من الصعب الفصل بين تقديرات جيش العدو الإسرائيلي، الذي يرى إمكانية التوصل إلى تسوية بعيدة المدى مع حركة «حماس» في قطاع غزة ممكنة، وبين المعطيات التي تتوالى عن المفاوضات التركية ــ الإسرائيلية، خاصة أن من ضمن هذا الاتفاق المفترض إقامة مرفأ بحري تابع للقطاع.
وبرغم أن رئيس الأركان الحالي، غادي ايزنكوت، مثل سابقيه، لا يرى أن دوره التوصية بمسارات سياسية، أمام المستوى السياسي في إسرائيل، بل الاكتفاء بالإشارة إلى الأماكن التي يشخص فيها فرصاً لعمل سياسي ما، ذكرت القناة العاشرة أنهم في الجيش شخصوا خلال الأشهر الأخيرة، عدة فرص للتوصل إلى اتفاقات مع كيانات فلسطينية.
ويلفتون في الجيش إلى أن ذلك ممكن مع غزة، في ضوء أن «حماس المخنوقة تخشى من الانهيار، وتضع أمام إسرائيل اقتراح وقف النار طويل المدى مقابل إقامة مرفأ».
إلى ذلك، يقدرون في الجيش أنه في ظل غياب اتفاق، فإن «المواجهة مسألة وقت، وليس الكثير من الوقت». ويرون أيضاً أن الاتفاق لا يضمن استقراراً وهدوءاً فقط، بل أيضاً اتفاقاً يمكن الجيش أن يتعايش معه من الناحية الأمنية.
وفي كلية الأمن القومي، أعدوا ورقة عمل تتناول آليات رقابة يمكن تطبيقها على مرفأ كهذا، من أجل ألا يستخدم لتهريب السلاح. أما في حال عدم التوصل إلى تسوية، فإن المواجهة المقبلة في غزة هي مسألة وقت، وليس الكثير من الوقت.
مع ذلك، لا تتعلق المسألة بغزة فقط، بل أيضاً بشمال الضفة، التي لا يوجد فيها استيطان يهودي، ويمكن أن تكون منطقة «تجريبية» للتسوية مع السلطة الفلسطينية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أريحا. وتفيد التقارير بأنه برغم الفرص التي يشخصها الجيش، لا يوجد في المستوى السياسي من يجرؤ على تسويق اتفاق كهذا أو تجربته.
وساد نوع من التوتر خلال جلسة لجنة «الخارجية والأمن» التابعة للكنيست، خلال مثول رئيس الاستخبارات العسكرية، اللواء هرتسي هليفي. ووجهت عضو الكنيست تسيبي ليفني سؤالاً إلى رئيس الاستخبارات حول ما يساعد على مواجهة موجة الإرهاب. وقال هليفي إنه لن يتناول ما يقال في المجلس الوزاري المصغر، وعاد ليؤكد أنه لن ينجرّ إلى سجالات سياسية. مضيفاً أن موقف الأجهزة الأمنية معروف منذ قبل أربعة أشهر، عندما حذرت من عدم التوصل إلى اتفاق سياسي.
وحول الحاجة إلى تعزيز الأجهزة الفلسطينية، قال هليفي إنه رغم أن عدداً من أعضاء أجهزة الأمن الوقائي نفذوا عمليات ضد إسرائيل، فإن غالبية هذه الأجهزة تمنع نشاطات معادية ضد إسرائيل. وقدر كذلك أن خطوات اقتصادية وزيادة حصص العمال الفلسطينيين سيساعدان في منع التدهور، ولكن من المشكوك فيه إلى أي مدى يمكن الاتفاق مع أبو مازن تعزيز مكانته، مع الأخذ بالحسبان أنه في عمر متقدم، هناك خشية من حصول انهيار في اليوم الذي يليه.