عمان | في مقابلة استثنائية ونارية مع مجلة «ذا أتلانتيك» الأميركية، هاجم الملك الأردني عبد الله الثاني أقرانه من الزعماء العرب وغير العرب، فيما حمل على أشقائه ونخبته السياسية ومخابراته وقاعدته الاجتماعية من العشائر الأردنية. ووصف الملك رئيس الوزراء التركي أردوغان بالمتسلّط، واتهم الرئيس المصري محمد مرسي بالضحالة، والرئيس السوري بشار الأسد بالسذاجة، فيما اتهم مخابراته بالتآمر مع المحافظين ضدّه، ووصف زعماء العشائر الأردنية بالديناصورات.
ولم يوفر الملك أصدقاءه الأميركيين، في المقابلة التي تنشرها المجلة كاملة خلال أيام، فقال إنهم «ساذجون في تحقيق نواياهم». وتجدر الإشارة الى أن المقابلة أُجريت في خريف العام الماضي، وتُنشر بالتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمنطقة، التي تشمل الأردن. ولم يتوقف في انتقاداته عند هذا الحد، إذ خصّ نفسه بنصيب من لسانه. بدا لاذعاً على غير العادة، فقال إنه «قبل التتويج كان مثل (فورست غامب)». والمعروف أن هذه الشخصية، التي جسدها الممثل الشهير توم هانكس في فيلم يحمل الاسم ذاته، هي شخصية تتسم بمعدل عال من الغباء يصل إلى حد القصور العقلي، لكن صاحبها محظوظ بشكل لا يصدق.
وفي تفصيل المقتطفات، قال الملك عن الرئيس المصري: «ليس لديه أي عمق»، فيما وصف رئيس الوزراء التركي بأنّه «متسلط ينظر للديموقراطية على أنها رحلة باص تنتهي بمجرد وصوله الى المحطة التالية». وفي حديثه عن الرئيس السوري، يقول الملك، الذي يمضي أسبوعياً ساعات طيران طويلة ما بين رسمية وخاصة، إن بشار الأسد «قروي ساذج لا يعرف ما معنى اضطراب طيران الرحلات الطويلة»، مضيفاً: «عرضنا على اﻷسد ملاذاً آمناً في اﻷردن، لكنه ردّ بالقول: لماذا لا تهتمون بشؤونكم».
ولم تخل المقابلة من إشارات إلى العائلة الحاكمة في الأردن، وقال: «ﻻ يدركون التغييرات التي تجري، فهم يتصرفون كأمراء، ولكن أبناء عمومتي أمراء أكثر من إخوتي. قلت لهم: الشعب لن يتحمل الانغماس في الإسراف أو الفساد». وأضاف: «الملكية ستندثر خلال 50 عاماً، ابني سيقود ديموقراطية على النمط البريطاني، وليس على طريقة بشار الأسد».
وبالنسبة إلى العشائر اﻷردنية، وصف زعماءها بأنهم «ديناصورات قديمة لا ينتخبون إلا ابن قبيلتهم». وتطرق إلى المخابرات، وقال: «يتقدمون خطوتين ويتراجعون خطوة، هم سبب عدم قيامي بالإصلاح، وقد تآمروا مع المحافظين لتعطيل جهودي في زيادة تمثيل اﻷردنيين من أصل فلسطيني». على أنّ هذا لا يعني أنه يرى أن «هذا الجهاز لم يكن كفوءاً في حماية شبكة الفساد التي تمتد لتشمل ثقات القصر ومقرّبي العائلة الحاكمة وأصهارها»، أو أنه «غير راض عن إدارة المقاولات الأمنية والسياسية، التي يديرها هذا الجهاز وهي جوهر سياسة النظام».
وحول الإخوان المسلمين، قال: «هؤلاء ذئاب على شكل حملان، منعهم من الوصول الى السلطة هو معركتنا الحقيقية». ووصفهم بأنهم «تكتل ماسوني يتحكم بأكبر منظمة سياسية في اﻷردن».
مقتطفات المقابلة دفعت الديوان الملكي إلى نفي ما جاء فيها. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية «بترا» عن مصدر مطلع في الديوان الملكي الهاشمي قوله إن «المقال الذي نشرته «ذي أتلانتك»، حول جلالة الملك عبد الله الثاني احتوى العديد من المغالطات، حيث تم إخراج الأمور عن سياقها الصحيح». وحول ما ورد عن قادة بعض الدول، بيّن المصدر أن العلاقات الأردنية مع هذه الدول هي علاقات مميزة يسودها الاحترام والثقة المتبادلة، وأن «جلالته يكنّ لقادتها كل الاحترام والتقدير».
غير أن الصحافي جيفري غولدبرغ، الذي أجرى المقابلة مع الملك، رد على بيان الديوان الملكي. وكتب على حسابه على «تويتر»: «كل شيء تم تسجيله. الديوان الملكي لديه تسجيلات، كما لديّ أنا أيضاً. وبذلك يمكنهم أن يتأكدوا جيّداً من أن الاقتباسات واردة في سياق المقابلة».