولياتها». وأكد أنّ وزراء الخارجية سيدرسون في اجتماعهم المقرر في 22 و23 آذار في دبلن «كل عواقب رفع الحظر». وأضاف أنّ «أسلحة تسلّم من قبل دول بينها روسيا لبشار الأسد ونظامه. علينا استخلاص كل العبر وعلى أوروبا اتخاذ قرارها في الأسابيع المقبلة».
وتابع الرئيس الفرنسي أنّ «الأوروبيين قد يكون لديهم قرار يجب أن يتخذوه» قبل نهاية شهر أيار، موعد انتهاء العقوبات الأوروبية على سوريا أو تمديدها لأن «الوضع يتطور» على الأرض. وأكّد أنّه تلقى تأكيدات من المعارضة السورية بأنّ أي أسلحة ترسل لمقاتليها ستصل إلى الأيدي الصحيحة. أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فدعت، أول من أمس، إلى التزام الحذر.
في السياق، رأى رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، أنّ «ميركل ليست مخطئة بشأن هذه المسألة. إرسال شحنات أسلحة إلى المعارضة سيؤدي إلى إرسال شحنات أسلحة أخرى إلى النظام من قبل بلدان أخرى». وانتقد شولتز، في مقابلة تلفزيونية، فرنسا وبريطانيا لأنهما أثارتا مجدداً الجدل في ضرورة رفع الحظر على تسليم المعارضة السورية أسلحة. وقال: «أتمنى ألا نرتكب الخطأ نفسه الذي نراه في معظم الأحيان داخل الاتحاد الأوروبي، أي دول تتحدث بشكل فردي قبل الآخرين». وأكد أنّ «الأمر يتطلب دراسة معمقة»، مؤكداً أنّه «سيكون من الأفضل أن نتبنى موقفاً مشتركاً».
بدوره، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، أنّ الاتحاد الأوروبي سيحاول التوصل الأسبوع المقبل إلى «موقف مشترك» في مسألة تزويد المعارضة السورية بالأسلحة. وقال إنّ «بعض الدول الأعضاء أثارت مسألة رفع الحظر. اتفقنا على أن نطلب من وزراء الخارجية دراسة الوضع بسرعة خلال اجتماعهم غير الرسمي المقرر الأسبوع المقبل في دبلن واتخاذ موقف مشترك».
من ناحيته، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أنّه لا خطط في الوقت الحالي لتزويد المقاتلين في سوريا بالأسلحة، ولكنه يؤيد رفعاً جزئياً لحظر الأسلحة من قبل الاتحاد الأوروبي. وأكد كاميرون، عقب محادثات مع نظرائه في الاتحاد، أهمية إعفاء المعارضة السورية من الحظر الأوروبي على توريد الأسلحة، وذلك لـ«مستوى الاختلاف (في ميزان القوى) الموجود بين النظام والمعارضة».
من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أنّ بلادها تنظر بعين الرضى إلى قرار فرنسا وبريطانيا زيادة دعم المعارضة السورية. وأضافت أنّه «بالتأكيد، يعود إلى الاتحاد الأوروبي أن يتخذ القرار، ولكننا نعلم أن بعض الحكومات تريد القيام بالمزيد ونحن نشجعها على مواصلة الحوار داخل الاتحاد الأوروبي كي تتمكن من القيام بالمزيد».
من ناحيتها، أعلنت أنقرة تأييدها رفع حظر توريد السلاح إلى سوريا، لتقف بذلك إلى جانب كل من بريطانيا وفرنسا. وقال وزير الخارجية، أحمد داوود أوغلو: «إذا أظهر المجتمع الدولي بنحو واضح وحاسم الإرادة لمنع النظام السوري من اقتراف المجازر، فلن تكون هناك حاجة لهذا النوع من التسليح». وأعلن أن تركيا تدعم «تسليح الثوار في سوريا».
في سياق آخر، توالت فصول الكشف عن تدريب معارضين سوريين في الأردن. وأنهت مجموعة من المدربين الأميركيين في الأردن من تحضير زهاء 300 مقاتل من المعارضة السورية. ونقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية عن مصدر في المعارضة السورية قوله إن ضباطاً من الجيش الأميركي والاستخبارات دربوا مسلحين على استخدام أسلحة مضادة للدبابات وأخرى مضادة للطائرات. وأوضح المصدر أنّ معظم عناصر الدفعة الأولى أتوا من دمشق وريفها ومن درعا القريبة من الحدود. وأوضح المصدر أنّ مسؤولين أميركيين اتصلوا بالمعارضة وعرضوا تقديم المساعدة قبل بضعة أشهر، مشيراً إلى أنّ التدريبات متنوعة وتستغرق من 15 يوماً إلى شهر ويُقسَّم المقاتلون إلى مجموعات تتكون كل منها من 50 مقاتلاً.
في غضون ذلك، أفاد مصدر أمني سوري وكالة «فرانس برس»، أمس، بأنّ السلطات السورية تشتبه في أنّ الأردن بدأ منذ فترة بالسماح بتسلل جهاديين وتهريب أسلحة إلى جنوب سوريا. وقال المصدر إنّ السلطات «تشجب التغيير الحاصل في موقف الأردن الذي فتح منذ نحو عشرة أيام حدوده وسمح بمرور جهاديين، وأسلحة كرواتية مدفوع ثمنها من السعودية». ورأى أن سبب هذا التغيير هو «ضغوط تمارسها دول معادية لسوريا».
في سياق آخر، يعقد «الائتلاف» المعارض، مطلع الأسبوع المقبل، اجتماعاً في اسطنبول، أرجئ حتى الآن مرتين بهدف اختيار رئيس حكومة موقتة، بحسب ما ذكر عضو الائتلاف سمير نشار لوكالة «فرانس برس». وأوضح أنّ المشاورات مستمرة و«هناك اسم يتقدم حيناً على أسماء أخرى، ثمّ يتراجع ليتقدم غيره»، موضحاً أن أحد أسباب الخلافات حول هوية رئيس الحكومة «التدخلات الخارجية الكثيرة».
من جهته، قال عضو «الائتلاف»، مروان حجو، إنّ الغرب يبرّر «موقفه المتخاذل تجاه الثورة السورية بامتداد تنظيم القاعدة، وجبهة النصرة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)