القاهرة | لا تبدو جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة لمصر في وضع تحسد عليه. هذا على الأقل ما يمكن استنتاجه للوهلة الأولى من سياق الأحداث المتسارعة. فهي اليوم تواجه أخطر تحدٍ بشأن شرعيتها. وبعد سلسلة من الاحتجاجات ضدها متوقع أن تبلغ ذروتها غداً مع تنظيم «مليونية المقطم»، في إشارة الى المقر الرسمي للجماعة الذي اضطرت إلى إخلائه بعد تظاهرات عديدة أمامه، وجدت الجماعة نفسها أمس أمام تحديات إضافية. وهي تحديات لا ترتبط فقط بشرعية نظام الرئيس محمد مرسي جرّاء طلب وزير العدل أحمد مكي إعفاءه من منصبه، إذ إنه أمس انتهى تقرير هيئة المفوضين في مجلس الدولة إلى اعتبار أن الجماعة باطلة. وأصدر توصية بالموافقة على حكم القضاء الإداري الصادر عام 1992 بتأييد قراري مجلس قيادة الثورة بحل جماعة الإخوان المسلمين ورفض الطعن الذي سبق أن تقدم به مرشدا الجماعة السابقان عمر التلمساني ومحمد حامد أبو النصر. وشددت هيئة المفوضين على أن الجماعة ليست كياناً قانونياً، لافتةً الى أن كافة المسميات التي أطلقت على الإخوان المسلمين من قبل، كـ«الجماعة» و«الجمعية» و«الهيئة»، باطلة. وبررت توصيتها بأن الجماعة لم تقنن أوضاعها، وأن كيان الإخوان لا يندرج تحت «الشخصيات المعنوية» التي ينص عليها القانون المدني، وهي الجمعيات والهيئات.
الهيئة قالت، في تقريرها، إن الوجود القانوني للجماعة قد زال بصدور قرار مجلس قيادة الثورة الصادر عام 1954، وأن حكم المحكمة الصادر في 6 شباط 1992 بعدم قبول دعوى التلمساني استند إلى أن دستور 1956 قد نص على تحصين قرارات مجلس قيادة الثورة ضد الطعن. كذلك رأت الهيئة أن دعوى الطعن في القرار المقامة من «مرشدي الجماعة السابقين»، مقامة من غير ذي صفة، لأنهما ليسا ممثلين قانونيين لكيان قانوني قائم.
محمود ذكي، نائب رئيس مجلس الدولة، أكد لـ«الأخبار» أن التقرير لا يحمل إلزاماً للمحكمة، لكن سيستوجب على ممثل الجماعة القانوني في القضية أن يواجه تلك الأسانيد أمام المحكمة. وأضاف «التقرير يعني أن هذه الجماعة لا تخضع لإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، وبالتالي فلا تنطبق عليها شروط الجمعيات الخيرية، كما أن القانون لا يسمح بجمعيات ذات طابع ديني».
وجاءت الخطوة بينما كانت الذراع السياسية للجماعة، ممثلة بحزب الحرية والعدالة، تحاول عبر نوابها في مجلس الشورى إمرار قانون جديد للجمعيات الأهلية، وهو ما أوضح نائب رئيس مجلس الدولة أنه «سيمنح الجماعة الشرعية، وبالتالي فأي حكم قضائي يصدر ضدها قبل هذا التوقيت سيلغي وجودها السابق لا اللاحق، لكنه بالتأكيد سيسدّد ضربة قوية لمصداقيتها، معنوياً على الاقل».
وبينما اعترف مصطفى الغنيمي، وهو عضو في مكتب الإرشاد في الجماعة، في حديث مع «الأخبار»، بأن الجماعة لم تتقدم بالفعل إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لتصحيح أوضاعها، لكونها تعلم استحالة الحصول على تصريح في ظل القانون الحالي، نقل موقع «اليوم السابع» عن مصادر رفيعة المستوى في الجماعة أن الجماعة قوننت وضعها قبل أيام طبقاً لقانون الجمعيات الأهلية الجديد، وحمل رقم إشهار الجماعة رقم 644. هذا التضارب في أقوال قيادات الجماعة، بعد صدور التقرير، توقع معه كمال الهلباوي، وهو قيادي منشق عن الإخوان، في حديث مع «الأخبار»، أن يدفع الكثير من الأطراف إلى الطعن في شرعية حزب الحرية والعدالة كذراع سياسية لجماعة غير شرعية أصلاً»، ولا سيما في حال صدور حكم يؤيّده من المحكمة المنتظر أن تبحث في القضية خلال أيام. كذلك سيشجع على الطعن «في شرعية الانتخابات الرئاسية». وهو ما ذهب إليه أيضاً خالد داوود، المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني. الأخير أوضح لـ«الأخبار» أن التقرير «يمكن استغلاله بشدة في الدعاية ضد الجماعة التي تواجه حالة من الإنكار تمنعها من الاعتراف بتراجع شعبيتها وعجزها عن إدارة الدولة». هذا العجز الذي يتجسّد في أكثر من أزمة تتخبّط فيها مصر، وأحدثها العنف الأهلي، رفض الغنيمي أن تربط به محاولة وزير العدل الاعتذار عن منصبه. ورأى أن هذه المحاولة «لا تمس قوة نظام الحكم من قريب أو بعيد»، فهو مشهد متكرر ومعتاد في كل دول العالم».