في كواليس لقاء أوباما ــ نتنياهو، أكد الرئيس الأميركي أن لا تدخّل عسكرياً في سوريا من دون قرار من مجلس الأمن، في وقت تجنح فيه عمّان نحو تنسيق متكامل مع «أصدقاء المعارضة السورية»، بينما لا تزال الرياض تريد إسقاط النظام السوري «مهما بلغت الأكلاف».
إذاً، لا نية للولايات المتحدة بالتدخل العسكري في سوريا، ما لم يصدر قرار عن مجلس الأمن. هذا هو التأكيد الذي صدر عن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمام رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في الجلسة المغلقة التي جمعتهما في القدس المحتلة أول من أمس.
وقال مصدر أميركي رفيع المستوى، لصحيفة «معاريف»، إنّ الرئيس أوباما أكد خلال جلساته مع القيادة الإسرائيلية، أنّ «التحدي الذي تشكّله سوريا، هو أكثر تعقيداً من التحدي الذي كان موجوداً في ليبيا». وبحسب المصدر، قدّم أوباما توضيحات عن الفوارق القائمة بين الحالتين؛ إذ أوضح أن «سوريا مؤلفة من مجموعات إثنية متنازعة في ما بينها، والجيش السوري أقوى بكثير من جيش (العقيد الليبي الراحل معمر) القذافي».
مع ذلك، يبقى العمل العربي والغربي على إسقاط النظام متواصلاً، كما الخشية من إسقاطه، والحؤول دون تداعياته السلبية. إذ نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر أمني أردني رفيع المستوى، قوله إن «شركات أمنية خاصة، بالتنسيق مع جهات استخبارية رسمية في ثلاث دول غربية، (قالت لاحقاً إنها أميركية وفرنسية وبريطانية) تشرف على تدريب السوريين في معسكرات تدريب سرية»، مشيرة إلى أنّ الهدف هو «إعداد سريع لـ15 ألف جندي وضابط انشقوا عن الجيش النظامي، من أجل ضمهم للمتمردين المعتدلين، للقتال ضد (الرئيس بشار) الأسد، وأيضاً لقتال الإسلاميين المتطرفين».
ونقلت الصحيفة عن المصدر الأردني تأكيده ثبات الموقف السعودي من مواصلة العمل على إسقاط النظام، ودفع كل تكلفة مالية تحقيقاً لذلك؛ إذ أشار إلى أنّ «السعوديين بيّنوا لنا أنه لن تكون هناك حدود للنفقة، بهدف القضاء على حكم الأسد».
وتنقل الصحيفة عن «خبير أردني» آخر، قوله إنّ «هناك اتفاقاً في ما بين المستشارين الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين، وبتعاون مع قادة الجيش والاستخبارات في الأردن، على أنه لا يجوز إخراج السلاح الثقيل في المرحلة الحالية، وإدخاله إلى سوريا»، مشيراً إلى أنّ «هناك خشية من أن يقع هذا السلاح في أيدي الإسلاميين، ومن شأن ذلك أن لا يحرق سوريا وحسب، بل أن يتسلّل إلى داخل الأردن».
ويقول خبير أردني آخر للصحيفة إنّه «إذا استثنينا العراق، الذي يحتله الإيرانيون، يمكن القول إن هناك تنسيقاً وتبادل معلومات بين جهات استخبارية لدى الدول المحيطة بسوريا». ويضيف أنه «يجوز القول أيضاً إنّ تغيير السلوك الأردني تجاه سوريا أفضى إلى تحسين العلاقات السرية بين قصر الملك في عمان، وديوان رئيس الحكومة في القدس».
وفي موقف مكرّر (أ ف ب، رويترز، أ ب، الأخبار)، حذّرت فرنسا وبريطانيا من أنّ السلطات السورية مستعدة لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المعارضة المسلحة. جاء هذا التحذير في رسالة وجهها وزيرا الخارجية الفرنسي والبريطاني لوران فابيوس وويليام هيغ إلى المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، معتبرين أنّ «الأزمة تصبح أكثر خطورة على الاستقرار الإقليمي».
بالمقابل، ترى موسكو أنّ من السابق لأوانه الخروج باستنتاجات ما لم تثبت حقائق استخدام السلاح الكيميائي في سوريا. وقال نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف: «يجب علينا زيارة موقع الحادث وتقويم كل شيء ميدانياً». وأضاف: «نحن نرحب ببدء التحرك في هذا المسار واتخاذ قرار بالتحقيق في الأمر من قبل الأمين العام للأمم المتحدة». وأوضح ريابكوف أنّ «المهم بالنسبة إلينا أمر آخر، وهو جعل النزعة الحالية الرامية إلى تدهور الوضع في سوريا وتعزيز مواقف القوى الراديكالية في معسكر المعارضة ضمن جعلها تتوقف وتنعطف نحو أمر تدعو روسيا دوماً إلى تحقيقه، وهو إقامة حوار بين الجانبين المتنازعين».
من جهة أخرى، رأى ريابكوف أنّ مسألة دعم حكومة دمشق «غير مطروحة بالنسبة إلى روسيا»، موضحاً: «نحن لسنا محامين في قضية الرئيس الأسد». وأضاف أنّ الوضع في سوريا سيكون على جدول أعمال قمة «مجموعة بريكس» المقبلة. وأضاف، في حديث لإذاعة «صوت روسيا»، أنّ «الأهم في الأمر هو التمسك بعدم الانحياز»، مضيفاً أن «أولئك الذين يملكون نفوذاً أكبر في أوساط المعارضة السورية عليهم، بطبيعة الحال، أن يبذلوا مزيداً من الجهود لإقناعها بضرورة إقامة الاتصالات مع السلطات».
في السياق، ذكرت صحيفة «ذي تايمز» البريطانية أنّ خبراء بريطانيين في مجمع «بورتون داون» للبحث العلمي العسكري التابع لوزارة الدفاع يدرسون عينات من تربة منطقة خان العسل في ريف حلب، التي تقول الحكومة والمعارضة السورية إنها تعرضت لهجوم كيميائي. وأوضحت الصحيفة أن بريطانيا حصلت على هذه العيّنات في عملية سرية شارك فيها جهاز الاستخبارات البريطاني «MI6». في موازاة ذلك، تجاوز مجلس الأمن الدولي خلافاته حول سوريا، أمس، وتوصل إلى توافق نادر، وصاغ بياناً أدان فيه الاعتداء الانتحاري في جامع الإيمان في دمشق، رغم أنّه لم يوجّه أصابع الاتهام إلى أي جهة. وأدانت إيران «استشهاد رجل الدين محمد سعيد رمضان البوطي الذي قتل مع طلابه في عمل وحشي للمجموعات المتطرفة».
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية الفرنسية «الهجوم الانتحاري الذي استهدف المسجد»، مؤكدةً «التزامها مكافحة الإرهاب». وأعربت عن ترحيبها لإدانة رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد معاذ الخطيب «لهذا العمل البربري».
وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، «بأشدّ العبارات» التفجير الذي استهدف المسجد في دمشق. وطالب، في بيان، «بضرورة الإسراع في متابعة مقترف هذه الجريمة النكراء».
في سياق آخر، تبنّى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قراراً مدّد سنة إضافية مهمة لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول الوضع في سوريا. وعارضت فنزويلا وحدها المشروع، مشيرةً إلى أنّ الذين أيدوا القرار يريدون «تغيير النظام» في سوريا. من جهته، رأى سفير سوريا لدى الأمم المتحدة، فيصل خباز حموي، أنّ القرار «متحيّز»، مشيراً إلى أنه كتب لـ«تسييس الوضع» في بلاده. ووصفت وزارة الخارجية الروسية القرار بأنّه مسيّس وأحادي الجانب. ورأت موسكو أنّه «مرة أخرى، حُمِّلت دمشق وحدها المسؤولية عن العنف».
في سياق آخر، اجتمع رئيس «الحكومة المؤقتة» للائتلاف المعارض غسان هيتو مع وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في أنقرة، أمس، وقدّم الشكر على الدعم الذي تقدمه تركيا. بدوره، قال داوود أوغلو إنّ تركيا تقف بجانب الشعب السوري، منذ قيام ثورته، قائلاً: «نحن وقفنا وسنقف دائماً مع الشعب السوري ونحترم قرارات المعارضة». وأضاف أنّه يعتقد أنّ المجتمع الدولي والجامعة العربية سيأخذان في الاعتبار خطوة تشكيل حكومة مؤقتة تمثل الشعب في المحافل الدولية.
إلى ذلك، وصل رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد معاذ الخطيب إلى القاهرة، أمس، في زيارة تستغرق ساعات عدة يلتقى خلالها عدداً من المسؤولين، بينهم الموفد العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي.