جرياً على الحواجز التي تنشرها قوات العدو الإسرائيلي في أرجاء الضفة المحتلة، وتسمى «محسوم» في كلمة منقولة عن العبرية، أقامت أجهزة الأمن الفلسطينية، أمس، حواجز على المداخل المؤدية إلى مدينة رام الله، من أجل منع مسيرة ضخمة دعا إليها المعلمون الفلسطينيون المعتصمون أمام مقر مجلس الوزراء الفلسطيني، ضمن سلسلة فعاليات احتجاجية للمطالبة بتحسين ظروف المعيشة وتلبية حقوقهم الوظيفية كغيرهم من العاملين في القطاع الحكومي (راجع عدد الاثنين).في الوقت نفسه، منعت أجهزة السلطة حافلات تقلّ معلمين من جنين ونابلس، شمالي الضفة، وحافلات أخرى من الخليل وبيت لحم، جنوبيها، من التحرك إلى رام الله، فيما كان رجال هذه الأجهزة يدققون في بطاقات الهوية الخاصة بالمواطنين لمنع المعلمين من الوصول إلى مكان الاعتصام. فضلاً عن حشد عدد كبير من قوات الأمن أمام مبنى رئاسة الوزراء.
وبرغم الحواجز والتدقيق في الهويات واحتجاز بعض المعلمين، وهي إجراءات لاقت استنكاراً كبيراً في ظل فقدان المواطنين الأمن الشخصي بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، لم تستطع أجهزة الأمن الفلسطينية منع المسيرة التي تجمع فيها من تمكن من الوصول إلى مقر مجلس الوزراء، للتظاهر والنداء بتلبية حقوقهم. تقول إحدى المعلمات إنها وصلت إلى رام الله بعد أربع ساعات من المحاولة، مضيفة: «لست مجرمة ليفعلوا كل هذا. نحن هنا للمطالبة بكرامتنا كما غيرنا من الوظائف الحكومية، هذا حقنا ونحن لسنا محزبين ومطالبنا إنسانية».
ويستمر آلاف المعلمين في الضفة بإضرابهم للأسبوع الثاني على التوالي والامتناع عن الدوام المدرسي، فيما ترى «فتح» أن «حماس» تقف وراء هذا الاحتجاج.
وكانت «لجنة التنسيق المطلبية للمعلمين»، عن محافظات الوسط والشمال، التي صارت بديلاً من النقابة المهنية (الاتحاد العام للمعلمين) المتهمة بأنها تساند السلطة ضد المعلمين، قد أكدت مواصلتها في احتجاجاتها حتى تحقيق مطالب المعلمين، ومنها: رفع طبيعة العمل لتصل إلى 90% كمتوسط لما تحصل عليه باقي قطاعات العمل الأخرى، على أن تكون زيادة متدحرجة بنسبة 10% زيادة سنوية، لتكتمل بعد خمس سنوات. أما المطلب الثاني، فهو إقالة الأمين العام لـ«اتحاد المعلمين» وأمناء سر الفروع، وتعيين لجنة تحضيرية للبدء بعمل انتخابات مبكرة، تنجز قبل انتهاء الفصل الدراسي الجاري، كما يطلب تعديل القانون الداخلي حتى يسمح للمعلمين بالترشح والانتخاب، دون قيد أو شرط.
ومن الطلبات أيضاً: صرف علاوة المخاطرة للمعلمين وعدد من الوظائف الأخرى في المدارس، بنسبة 25%، وأيضاً صرف غلاء المعيشة والعلاوة السنوية بأثر رجعي من بداية استحقاقها، وصولاً إلى تحسين قانون التقاعد ليضمن حياة كريمة للمعلم أسوة ببقية الوزارات، ونهاية تطبيق كل بنود الاتفاق الذي وقعته الحكومة واتحاد المعلمين المخلوع متضمناً علاوة طبيعة العمل.
أما في مسيرة أمس التي سمّاها المعلمون مسيرة «الخمسين ألف»، وبعد ساعات من الانتظار والهتافات تحت البرد، لم يستجب أحد من الحكومة، ولم تخرج أي شخصية من مجلس الوزراء، بل اكتفت الحكومة ببيان لوسائل الإعلام جددت فيه التزامها تنفيذ ما اتفقت عليه مع «اتحاد المعلمين» ووعدت بتطبيقه اعتباراً من الشهر الجاري، وهو ما رفضه المعلمون. كذلك طلبت الحكومة من المعلمين الحفاظ على الاتحاد المنتخب، وناشدتهم «العودة الجادة والمسؤولة إلى العمل، وإكمال رسالتهم المقدسة لخدمة الطلبة».
إلى ذلك، قالت مديرة «شبكة المنظمات الأهلية»، دعاء قريع، إن «الإجراءات التي اتخذت لمنع المعلمين من الوصول إلى رام الله للاحتجاج السلمي أمام مقر مجلس الوزراء... انتهاك صارخ لكل الحقوق التي كفلها القانون بما فيها الحق في التعبير عن مطالبهم بحماية النقابات».